الاتفاق على الحدود البحرية؟ على لبنان أن يتصرف كدولة أولاً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مرّ خمسون عاماً تقريباً، منذ أعلنت قيادات فرع "تيفل" في الموساد - المسؤول عن العلاقات السرية الإسرائيلية - جهلها كل ما يخص جارتنا الشمالية. هذا الجهل ساعد على تنمية جنون العظمة لدى وزير الدفاع حينها، أريئيل شارون، الذي خطط لفرض "ترتيبات جديدة في لبنان" - تنصيب رئيس صديق لإسرائيل، وتوقيع اتفاق سلام منفصل بين الدولتين. دولة إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً بسبب هذا الجهل، إذ قُتل مئات الجنود وأصيب الآلاف، بعضهم يعاني جرّاء إعاقة مدى الحياة.
  • عندما قرأت المقال الذي كتبه المتعلمان الاثنان، د. بني سبانيير والبروفيسور شاؤول حوريف "نعم لاتفاق مع لبنان بشأن الحدود البحرية" (مترجَم في عدد النشرة الحالي)، وصلت إلى الاستنتاج المؤسف أن أشخاصاً مهمّين في إسرائيل، بينهم باحثون معروفون، إلى جانب الوزيرة كارين ألهرار ووزراء آخرين، لم يتعلموا شيئاً من الإخفاق الإسرائيلي في لبنان، ويستمرون في التعامل معه على أساس أنه دولة.
  • لبنان ليس دولة، ولا يتصرف كدولة. لبنان هو مجموعة من الطوائف، والفصائل، والعائلات، والمصالح، التي يجمعها شيء واحد فقط، وهو الكراهية فيما بينها.
  • محاولة الوصول إلى اتفاق بشأن "المياه الاقتصادية" بين إسرائيل ولبنان، والاعتقاد أن اتفاقاً كهذا سيدفع قدماً بالعلاقات بين الدولتين ويقوّي الأمن، ليس إلا وهماً. المحادثات مع اللبنانيين من خلال المبعوث الأميركي الذي يحمل معه "رسائل مشجعة" - مثل كل اتفاق أو موافقة من لبنان من دون موافقة "رب البيت" أي حزب الله - هي فاقدة للمعنى والصلاحية. حتى ولو أعطى حسن نصر الله موافقته، فهذه الموافقة صالحة للّحظة التي منحها فيها. التعامل مع الاتفاق مستقبلاً سيتقرَّر بحسب "المصلحة الإيرانية".
  • الاعتقاد أن مشاركة لبنان أرباح استخراج الغاز سيحسّن الوضع الاقتصادي للـ"دولة" والمواطنين الذين يعانون، في أغلبيتهم، جرّاء الفقر المدقع، هو وهمٌ ناجم من عدم المعرفة التام بسلوك السلطة اللبنانية. حكومة إسرائيل، والخبراء، وكتّاب المقالات على اختلاف أنواعهم، وكذلك الأمر المبعوث الأميركي ذاته، لا يختلفون عن المسؤولين في "تيفل" منتصف القرن الماضي. لا يفهمون أن كلمة OK في لبنان لا تشير إلى موافقة أو اتفاق، إنما هي في أفضل الأحوال مرادفة لكلمة "إن شاء لله".
  • على إسرائيل أن توقّع اتفاق "المياه الاقتصادية" كما ينصّ القانون الدولي. لكن الاتفاق، كما هو معروف، يجب أن يتم توقيعه مع دولة، وليس مع "عصابات إجرام وإرهاب". على حكام لبنان أن يفهموا، وعلى القيادة الإسرائيلية أن توضح للبنان، بكل طوائفه وقياداته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حكام إيران والإدارة الأميركية، أن دولة إسرائيل تعترف بالحاجة إلى توقيع اتفاق لتوزيع الموارد الطبيعية بين الجارات، ولذلك، يجب على لبنان أن يعود أولاً ويتصرف كدولة. بما معناه، عليه احترام سيادة جاراته. كل طريق أُخرى، يجب أن يكون من الواضح أنها ستؤدي إلى ضربة قوية جداً من إسرائيل، وإلى ردّ سيؤدي إلى تدمير كامل للبنان.
  • إمكانية واحدة، مثلاً، هي أنها، ومن اللحظة التي تبدأ فيها إسرائيل باستخراج الغاز، تتم إقامة صندوق تديره الإدارة الأميركية، بمشاركة السعودية والإمارات، وتضع فيه إسرائيل كل فترة يتم الاتفاق عليها مسبقاً، مبلغاً من المال يساوي حصة لبنان. وبعد الوصول إلى تفاهمات وتوقيع اتفاقيات إضافية مع لبنان بخصوص العلاقات فيما بينه وبين إسرائيل - يتم تحرير الأموال، ويحصل عليها.
  • هذا الأمر يمكن أن يشجع لبنان على اتخاذ خطوات مختلفة عن تلك التي اتخذها خلال عشرات الأعوام الماضية إزاء إسرائيل.