يجب الوصول إلى تسوية في كل ما يتعلق بإصلاح الجهاز القضائي، لأن الثمن لا يُحتمل
تاريخ المقال
المصدر
- صدق رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ. فنحن نقترب بخطوات كبيرة من نقطة اللا-عودة. آسف، ليس فقط بخطوات كبيرة، إنما بسرعة مجنونة أيضاً. وللحقيقة، نحن تقريباً أصبحنا هناك. الحجارة الصغيرة على الهامش بدأت تتساقط إلى قلب الهاوية. لا نسمع صوتها لأن الهاوية عميقة، ولكن لا يجب أن نسمح للصمت بتضليلنا. السؤال الوحيد الآن هو هل سننجح في التوقف لحظة قبل السقوط؟ خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، تحدثت مع المئات من معارضي التغييرات القضائية، بعضهم يسمى "قيادات الاحتجاجات". يعتقدون أنني والزملاء الذين قدمنا مقترحاً للتسوية، مخطئون. وأنه ممنوع الدفع في اتجاه مفاوضات توقف الانجراف.
- المعارضون للتسوية، أيّ تسوية، ينقسمون إلى مجموعتين. المجموعة الأولى تعتقد أنه إذا لم نتردد، فإن نتنياهو نفسه سيوقف المسار ويضع الإصلاحات جميعها في صندوق ياريف ليفين. الخلاف معهم ليس فقط تكتيكياً. أنا مؤمن-وكما كتبت هنا سابقاً-بأن وقف المسار الناتج من الخضوع، سيكلف المجتمع الإسرائيلي أثماناً باهظة. داعمو الإصلاحات القضائية سيعتقدون أن تصويتهم في الصندوق لا يعني شيئاً، وأن هناك فئات قوية تلغي تصويتهم. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نفور نهائي من الديمقراطية. وفي المقابل، إذا نجحنا في وقف المسار التشريعي، أو إبطاء سرعته عبر التسوية-فيمكن منع ذلك. هذا بالإضافة إلى أن مجرد الدخول إلى غرفة الحوار، وهو ما يمكن أن يحدث غداً، سيقلل بشكل كبير أضرار الكراهية والاستقطاب الذي تغلغل داخل المجتمع الإسرائيلي، وهي أضرار تتفاقم بمرور كل يوم.
- هناك مجموعة أخرى تعتقد بصراحة أن هناك إيجابيات في السقوط إلى الهاوية. يعتقدون أن شيئاً إيجابياً سيخرج من القاع-عندما نكون جميعنا في القاع-سنستطيع صوغ نظام حُكم ليبرالي لعشرات السنين. بحسبهم، الآن هناك فرصة فريدة في تحويل الأزمة إلى رفاهية وإنقاذ. أحدهم مثلاً قال لي إن "الضمادات التكتيكية في الانقلاب القضائي ستؤجل الأزمة الجوهرية لسنوات طويلة، حينها سنكون أضعف. ولن يكون مجدياً." هؤلاء لا يكتفون بالعودة إلى واقع ما قبل 3 كانون الثاني/ يناير، قبل ولادة الإصلاحات القضائية؛ فبسبب الاحتجاجات يشعرون بأن هناك فرصة للحصول على ما هو أكثر، ويخافون من أن تغدو الأمور أصعب إن ضاعت، وذلك لأن الليبراليين والعلمانيين سيصبحون في المدى القريب أقلية من دون قوة. محاولة الوصول إلى تسوية الآن، حتى لو كانت جيدة-ستؤدي بنسائنا إلى الفساتين الحمراء والقبعات البيضاء، كما تؤدي بنا إلى المباركة قبل السلام.
- هم على حق في بعض الجوانب. الأزمة الحالية ليست بسبب شكل المحكمة العليا، أو صلاحيات المستشار القانوني للحكومة فقط، ولا مع نتنياهو أو ضده فقط. الأعداد الكبيرة لا تخرج بسبب هذه القضايا فقط، بل من أجل شكل الدولة قبل أن يتحول هؤلاء إلى أقلية. لذلك، هم يعارضون كل تسوية لا تضمن أن تكون قوة المحكمة العليا والمستشار القانوني للحكومة (التابع لهم) أكبر من قوة الكنيست الذي من المتوقع أن يكون "ضدهم". مطالبهم هي تقوية مكانة المحكمة العليا وتثبيت حقوقهم الليبرالية أكثر من الوضع القائم اليوم. رئيس الموساد السابق تامير باردو، لم يكن ملتبساً حين طالب بــ"تفوّق السلطة القضائية". فهو يعرف الفرق ما بين هذا وبين "تفوّق القانون". ببساطة، هو قال حقيقة ما يفكر فيه، ما يفكرون فيه.
- أتفهم كلياً خوفهم من الحياة في نموذج دولة عبرية فقيرة كـ "جمهورية جلعاد"، لكنني أعتقد أنهم يراهنون رهانات كبيرة جداً. الذين يعتقدون أن نتنياهو سيتوقف، يفهمون أيضاً أن هذا يمكن ألا يحدث، ونسقط جميعنا في الهاوية. أما الذين يعتقدون أن السقوط في الهاوية سيسمح لنا ببناء مسار علاجي الآن-ونحن لا نزال بقوتنا-يجب عليهم أن يفهموا أن السقوط قد يقتلنا. ببساطة وحرفياً.
- أنا أرفض كلا الرهانين، ولذلك مصمم على الاستمرار والعمل على مسودات مختلفة من التسوية مقابل الائتلاف والمعارضة أيضاً، ومقابل جزء من المحتجين، وللحقيقة، مقابل كل مَن لديه الاستعداد للمخاطرة وتحمُّل الهجوم-الذي سيبدأ بمجرد الاستعداد لتسوية مع قيادة الإصلاحات القضائية. وفي هذا الإطار، تم تحسين الكثير من النقاط الواردة في مقترح التسوية. وكما تعلمت من شريكي في صوغ مقترح التسوية، غيورا روزين، أحد مؤسسي قطاع التكنولوجيا العالية الدقة في إسرائيل، فإن المنتوج يتحسن في كل نموذج جديد. وهذا ما يجري الآن.
- مثلاً، في قضية تعيين القضاة. أذكر أن اقتراح التسوية هو التعيين بطريقة "سفينة نوح"، وذلك من خلال لجنة تضم 4 أعضاء ائتلاف؛ و4 أعضاء معارضة؛ و4 قضاة من المحكمة العليا. وفي كل مرة يتم تعيين قاضيين، واحد من طرف الائتلاف، والآخر من طرف المعارضة. وبمجرد طرح هذا الاقتراح، يوجد تنازُل عن الأغلبية المطلقة للائتلاف، لمصلحة تعادُل مع الأقلية. تم طرح تخوُّف من حق الفيتو المضاعف لدى رئيسة المحكمة العليا، لا يشجع على الاتفاق مع القضاة. لذلك، اقترحنا طريقة عمل أخرى: كلٌّ من الأطراف يختار لوحده، مرشحه يحصل على ولاية لمدة 5 أعوام في المحكمة العليا. وإن كان هناك موافقة من طرف أحد أعضاء المحكمة العليا في اللجنة، فيحصل على ولاية 7 أعوام. وإن كان هناك موافقة عليه من مندوبي القضاة في اللجنة، فيتم تعيينه حتى سن السبعين. ومرة أخرى، يمكن إعادة التركيب كما تريدون.
- وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى "فقرة التغلب". يقوم اقتراحنا على التفريق بين استئناف الأفراد الذين لحق بهم ضرر بسبب القانون، وبين الاستئناف الجماهيري. بشأن الحالة الأولى-سيكون هناك حاجة إلى أغلبية كبيرة جداً (80 عضو كنيست) من أجل التغلب على إلغاء المحكمة العليا، وبذلك تتم حماية حقوق الإنسان من دون أن تتدخل المحكمة العليا في السياسات العامة. ومنذ تمّ إعلان التسوية المقترحة من طرفنا، ونحن ننتظر اقتراحات تحسّن من الصيغة. بعضها تبنيناه فعلاً، كتشريع قانون يمنع فرض الالتزام بقرار الائتلاف الحكومي خلال التصويت على قضايا دستورية (قوانين أساس وحالات تغلّب).
- نحن مستمرون في العمل. وما يفرحني أن هناك غيرنا أيضاً مَن يعمل على مقترحات-في بيت الرئيس وخارجه-وجميعها مقترحات تسوية. في نظري، كل مقترح سيوقف الانجراف إلى الهاوية مبارك. الخسارات الكبيرة التي خسرتها في حياتي علمتني أن النهوض ليس مفهوماً ضمناً بعد السقوط، هناك ضربات لا شفاء منها، حتى بعد 40 عاماً. أتمنى أن تصدقوني من دون حاجة إلى أن نجربها سوياً.