إنهم يريدون الديمقراطية فقط داخل الخط الأخضر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • منذ بداية الاحتجاجات ضد الانقلاب الدستوري، وأنا جزء من مجموعة إسرائيليين تعمل على نشر مقولة أنه لا توجد ديمقراطية مع احتلال، بين المتظاهرين، وتقوم بتفسيرها. وكذلك نؤكد أنه من غير المعقول التظاهر من أجل هذا الموضوع، في ظل وجود ديكتاتورية عسكرية منذ 56 عاماً، على بُعد مسافة قصيرة جداً. طبعاً، أنا أدعم الديمقراطية الإسرائيلية، ولكن إذا كنا نتظاهر من أجلها، ومن أجل قيَمها، فعلينا في الوقت نفسه أيضاً المطالبة بإنهاء الحكم العسكري في الضفة الغربية. للأسف، أغلبية المتظاهرين لا تفهم ذلك، وبصورة خاصة قيادات الاحتجاجات. هم يريدون النضال من أجل الديمقراطية داخل الخط الأخضر، تلك التي ستكون جيدة لليهود حصراً. أما بالنسبة إلى الفلسطينيين؛ فليبقوا تحت حُكم ديكتاتورية عسكرية. بالنسبة إلى شكما برسلر [اسم مستعار]، فإن الفلسطينيين أقل أهمية. المهم أن تنمو الديمقراطية وتتطور في "عيمق يزراعيل" [مرج ابن عامر]، في الوقت الذي تنمو الديكتاتورية في حقول جنين.
  • خلال التظاهرات التي أقيمت يوم الأربعاء الماضي في شارع "كابلان" في تل أبيب، رفعت علميْ فلسطين وإسرائيل سوياً، بعد أن قمت بربطهما بمشابك. هناك مَن مدحني، لكن عدداً لا بأس به غضب مني، وهؤلاء صرخوا في وجهي بأنني أضرّ بالاحتجاجات، وأن الوقت ليس ملائماً الآن. بعد ذلك بدقائق، وقفت مع آلاف الأشخاص وصرخنا: أين كنتم في حوارة؟ لحظة مهمة انتهت مع أول قنبلة هلع ضربت رأسي، ومن حُسن حظي، لم تنفجر في وجهي، إنما على الأرض. وها هي أدوات الاحتلال تصل الآن إلى تل أبيب، وهذه فقط بداية النظام الذي في قيد التشكل في إسرائيل.
  • بعد ذلك بيومين، سافرت مع نحو 500 إسرائيلي لزيارة تضامنية في حوارة - المكان الذي نفّذ فيه إرهابيون من اليهود بوغروماً [أعمال شغب وعنف] - نظمتها جمعية "نقف سوياً". أوقفنا الجيش في مفرق "تبواح"، على بُعد 4 كم عن البلدة، وأعلمنا بأننا لا نستطيع الاستمرار. الطريق بقيت مفتوحة للجميع - للإسرائيليين والفلسطينيين - إلاّ نحن، الذين نريد السلام، لا نستطيع العبور. حتى الآن، لا يوجد لدى أي أحد إجابة عن سبب منعنا من الدخول. هكذا هي حال الأمور في الضفة الغربية. الجيش يقرر، وانتهى الأمر، لا توجد حاجة إلى التفسير. لم نقبل هذا القرار غير القانوني الذي لا يمكن أن يُتخذ إلاّ في مناطق تحت سيطرة عسكرية، وبدأنا بالسير على الأقدام. بعد كيلومترين، اصطدمنا بقوات من الشرطة والجيش كانت مصممة على منعنا من الوصول، واستعملت القوة التي تضمنت الضرب، ومرة أُخرى قنابل الهلع.
  • ما العلاقة بين أمن دولة إسرائيل وبين عنف الجنود الذين يحاولون منع مجموعة من "نشطاء السلام" من الوصول إلى حوارة، حيث الطريق مفتوح للجميع؟ أين كان هؤلاء الجنود قبل ذلك ببضعة أيام، عندما هاجم مئات الإرهابيين اليهود البلدة ونفّذوا فيها بوغروماً في بيوت السكان؟ هذا السؤال الأخير سألته لضابط في المنطقة. أجابني بأنهم بشكل خاص كانوا موجودين حينها، وحتى أنهم نجحوا في توقيف 6 مستوطنين. طأطأ رأسه، يبدو أنه هو أيضاً لا يصدق نفسه. عندما يريد الجيش وقف حركة المواطنين، يستطيع القيام بذلك. ما يثبت ذلك هو نجاحهم في إيقافنا، بعد استخدام كافة الطرق الموجودة لديهم.
  • هناك علاقة مباشرة ما بين "بوغروم" حوارة وبين الانقلاب الدستوري الذي تقوم به حكومة إسرائيل. هؤلاء الذين يقودون الانقلاب دعموا "البوغروم"، إما من خلال التجاهل، وإما من خلال الإدانة الخفيفة، وهي أسوأ من الصمت. وهذا من دون الحديث عن وزير المال بتسلئيل سموتريتش الذي قال إنه يجب "محو" حوارة. هؤلاء جميعاً، يريدون أيضاً توسيع المستوطنات وتعميق الاحتلال في المناطق المحتلة، وهم معنيون بتوسيع إلغاء الديمقراطية إلى داخل إسرائيل أيضاً. على المتظاهرين أن يفهموا هذه العلاقة المباشرة، وأن يصرخوا بها من على كل منصة.
  • وبالمناسبة، إن كان هناك مَن يبحث عن طريقة لتقريب المواطنين العرب من الاحتجاجات، فها أنا أمنحه طريقة خاصة. كي تنجح الاحتجاجات، علينا أن نربط ما بين المطالب الديمقراطية الحقيقية داخل الخط الأخضر، مع كل قيمها، وبين الالتزام بإنهاء الاحتلال. وليس لاحقاً، بل الآن.