دائرة الدم في الأراضي الفلسطينية مستمرة وتكشف عن إشارات أولية إلى العلاقة بين نابلس وجنين، وملاحظتان بشأن احتجاج الطيارين ومسار تشريع قوانين خطة "الإصلاح القضائي"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • دائرة الدم في نابلس وجنين مستمرة، في وقت تتوطد العلاقات ما بين النشطاء الفلسطينيين المسلحين في البلدتين شمالي الضفة. أمس (الثلاثاء)، اقتحمت قوة تابعة للجيش وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] و"اليمام" مخيم جنين، للوصول إلى قاتل الأخوة الاثنين من مستوطنة "هار براخا"، هيلل ويغيل يانيف. اعتقدوا في "الشاباك" أن "المخرب" الذي أطلق النار من مسافة قصيرة في قرية حوارة قبل 10 أيام، هرب إلى المخيم ووجد ملجأً لدى النشطاء المحليين.
  • قُتل 6 فلسطينيين خلال تبادُل إطلاق النار، وأصيب ثلاثة جنود من "اليمام"، أحدهم بجروح متوسطة واثنان جروحهما طفيفة. تم تشخيص أحد القتلى الفلسطينيين، عبد الفتاح خروشة، بأنه المشتبه فيه بقتل الأخوين، وهو من سكان مخيم عسكر في نابلس. مصادر فلسطينية أشارت إلى أن خروشة في العقد الرابع، وهو أسير سابق تحرّر حديثاً من السجن الإسرائيلي، وكان ناشطاً في الجناح العسكري في حركة "حماس". وفي الوقت نفسه، اعتقل الجيش اثنين من أبنائه، أحدهما اعتُقل مع الأب في سنة 2019، بشبهة التخطيط لعملية ضد قوات الجيش في حوارة.
  • هروب خروشة من نابلس إلى جنين خطوة استثنائية نسبياً. والمفاجأة كانت في الأشخاص الذين تواجد معهم، كناشط في "حماس". كان من بين القتلى أيضاً أحد أعضاء الأمن الوطني التابع للسلطة الفلسطينية. منذ نحو عامين، هناك اتجاه متصاعد لعلاقات تتجاوز الولاءات الفصائلية يبنيها النشطاء - على أساس مناطقي - في جنين ونابلس بشكل منفصل. الآن، هناك إشارات إلى علاقات بين المدينتين أيضاً. وهذا كله يترافق مع تجاهُل للسلطة الفلسطينية، الضعيفة أصلاً في جنين ونابلس، ومع تحضير الأرضية لمواجهة عسكرية إضافية ممكنة مع إسرائيل.
  • بالأمس، وقعت حادثة أُخرى في حوارة، حين اعتدى المستوطنون على الفلسطينيين، وأصابوا بعضهم، وألحقوا أضراراً بالمركبات. وفي الوقت نفسه، أعلن مستوطنون أن مركباتهم رُشقت بالحجارة. هذه هي الحادثة الثانية بعد "البوغروم" الذي نفّذه المستوطنون في القرية بعد عملية الأخوة ينيف.
  • بعد المواجهات السابقة، وعد الجيش بأنه سيحقق في الحادثة، ويستخلص العبر. لكن كما يبدو اليوم أيضاً، الجنود لم يزعجوا المستوطنين. وأكثر من ذلك، تم نشر فيديو يظهر فيه الجنود وهم يرقصون مع المستوطنين في القرية - في وقت الهجوم - بمناسبة عيد المساخر. الجيش فشل بشكل كبير في منع "البوغروم" الأسبوع الماضي، واعترف بذلك. حقيقة أنه لم يجرِ أي تحسُّن في التعامل مع الظاهرة، يمكن أن تدفع قائد هيئة الأركان هرتسي هليفي إلى بحث خطوات جدية أكثر.

الأمور أكثر هدوءاً [بشأن احتجاج الطيارين]

  • الطيارون الحربيون والموجهون من السرب 69 التابع لسلاح الجو، أعادوا التفكير في قرارهم. جنود الاحتياط الذين أعلنوا لقياداتهم في السرب في بداية الأسبوع أنهم لن يلتزموا بالتدريب الدوري المخطط لليوم، تراجعوا عن قرارهم ووافقوا على التسوية المقترحة من السلاح. جنود الاحتياط سيصلون إلى القاعدة، وبدلاً من التدريب، سيعقدون جلسة "لقاء مقاتلين" مع الضباط، في أعقاب الأزمة السياسية والدستورية واحتجاجات جنود الاحتياط في الجيش.
  • يمكن الافتراض أن قائد سلاح الجو اللواء تومر بار لم ينَم جيداً الليلة لأسباب تتعلق بالأخبار بشأن قصف مطار حلب الدولي في شمال سورية. هذا الصباح، وبعد تدخُّل مسؤولين سابقين في السلاح، تم التوصل إلى تسوية صادق عليها بار وهيئة الأركان. صحيح أن انتقادات كثيرة لجنود الاحتياط انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي بادّعاء أنهم تنازلوا، لكن يجب التذكير بالسياق الأوسع.
  • حتى الآن، لم تتخذ حملة الاحتجاجات التي قام بها الطيارون أي خطوة عملية فورية، إنما حذرت من أن جنود الاحتياط لن يستطيعوا الاستمرار في الخدمة إذا تم تمرير قوانين الانقلاب الدستوري. الخطوة الاحتجاجية التي قام بها طيارو السرب 69 جرت من دون انتباه منظّمي الاحتجاجات. لم يتم تنسيقها مسبقاً مع الطيارين في الأماكن الأُخرى، وخلقت شعوراً بالمواجهة الفورية مع هيئة الأركان والحكومة، وأدت إلى هجوم حاد على جنود الاحتياط من داعمي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الحكومة والإعلام.
  • في نظر بعض الجنود في السرب، كان هناك حاجة إلى تهدئة الأمور وكسب الوقت. على التسوية أن تبث رسالة مشتركة إلى جنود الاحتياط والمسؤولين في السلاح: النقاشات مستمرة، فجنود الاحتياط لن يحرقوا الجسور، ولن يقطعوا علاقتهم بالسلاح. وبالروح نفسها، التقى اليوم اللواء بار وضباط أسراب في السلاح، وهؤلاء سيلتقون لاحقاً جنود احتياط تحت قيادتهم. رئيس هيئة الأركان هليفي عقد اجتماعاً مشابهاً إلى جانب وزير الدفاع يوآف غالانت مع ممثلين للأذرع المختلفة في الجيش.
  • انتشرت أمس شائعات كثيرة تشير إلى أن ضغوطاً كبيرة تم تفعيلها على جنود الاحتياط من السرب 69، بدأت من نتنياهو نفسه، وتبعته قيادات الجيش، مع تهديدات كبيرة بمقاضاة المشاركين في الاحتجاجات عسكرياً، إن لم يتراجعوا. ضباط كبار لهم علاقة باحتجاجات الاحتياط، وليسوا من داعمي الحكومة، أنكروا هذا، وادّعوا أن الاتفاق يعكس فهماً مشتركاً لبار وجنود الاحتياط.

مسار التشريع السريع مستمر

  • تركز قيادات التظاهرات على التظاهر بالقرب من منازل وزراء حزب الليكود، الذين يعتقدون أنهم يمكن أن يكونوا أكثر ليونة، وأن يحيدوا عن الخط الذي وضعه رئيس الحكومة. وفي هذا السياق، تم تنظيم تظاهرات مقابل منزل آفي ديختر ونير بركات وغالانت. في حالة ديختر وغالانت، المحتجون يكثرون من تذكيرهما بالخلفية الأمنية المشتركة، ويطالبونهما باتخاذ موقف مبدئي ضد الانقلاب الدستوري. نائبان من الليكود، يولي إدلشتاين وداني دانون، عبّرا عن استعدادهما للتنازل، وتم التعامل معهما على أنهما هدف لجهود الإقناع.
  • السؤال المركزي هو: هل سيتجرأ بعض هذه الجماعة أو كلها على اتخاذ موقف مستقل ضد نتنياهو؟ بعض الوزراء وأعضاء الكنيست من الليكود يعتقدون أن نتنياهو ذهب بعيداً جداً عندما دفع وزير العدل ياريف ليفين. ولكن حتى اللحظة، لم يخرج أحد، علناً، بطلب واضح لوقف المسار التشريعي. وفي الوقت نفسه، يستمر الحوار بشأن "مبادرة الرئيس" التي نُشر منها بعض الصيغ في الإعلام أمس وأول أمس. ووصف قانونيون ومسؤولون في المعارضة المقترح بأنه يتضمن بعض نقاط الضعف، لكنهم لا يرفضونه كلياً. وعلى عكسهم، بعض الشخصيات البارزة في الاحتجاجات ترفضه كلياً.
  • نية نتنياهو وليفين كانت استكمال تشريع القوانين المركزية في الخطة قبل خروج الكنيست إلى إجازة عيد الفصح في مطلع نيسان/أبريل. حتى الآن، يبدو أن نتنياهو لا يزال متمسكاً بمسار التشريع، وظهوره العلني، مؤخراً، ركّز على انتقاد المتظاهرين والرافضين للخدمة العسكرية، ولم يتضمن أي إشارة بشأن التوصل إلى اتفاق ممكن.
  • يبدو أن الواقع يحاصره من جميع الاتجاهات: تصعيد في الضفة؛ تهديدات برفض الخدمة العسكرية المتصاعدة في الجيش؛ الاحتجاجات التي تتوسع (وتتم تغذيتها دائماً عبر هجوم التابعين له)؛ الأزمة الاقتصادية المقبلة؛ الانتقادات الموجهة إليه من جانب حكومات غربية. في هذه الظروف، السؤال هو عمّا إذا كان نتنياهو سيتراجع في نهاية المطاف، ويقوم بتجميد المسار التشريعي عدة أسابيع، وهي خطوة يمكن أن تحدث بسبب إجازة العيد، وتمنح المفاوضات الجدية بين الطرفين أكثر من شهر.

 

 

المزيد ضمن العدد