الاحتجاجات الحالية لن تكون كافية ووجهتنا ينبغي أن تكون نحو العصيان المدني
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • على ماذا نقاتل؟ نحن نقاتل على سلطة القانون: قانون عادل، منطقي، متوقع ومستقر لجميع مواطني إسرائيل، من دون فرق في المكانة السياسية، والإثنية، والطموحات السياسية، أو المصالح الضيقة. قانون يعكس سلّم مبادئ إنسانياً، ليبرالياً، متسامحاً، ويسمح للإنسان البسيط بالتعامل مع انغلاق السلطات، أو عدوانيتها.
  • نحن نقاتل على الديمقراطية: ديمقراطية حقيقية تعكس خيار الأغلبية، وليس قمعها؛ توازن بين السلطات؛ فيها إعلام حر وليس إعلاماً تابعاً؛ فيها دفاع عن حقوق الأقليات والأفراد؛ وتقوم بتوزيع الموارد التي ننتجها بجد بصورة عادلة.
  • إننا جميعاً - المشاركون في الاحتجاجات ومَن يدعمها - نتفق على أننا ندافع عن الديمقراطية وسلطة القانون. لكن هذا أيضاً هو الوقت للقول بصوت عالٍ وواضح إننا نقاتل على أمر إضافي، جوهري ومصيري، بالنسبة إلى إسرائيل، وهو شيء في صلب رؤية أكثر الأطراف مسيانية وأيديولوجية وكراهية، هؤلاء الذين يمنحون بنيامين نتنياهو القوة السياسية ويستعبدونه لتحقيق ما يريدون؛ نحن نقاتل ضد الضم.
  • علينا أن نقاتل ضد الضم. أو بلسان أكثر إيجابية، علينا أن نقاتل من أجل الانفصال عن الفلسطينيين، من أجل تحديد حدود إسرائيل، ومن أجل اتفاق سلام على أساس حلّ الدولتين، ومن أجل الدفع بهذا الحل، حتى من دون الوصول إلى اتفاق.
  • إن سلطة القانون، والديمقراطية، والانفصال عن الفلسطينيين، ثلاثة أعمدة للفكرة نفسها - الرؤية الصهيونية. لم نعد إلى أرضنا بعد 2000 عام في المنفى لنكون عبيداً فيها لسلطة فاسدة، ديكتاتورية وتمييزية. لم نعد إلى أرضنا كي نسيطر بقوة الذراع على ملايين الأشخاص الذين لا يريدون حكمنا، ولا يشعرون بالانتماء إلى أهدافنا الوطنية. يمكن الافتراض، بدرجة عالية، أن ضم الفلسطينيين سيؤدي، بعد فترة من الزمن، إلى تآكل إسرائيل من الداخل.
  • إن المعسكر الوطني الحقيقي اليوم هو هذا الذي يتظاهر بأعداد كبيرة ضد الحكومة. هذا هو المعسكر الصهيوني. فقط دولة فيها أغلبية يهودية صلبة لوقت طويل، يمكن أن تكون الدولة القومية للشعب اليهودي. فقط دولة فيها أغلبية يهودية صلبة قادرة على بناء جماعة قومية، تسمح بإقامة نظام حكم ديمقراطي عادل ومتوقع ومتساو. فقط دولة توجد فيها أغلبية يهودية صلبة تكون قادرة على بناء علاقات شراكة بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية - شراكة في إمكانات إقليمية واعدة لها علاقة بمستقبل وجود إسرائيل.
  • المعسكر الصهيوني هو نفسه المعسكر الديمقراطي، هو معسكر سلطة القانون، وهو معسكر المستقبل الذي يستمد وجوده من أساسات الفكر الصهيوني على مدار التاريخ، وهو المعسكر الذي عليه أن يدفع قدماً بالانفصال عن الفلسطينيين وتقسيم البلد، بأسرع ما يمكن.
  • لا يوجد هنا صراع شخصي ضد شخص فاسد، لديه مساعدون طموحون ضد سلطة القانون. لو كانت هذه هي القضية، لكانت الاحتجاجات وحدها ستخيف نتنياهو، وتدفعه إلى تبنّي نوع من أنواع التسوية القضائية التي تؤدي إلى تخلّيه عن الحكم وخروجه من السياسة، من دون أن يتوقف في سجن "معسياهو". إن الصراع أيديولوجي، مبدئي، جوهري، ويتطرق إلى القضية التي كانت السبب وراء أغلبية حالات العنف السياسي في إسرائيل منذ سنة 1967؛ القضية التي أدت إلى مقتل رئيس حكومة، وإلى مجازر يهودية بحق الفلسطينيين، وإلى إلقاء قنبلة بين الجمهور الذي يطالب بالسلام، وإقامة خلية يهودية هددت بإشعال الشرق الأوسط، وعدة حالات "إرهاب" ضد اليهود نفّذها عرب، وحالات عنف كلامي ومادي ضد اليهود.
  • لذلك، فإن الاحتجاجات لن تكون كافية. الجهات التي تسعى للضم، هي ذاتها الجهات السياسية الأكثر تصميماً وأيديولوجيةً وعنفاً، من دون ضوابط. من خبرتي الشخصية كقائد منطقة الضفة، وعموماً، إن الصراع معها لن يكون ممتعاً وراقياً، أو مخففاً. تفكيك الديمقراطية وتفكيك سلطة القانون ضروريان للضم، ولذلك، هما مهمان بالنسبة إلى كلٍّ من سموتريتش وروتمان وبن غفير وماعوز وأصدقائهم. لن يتنازلوا عن قدرتهم على تحقيق أهدافهم هنا، والآن.
  • علينا نحن، المعسكر القومي الحقيقي، المعسكر الصهيوني الحقيقي، أن نفهم أنه ومن دون عصيان مدني واسع، يتضمن تظاهرات كبيرة في منتصف الأسبوع، وإضرابات واسعة، على الرغم من تكلفتها العالية، لن نكون قادرين على وقف الحكومة وإبعادها عن سياستها المتطرفة والهدامة لمستقبل إسرائيل ومصير المشروع الصهيوني. هدفنا الأول يجب أن يكون وقف التغييرات في النظام القضائي، ومنع إغلاق هيئة البث العام الجديدة، ووقف الخطوات التي تدفع في اتجاه الضم في الضفة. على القيادة أن تضع أمامها أهدافاً إيجابية، وتستقطب المواطنين حول هذه الأهداف الواضحة، لتحقيق إنجازات معرفة مسبقاً، ثم تنمّي من داخلها بديلاً من الحكم ينقذ إسرائيل من المزيج ما بين الفساد والقومية المسيانية.