التوتر في الضفة امتد إلى أريحا؛ ويسبب صداعاً لنتنياهو حيال الولايات المتحدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • مدينة أريحا، ومخيم اللاجئين القريب منها، عقبة جبر، ليست من رموز الكفاح المسلح الفلسطيني. في الانتفاضتين، وأيضاً خلال فترات التوتر الأُخرى، كانت أريحا تدار بشكل منفصل عما يحدث في بقية مدن الضفة. خلال فترة "اتفاقيات أوسلو"، منحت إسرائيل السلطة الفلسطينية السيطرة على أريحا أولاً، إلى جانب غزة، لأنه إذا كان هناك حاجة، فسيكون من الممكن محاصرة المدينة ومنع "الإرهابيين" من الخروج منها.
  • لكن خلال الأيام العشرة الأخيرة، كانت المدينة في مركز اهتمام المؤسسة الأمنية. جرى هذا في أعقاب محاولة تنفيذ عملية فشلت: فلسطيني مسلح وصل إلى مطعم إسرائيلي على مفترق "ألموغ" جنوبي المدينة، أطلق رصاصة واحدة وهرب من المكان، بعد أن اكتشف خللاً في سلاحه. تحقيقات "الشاباك" أشارت إلى أنه عضو في خلية تابعة لـ"حماس"، وجد أعضاؤها مخبأً في مخيم عقبة جبر، وخططوا لعمليات إضافية، بحسب "الشاباك". خلال نهاية الأسبوع الماضي، دخلت قوة عسكرية إلى المخيم، وجرى تبادُل لإطلاق النار، أطلقت القوة خلاله صاروخاً ضد الدبابات. أصيب 6 فلسطينيين، لكن أعضاء الخلية نجحوا في الهرب.
  • فجر يوم أمس الإثنين، كان هناك محاولة إضافية لإيجادهم. اقتحمت قوات من الجيش و"الشاباك" المخيم، وخلال تبادُل إطلاق النار، قُتل 5 مسلحين فلسطينيين وأصيب اثنان، أغلبيتهم، كما يبدو، أعضاء في الخلية. ولم يكن هناك إصابات في الطرف الإسرائيلي. وفي حدث استثنائي، كانت القوة التي أصابت المسلحين تابعة لطاقم الدفاع عن الحدود، وهو عبارة عن وحدات مختلطة تخدم فيها نساء أيضاً، وشاركنّ في المعركة. الآن، تنتظر إسرائيل ما إذا كان هناك رد على هذا القتل، ويمكن أن يكون عبر إطلاق قذائف من قطاع غزة، أو عملية في الضفة. معدل القتلى الفلسطينيين في الضفة مرتفع، وهو أكثر من قتيل كل يوم منذ بداية العام، وفي الأسبوع الماضي، يبدو أن هناك تصعيداً على الحدود مع غزة، تضمن إطلاق قذائف وصواريخ ضد الطائرات وإطلاق نار. السؤال هو ماذا ستقرر "حماس"، هل سترد على قتل النشطاء المقربين منها، أو ستترك الحرية لعمل الفصائل الفلسطينية الأُخرى.

أدوات الضغط الخاصة بسموتريتش

  • قبل عدة أسابيع، التقى الوزير بتسلئيل سموتريتش مفوض الخدمة المدنية البروفيسور دانيال هرشكوفيتس ومسؤولين في المفوضية. الموضوع كان مطالبة سموتريتش بملء الوظائف الموجودة في الإدارة، والتي ستكون تحت خدمته كوزير في وزارة الدفاع ومسؤول عن موضوع المستوطنات في الضفة. وخلال اللقاء، أوضح الوزير خططه وطموحاته في وظيفته الجديدة التي سيشغلها، إلى جانب كونه وزيراً للمالية. وقال "صحيح أنني سأتواجد 4 أيام في مكتبي في وزارة المالية، ويوماً واحداً فقط في وزارة الدفاع. لكن لا تخطئوا الظن-مهمتي الأهم، في نظري، هي المهمة في وزارة الدفاع." وأضاف أن نشاطه في وزارة الدفاع سينعكس في "عمل استيطاني واسع"، يحدد مستقبل الاستيطان في الضفة لسنوات مقبلة.
  • يرون في وزارة الدفاع أن لدى سموتريتش أدوات تضمن له التنسيق معه: بصفته وزيراً للمالية، يسيطر على مفاصل الميزانيات. قبل عدة أيام، نشر سموتريتش في حسابه على "تويتر" صورة تجمعه مع كبار الموظفين في وزارته، في منتصف الليل. متابعون لديهم قوة ملاحظة قوية، كبّروا الصورة وكشفوا عمّا كُتب على اللوح في الوزارة مقابل سموتريتش: "زيادات لهيئة الأركان العامة". الجيش ينتظر مساعدة وزارة المالية منذ وقت طويل، بهدف تنظيم الزيادة في أموال التقاعد التي منحها قائد هيئة الأركان لكبار الضباط. وأشك في أن يكون نشر الصورة أتى بالصدفة.
  • بدأ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ولايته الحالية بهجوم تشريعي، الهدف منه ثورة قانونية في إسرائيل. الأمور تجري بسرعة، في الوقت الذي لا تزال فيه المعارضة والنظام القضائي في مراحل الاستيعاب. ولتحقيق ما يريد وإلغاء محاكمته الجنائية، يحتاج نتنياهو إلى شركائه في الائتلاف، إذ إن لكل منهم أجنداته السياسية ومصالحه. على نتنياهو أن يناور فيما بينهم، ويوازن بين عدة أهداف يحاول دفعها قدماً في الوقت نفسه.
  • إذا تنازل نتنياهو للنيابة العامة، فسيطالب المتظاهرون والقضاة بمفاوضات وحوارات جدية بشأن تنازلات (وليس تنازلاً زائفاً يدفع به رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ باسم نتنياهو). وسيكون عليه كبح جماح وزير العدل ياريف ليفين، الذي يمكن أن يستقيل في حال شعر بأنه لا يحصل على ما يريد. أما إذا أراد الانطلاق إلى الأمام بكل قوة، فسيكون عليه تطبيق الاتفاقيات الائتلافية ووعوده لكلٍّ من سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
  • إلا إن الدفع قدماً بالخطوات التي يطالب بها الاثنان يمكن أن يكلف نتنياهو مواجهة مع الإدارة الأميركية، وتصعيداً في الضفة. من الواضح للمؤسسة الأمنية أن سموتريتش يريد العمل بسرعة قصوى. لذلك، هناك تحضيرات لاجتماع أول لهيئة التخطيط العليا في الضفة، وبحسب التقديرات، الحديث يدور عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة-خطوة من المؤكد أنها ستورط الحكومة مع الإدارة الأميركية.
  • حقيقة أن إدارة بايدن لا تعتمد على وعود نتنياهو كانت واضحة في الخطوة الاستثنائية التي قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حين ترك هنا موظفة كبيرة في مكتبه، بربارا ليف، لتراقب خطوات الأطراف. نتنياهو، وعلى الرغم من الحكومة المتطرفة التي ألّفها، فإنه لا يزال يتبنى خطاً محافظاً في الساحة الفلسطينية، بعيداً جداً عن مواقف شركائه. ففي كل القضايا التي ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة-منع التصعيد في قطاع غزة، والتوتر في أوساط الأسرى "الأمنيين"، وكذلك إخلاء مستوطنة "أور حاييم"، وتأجيل إخلاء الخان الأحمر-اختار الإمكانية الأقل مواجهة.
  • وعلى عكسه، أراد بن غفير التصعيد: خلال "زيارته إلى المسجد الأقصى كوزير للأمن القومي؛ في مطالبته مصلحة السجون بالتضييق على الأسرى؛ في هدم المنازل "غير المرخصة" في القدس، وبالتحريض الثابت على العرب في إسرائيل. حتى أن بن غفير تفاخر بأنه منع عن الأسرى الفلسطينيين عن خَبز خبزهم بأنفسهم ونشر فيديو يتفاخر فيه بأنه يأكل خبزاً طازجاً، ويشرح أنه خلال ولايته لن يأكل الأسرى منه، ولن يحصلوا على هذا الامتياز.
  • ويجب الإشارة إلى أنه في الخلفية كان هناك توترات أصعب-وكانت تدور حول توزيع الأسرى القدامى بين السجون وعقاب الأسيرات اللواتي عبّرن عن فرحتهن بالعملية في حي النبي يعقوب في القدس. أنكر الوزير ومصلحة السجون أيضاً التوصل إلى تفاهمات مع الأسرى. واستناداً إلى التجربة، يمكن الافتراض أن الاستخبارات المصرية تدخلت، وأن المسؤولين الكبار في السجون من "الجهاد الإسلامي" و"حماس" حصلوا على رسائل تهدئة كانت منسّقة مع إسرائيل.
  • على الرغم من الزيارة الإيجابية التي قام بها نتنياهو لدى الملك عبدلله (علاقاتهم ليست جيدة)، يوجد تخوف في الأردن مما يجري في المسجد الأقصى، وبصورة خاصة من استفزازات بن غفير. خلال زيارته إلى المنطقة، ذكر بلينكن احتمال أن يزور نتنياهو واشنطن قبل بداية شهر رمضان في 22 آذار/مارس (نتنياهو أمِل بزيارة أقرب، يبدو أن الأميركيين يؤجلون الزيارة بسبب معارضتهم للثورة القانونية التي يقوم بها). الولايات المتحدة، كما الأردن ومصر، قلقة من احتمال التصعيد في القدس والضفة خلال شهر رمضان.
  • خلال اللقاءات في رام الله، خصص وزير الخارجية الأميركي وقتاً طويلاً لتخوفات الإدارة من إسقاطات ضُعف السلطة المستمر. حاول بلينكن دفع الرئيس العجوز محمود عباس إلى نشر قوات أجهزة الأمن التابعة للسلطة للعمل من جديد في جنين ونابلس. الفلسطينيون يتحدثون من جديد عن خطة "دايتون 2" الأميركية لنشر قوات الأمن في شمال الضفة، كاستمرارية لتدريب قوات الأمن الفلسطينية قبل 16 عاماً، بعد الانتفاضة الثانية.
  • لم يتم تطبيق إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل كردّ على ما قام به الجيش في جنين، حيث قتل 10 فلسطينيين في نهاية كانون الثاني/يناير. لا يزال الطرفان ينسّقان في القضايا الطارئة. إلا إن القطيعة السياسية بين السلطة وإسرائيل لا تزال كاملة. لا يوجد الآن أي بديل من القناة التي فتحها وزير الأمن السابق بني غانتس مع عباس. أغلبية الرسائل تمرَّر للسلطة عبر منسّق أعمال الحكومة و"الشاباك".
  • بحسب ما نشره ناحوم برنيع نهاية الأسبوع في "يديعوت أحرونوت"، فإن الإدارة الأميركية المتخوفة من التصعيد في الضفة، وتحاول وقف الثورة القضائية في إسرائيل، تبحث عن صفقة مع نتنياهو. وفيها، ستضمن الإدارة لرئيس الحكومة الدفع قدماً بالضغوط والخطة الهجومية ضد النووي الإيراني، ويساعدونه على تحقيق حلمه والتوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، وهو في المقابل، يكبح خططه في المجالين المذكورين سابقاً.

...