المحكمة العليا لم تُزعج الاحتلال يوماً
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • يدّعي الائتلاف الحكومي باستمرار، وبوقاحة إلى حد ما، أن المحكمة العليا "ناشطة"، لذلك هناك حاجة إلى "إصلاحات". ببساطة، هذا ادعاء كاذب، لأن المحكمة العليا لم تبدِ أي شجاعة أو نشاط إزاء أي من القضايا الكبيرة فعلاً. المثال الأفضل هو امتناع القضاة من إزعاج الاحتلال في الضفة: محكمة ناشطة كانت ستستعمل كل أداة ممكنة بهدف تغيير الوضع الخاص، المجنون، وغير القانوني بشكل مؤكد.
  • يمكن الاستمرار بالصراخ والقول "لا يوجد شعب محتل في أرضه"، لكن المجتمع الدولي لا يعترف إلاّ بدول لديها مساحة محددة جغرافياً. إسرائيل دولة محتلة لأنها تسيطر على الضفة الغربية على مدار 55 عاماً، بعكس إرادة السكان، ومن خلال قوّة عسكرية، ومن دون ضم وتجنيس للسكان. لا تضم، لأنها تريد الأرض ولا تريد السكان.
  • الاحتلال العسكري مصطلح معروف في التاريخ والقانون الدولي، وقد تعامل العالم الديمقراطي معه بجدية، وتم صوغ المحدّدات بشأنه في اتفاقية جنيف لسنة 1949، وميثاق الأمم المتحدة. وقد حددت الأمور التي يُمنع المحتل من القيام بها:
  • يُمنع نقل السكان المدنيين التابعين لقوة الاحتلال إلى المناطق المحتلة- وهو مبدأ يتم خرقه يومياً ومع كل مستوطن يُضاف.

 

  • يُمنع العقاب الجماعي. مثلًا يُمنع فرض إغلاق شامل رداً على عملية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نقل الأموال وفرض قيود على حرية الحركة كعقاب.
  • يُمنع أخذ رهائن، والكثير من الاعتقالات "الأمنية" يمكن أن توضع في هذه الخانة.
  • يُمنع تدفيع المجتمع الواقع تحت الاحتلال الثمن (الأشخاص الواقعين تحت الحماية، بلغة الاتفاقية) أو تخريب أملاكهم كإغلاق بيوت عائلات منفذي العمليات، أو اعتقال أقربائهم ، وطبعاً طردهم.
  • عملياً، المحكمة العليا لم تقم بأي شيء لمنع هذه الإجراءات، بل أكثر من ذلك، تعاونت مع من يقوم بها. إن أقصى ما يمكن قوله بشأن المحكمة هو أنها شكّلت سداً أمام أبشع الجرائم التي لا يمكن التغاضي عنها، وحاولت أن تحافظ على صورة "إنسانية" في إطار القانون الإسرائيلي (الذي لا يطبّق طبعاً على الضفة الغربية). وهكذا، أقنعت إسرائيل العالم بغض النظر. ولذلك مثلاً، لم تتم محاكمة ضبّاط الجيش في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
  • وعلى الرغم من التضليل، فإن المحكمة العليا رفضت بصورة منهجية جميع الطلبات بوقف إغلاق الطرق أمام الفلسطينيين ومنع وصولهم إلى أراضيهم بسبب الجدار الفاصل. وأبقت على القانون الذي جعل من مقاطعة بضائع المستوطنات مخالفة جنائية، كأنه لا حق للإنسان بحرية اختيار أماكن الشراء. هذا بالإضافة إلى أنها صادقت على حق المستوطنات بمنع المواطنين العرب في إسرائيل من السكن فيها. وبالمناسبة، قبل الاحتلال، لم تمنع المحكمة الحكم العسكري الذي تم فرضه على العرب في إسرائيل حتى سنة 1966.
  • خلال فترة ولايتي كرئيس لنقابة الصحافيين الأجانب في إسرائيل، كان لي دور في تقديم عدة استئنافات، وخصوصاً في مجال القيود المفروضة على التغطية الإعلامية والتي تم فرضها من خلال إعلان مناطق عسكرية مغلقة أمام الإعلام. وقد صادق القضاة في أغلب الأحيان على مواقف النظام بصورة عمياء. الانتصار الوحيد كان القرار الذي صدر في سنة 2009، وسمح للإعلام الدولي بالدخول إلى قطاع غزة.
  • ما الذي قامت به المحكمة العليا؟ يجب قراءة الاستطلاع الواسع الذي قام به المعهد الإسرائيلي للديمقراطية للحالات الـ22 التي تدخّلت فيها المحكمة بالقوانين أو تعديلات القوانين. ثلاثة قوانين فقط كانت لها علاقة بالضفة: في سنة 2006 تم قبول الالتماس ضد تعديل القانون الذي يمنح الدولة حصانة ضد دعاوى تقديم التعويضات إلى فلسطينيين لحق بهم الضرر بسبب قوات الأمن؛ في سنة 2010 تم إلغاء أمر يسمح بتمديد اعتقال مشتبه فيه غيابياً؛ في سنة 2020 قررت المحكمة أن القانون الذي يسمح بشرعنة البناء غير القانوني في المستوطنات بأثر رجعي هو غير قانوني، لأنه يضر بحق الملكية، والمساواة والاحترام.
  • إذاً، ماذا يستفز أبطال الحوكمة ؟ الجواب واضح: يريدون قوة غير محدودة. المحكمة نجحت في تحقيق ما هو غير مطلوب منها في الأساس: مجرّد وجودها منع الحكومات من التحرك بقوة ضد مواطني دولة إسرائيل. حالياً، الحكومة لا تستطيع أن تتعامل مع الإسرائيليين كما يتعامل فلاديمير بوتين مع الروس- وهي لا تستطع القيام باعتقالات سياسية أو مصادرة أملاك. المحكمة لا تمنع الحوكمة  هي فقط تحفظ حقنا بألاّ نُعتقل في منتصف الليل على يد شرطة خاصة لدكتاتورية- تبدو شبه منتخبة.
  • من يريد أن يرى كيف يمكن أن تنتهي الأمور- مع فقرة التغلّب وإخضاع القضاة- عليه فقط أن ينظر شمالاً باتجاه تركيا، هناك "الرئيس" الأبدي رجب طيب أردوغان سيُنتخب ثانية في مايو/ أيار. في تركيا التي تُعتبر مقدمة لروسيا، يقبع  معارضو النظام في السجن، من دون محكمة عليا أو مراعاة إنسانية. هذا ما تريده الحكومة هنا.