إسرائيل تلمّح إلى إيران بأنها تنسّق مع الولايات المتحدة ولا تخاف من رفع حدة المواجهة العسكرية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • خلال أقل من 48 ساعة، نُسبت إلى إسرائيل 3 هجمات جوية ضد أهداف إيرانية. في إحدى المرات، هوجم هدف في إيران نفسها - منشأة لإنتاج السلاح في أصفهان. بعده تم الهجوم على قافلتيْ سلاح من إيران، في الجانب السوري من الحدود العراقية - السورية. اهتمام وسائل الإعلام توجَّه نحو الهجوم في إيران، والذي استُخدِمت فيه حوامات محملة بالمتفجرات (انتحارية)، لكن الهجومين الجويين الكثيفين نسبياً على قوافل السلاح أظهرا أن إسرائيل ترفع وتيرة العمليات ضد إيران، وأن هذه العمليات لم تعد محصورة في البرنامج النووي فقط، ولا تتركز على أراضي هذه الدولة أو تلك.
  • ينبغي التذكير بأن التغيير في السياسة بدأ منذ أيام الحكومة السابقة. في الماضي، برز نوعان من الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل: عمليات تخريبية واغتيالات لها علاقة بالبرنامج النووي على الأراضي الإيرانية؛ ومحاربة المحاولات الإيرانية لتوزيع السلاح على تنظيمات "إرهابية" وميليشيات في شتى أنحاء الشرق الأوسط، ولاحقاً إقامة قواعد عسكرية في دول أُخرى. خلال فترة نفتالي بينت في رئاسة الحكومة، اتُّخذ قرار محو التمييز بين هذين النوعين من الهجمات: وبالأمس جرى الحديث عن هجمات إسرائيلية- تفجير مسيّرات، حوامات وعملية اغتيال واحدة - موجهة ضد أهداف في داخل إيران نفسها، تضمنت أهدافاً لا علاقة لها بالبرنامج النووي.
  • مساء يوم السبت، تم تفجير معمل لإنتاج الصواريخ في أصفهان بواسطة حوامات انتحارية. الهجوم المُحكم، الذي من المحتمل أنه تطلب "وجوداً عملانياً" على الأراضي الإيرانية نفسها، حدث خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر في تل أبيب من أجل اتخاذ قرارات، رداً على عملية "المخرب" الفلسطيني الذي قتل بواسطة مسدس 7 مواطنين إسرائيليين في حي نافيه يعقوب في القدس. كالعادة، الاهتمام الأمني في إسرائيل يمتد إلى ساحات بعيدة. استخدام الاستخبارات والتكنولوجيا المتقدمة استمر أيضاً خلال اليومين الأخيرين: في يوم الأحد، قُصفت قافلة شاحنات بالقرب من معبر البوكمال على الحدود العراقية السورية. وفي يوم الاثنين ظهراً، وقع هجوم آخر استهدف قافلة في المكان عينه.
  • بالاستناد إلى هجمات سابقة في هذه المنطقة، يمكن افتراض أمرين: الأول، المقصود مسعى يهدف إلى منع تهريب سلاح وجهته الأخيرة، على الأرجح، هو حزب الله في لبنان، والذي يحتاج إلى صواريخ دقيقة من الإيرانيين من أجل منظومته الدفاعية الجوية المتقدمة. الأمر الثاني، "إغلاق دائرة" بسرعة- بعد الحصول على معلومات استخباراتية موثوق بها عن مكان وجود شاحنات السلاح، من هنا، اتُّخذ قرار مهاجمتها مرتين. لكن في الوقت عينه، تلمح إسرائيل إلى إيران بأنها لا تخاف من توسيع ورفع حدة الاحتكاك العسكري بها.
  • ثمة بُعد آخر في حرب الرسائل، هو المكوّن الأميركي. الهجومان الأولان وقعا في أثناء وجود رئيس السي آي إي وليام بيرنز في إسرائيل. أما الهجوم الثالث، فوقع مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى إسرائيل...
  • على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تنفّذ الهجمات، كما سعت مصادر في واشنطن لتوضيحه من خلال تسريبات إلى وسائل الإعلام الأميركية (مفترضةً أن إسرائيل هي المسؤولة عن الهجمات)، فإنه من الصعب التصديق أن الحكومة الجديدة في إسرائيل كانت ستخاطر بإحراج الضيوف بقصف أهداف إيرانية من دون تنسيق مسبق معهم. يجب التذكير بأنه منذ أيام قليلة، انتهى تدريب جوي مشترك واسع النطاق، شاركت فيه قوات أميركية كبيرة، جزء منها انتشر على الأراضي الإسرائيلية.
  • كل هذه العمليات تلمّح إلى إيران بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تنسّقان فيما بينهما بصورة كبيرة. ومع ذلك، فإن هذا لا يبشّر بهجوم أميركي - إسرائيلي في وقت قريب على منشآت نووية (لا يوجد أي اتفاق على ذلك، كما أن إسرائيل لا تزال غير مستعدة عملانياً لذلك). لكن الاستعداد الأميركي للتدرب معاً، ورفض التحفظ عن الهجمات الإسرائيلية يكشفان الخط الحالي لإدارة بايدن: احتضان إسرائيل وجعلها قريبة منهم كي لا تجرّ أميركا إلى مغامرة غير ضرورية - وإظهار الصبر إزاء العمليات الإسرائيلية الاستباقية في مواجهة سلوك إيران، التي لم تكسب أصدقاء جدداً في الغرب، في ضوء الميزات الثلاث التي طبعت سياستها في الأشهر الأخيرة: رفض العودة إلى الاتفاق النووي، القمع العنيف لاحتجاج الحجاب، وبصورة خاصة المساعدة الإيرانية الكبيرة لروسيا من خلال تزويدها بالمسيّرات في حربها في أوكرانيا.
  • إيران التي اتهمت إسرائيل بالهجمات الأخيرة، أضافت تهديداً بالانتقام، وذكرت تحديداً إمكانية ضرب سفن إسرائيلية. التذكير بهذا السيناريو ليس عرضياً. قبل 3 أعوام، جرى الحديث عن سلسلة هجمات إسرائيلية في البحر الأحمر والبحر المتوسط ضد سفن إيرانية حاولت تهريب الوقود إلى سورية، بهدف تحويل أرباح الصفقات إلى حزب الله. ولقد ردّ الإيرانيون بالهجوم على سفن مدنية يملكها إسرائيليون بصورة جزئية، في الخليج الفارسي، وفي المحيط الهندي. وبعد الهجمات الانتقامية، برز انطباع بأن إسرائيل أعادت دراسة خطواتها وتوقفت عن الهجمات البحرية.
  • على أي حال، من الواضح أن إيران لا تنوي أن تمرّ مرور الكرام على العمليات الأخيرة. ويُجري الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة استعداداته الدفاعية، في ضوء تحذيرات من الانتقام. هذه الحرب ستستمر في جبهات مختلفة، وبوسائل مختلفة، لكن حتى الآن، ليس بقوة كبيرة.