هامش المناورة تقلص، و"حماس" تفضل الفيديوهات على الصواريخ
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الجيش بذل جهوداً كبيرة، يوم أمس الاثنين، في الامتناع من الإجابة عن السؤال المركزي، بعد نشر "حماس" الفيديو الذي يظهر فيه المواطن الإسرائيلي أبراها منغستو: هل هو فعلاً المخطوف على يد التنظيم منذ عبوره السياج إلى قطاع غزة قبل 8 أعوام ونصف؟ يبدو أن التضليل الذي تقوم به إسرائيل مقصوداً. "حماس" تريد تحريك المفاوضات من خلال الحرب النفسية، وإسرائيل تحاول عدم اللعب بحسب قواعدها. حتى أن مصادر سياسية طالبت الإعلام بعدم الانجرار وراء ألاعيب "حماس"، وأن يتحلى بالمسؤولية.
  • طوال 43 ثانية، مدة الفيديو الذي نشرته "حماس"، وإلى جانب الترجمة بالعبرية والعربية، يظهر شخص يقدم نفسه على أنه منغستو، ويحتج على ما تقوم به الدولة، التي تركته مع أصدقائه في الأسر. النص الذي يُلقيه ثقيل، ويبدو أن شخصاً كتبه له كلمة كلمة، مستخدماً "غوغل ترانسليت". وفي المقابل، يعتقد بعض أفراد عائلته أن الفيديو أصلي. هذا بالإضافة إلى أن تسجيلاً صوتياً لمنغستو، إلى جانب فيديو قصير يظهر فيه المخطوف الثاني هشام السيد، نُشرا قبل عام، منفصليْن، ويتم التعامل معهما على أنهما حقيقيان.
  • إذا كان الفيديو حقيقياً، فيبدو أن "حماس" تصرفت للمرة الثانية بصورة مختلفة عن المبدأ القديم الذي تلتزم به التنظيمات التي تحتفظ بأسرى إسرائيليين: لا يوجد هدايا مجانية. عادةً، تطالب "التنظيمات الإرهابية" بمقابل لنشر أي إشارة حياة بشأن المخطوفين. هذه هي أيضاً الرسائل التي بعثت بها "حماس" إلى إسرائيل في الأعوام الأولى من المفاوضات، التي جرت بشكل متقطع. لماذا غيرت رأيها؟ يبدو أنهم في الجانب الفلسطيني قد وصلوا إلى استنتاج أن إسرائيل تعرف فعلاً وضع المخطوفين والمفقودين (مواطنان اثنان في قيد الحياة وجثتان لجنديين في الجيش)، ولذلك، لم يعد هناك من داعٍ لتفعيل أدوات ضغط كهذه.
  • توقيت النشر كان محسوباً، طبعاً. "حماس" أرادت استغلال حالة الإصغاء الشعبية في إسرائيل خلال حفل تغيير قائد هيئة الأركان، يُضاف إلى ذلك الأسف الذي عبّر عنه قائد هيئة الأركان المنتهية ولايته أفيف كوخافي، خلال المقابلات الإعلامية التي أجراها، لأنه لم ينجح في استكمال صفقة تبادُل خلال ولايته. إلا إن لعبة الحرب النفسية التي تمارسها "حماس" تعكس، كما يبدو، إلى جانب محاولة تحريك الملف، قضية أُخرى: هامش المناورة لدى التنظيم ليس كبيراً بصورة خاصة. يخيم الهدوء النسبي على القطاع منذ نهاية حملة "بزوغ الفجر" في أيار/مايو 2021، والتنظيم متردد في خرقه.
  • باستثناء التصعيد القصير ما بين إسرائيل والجهاد الإسلامي في آب/ أغسطس الماضي، الذي امتنعت "حماس" من أخذ دور فيه، هذه هي الفترة الأكثر هدوءاً في غزة منذ عدة أعوام. الوضع الحالي مريح بالنسبة إلى "حماس"، لأنه يمنحها الوقت لبناء قدرتها العسكرية من جديد، ولأن 17 ألف عامل غزّي يعمل في إسرائيل يساعدون الاقتصاد في القطاع. هذه أمور لا تتم المخاطرة فيها بسهولة، حتى لو كان الهدف المهم هو تحرير أسرى في إسرائيل. وفي هذه الظروف، يبدو أن أداة الضغط المفضلة للتنظيم هي نشر فيديوهات، وليس إطلاق صواريخ.
  • كيف سترد إسرائيل الآن؟ لأن المواطنيْن من هامش المجتمع الإسرائيلي، ويعانيان جرّاء مشاكل نفسية صعبة، ومن الصعب على عائلتيهما تجنيد الدعم الجماهيري الواسع لصفقة تبادل. وكذلك الأمر بالنسبة إلى عائلتيْ الجندييْن أيضاً، لأن الحديث يدور عن جثث - و"حماس" تطالب في المقابل بتحرير مئات الأسرى "الأمنيين"، بينهم "قتلة إسرائيليين". السعر العالي يمنع تشكيل ضغط جماهيري لإبرام الصفقة.
  • خلال فترة نهاية ولاية الحكومة السابقة، كان هناك إشارات إلى تقدُّم في المفاوضات. يبدو أن "حماس" كانت مستعدة لتقديم تنازلات، من خلال التركيز على أسرى قدامى وأسرى يعانون جرّاء مشاكل صحية. لكن المفاوضات توقفت مع إعلان الانتخابات وتبديل الحكومة. رئيس الحكومة الجديد بنيامين نتنياهو لم يبذل جهوداً خاصة للدفع قدماً بالقضية في أثناء تولّيه حكوماته السابقة. قبل عدة أسابيع، استقال منسّق المفاوضات الذي عيّنه نتنياهو يارون بلوم. والقرار بشأن هوية خليفته سيدل على الأهمية التي سيوليها رئيس الحكومة لإعادة المخطوفين وجثث الجنود.