كوخافي ترك وراءه جيشاً ممتازاً، وهرتسي هليفي هو وريثه الطبيعي
تاريخ المقال
المصدر
- اللواء أفيف كوخافي ينهي 4 أعوام من ولاية شديدة التعقيد في رئاسة الأركان، تبدلت خلالها 4 حكومات و5 وزراء دفاع، وكانت إسرائيل خلالها في خضم انتخابات، والجيش من دون ميزانية. كوخافي أثبت للجميع أنه يقف بقوة كحارس لمنع تسلُّل وسيطرة الانقلاب السياسي الخطِر إلى داخل الجيش.
- أربعة أعوام من ولاية كوخافي هي فترة قصيرة، مقارنةً بحجم التغييرات التي أراد تحقيقها خلال ولايته. لقد أدرك كوخافي أن الجيش الذي يقوده جيش قديم وغير متقدم بما في الكفاية فيما يتعلق بالدينامية والتحديات المعقدة التي يواجهها. قاد كوخافي ثورة كبيرة على صعيد بناء قدرات الجيش وعقيدة استخدام القوة. وطوّر قدرات الجيش، من جيش في أواخر التسعينيات إلى جيش في سنة 2023. وكان القضاء على سلسلة قيادة الجهاد الإسلامي نموذجاً من ذلك. تعزيز القدرة الهجومية للجيش على مستوى إغلاق حلقات التدمير الشامل كان منعطفاً في العالم العسكري. يكفي أن نرى الآن جميع الدول الأوروبية بعد الحرب الروسية في أوكرانيا كيف تأتي لتتعلم من الجيش الإسرائيلي، وتشتري كل ما ينتجه، بينما قدرته على الإنتاج بالكاد تكفيه.
- التحدي الثاني الذي ترك فيه كوخافي بصمته هو المعركة العملانية. لقد تابع الجيش الإسرائيلي المعركة بين الحروب؛ عملياً، المعارك لم تتوقف، ومع كوخافي، صعّد الجيش هجماته. وأدت سياسة الرد على كل بالون حارق من غزة إلى هدوء لم نشهده في القطاع من قبل. في الضفة الغربية، عملية "كاسر الموج" هي من أشد العمليات التي خاضها الجيش منذ وقت طويل، ونجح في منع إقامة شبكة كبيرة هناك، مع أقل عدد من الإصابات بين قواتنا. الهجمات في سورية لم تسمح حتى اليوم للإيرانيين ببناء بنية تحتية، على الرغم من الجهود التي بذلوها، وحزب الله بقيَ في حالة ردع.
- كوخافي كان رئيس أركان استثنائياً، عمل على تعزيز القيم العسكرية. ميله إلى الإتقان أتعب الضباط، لكن حضوره أسر قلوب الجنود. لكن إلى جانب نجاحاته، كان هناك أخطاء، الدعاية السيئة المتعلقة بتسوية موضوع المتقاعدين، قبل أن يتأكد من رفع رواتب الجنود كانت خطأ. الدفع قدماً بشعبة الاستخبارات كان صحيحاً في حد ذاته، لكنه خلق انطباعاً بتراجُع أهمية الجيش عموماً، والبطء في التحقيقات في الأحداث خلق انطباعاً سيئاً. ومع ذلك، في إمكان كوخافي الخروج وهو يشعر بالرضا، فقد ترك وراءه جيشاً مع قدرة عالية، وكان رئيس أركان ممتازاً.
- هرتسي هليفي هو الوريث الطبيعي لكوخافي، فقد نما ونشأ من الجذور عينها. وهو الضابط العملاني الأكثر كفاءةً وخبرةً اليوم في الجيش الإسرائيلي، والقادر على النجاح في هذه المهمة الصعبة. هو بطبيعته رجل منطوٍ على نفسه، لكنه رجل مسؤول من دون حدود، ويهتم بالتفاصيل، وشجاع إلى أقصى الحدود، وحكيم للغاية. يدرك هرتسي جيداً التحديات التي تواجهه والاستمرار في عملية استيعاب ومأسسة التغييرات في العقيدة الجديدة للجيش التي كان هرتسي شريكاً فيها، إلى جانب المحافظة على الإنجازات العملانية في سورية وغزة والضفة الغربية التي تشهد اليوم حالة غليان، والتخطيط لمواجهة مع إيران خلال فترة ولايته، مواجهة يمكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية.
- كما أن التحدي الداخلي الذي سيواجهه هرتسي خلال أيامه الأولى لن يسهّل عليه مهمته. إذ سيكون عليه الحرص على منع تسلُّل السياسة إلى الجيش، من دون تردُّد أو تنازلات.
- التحدي الثاني الكبير من حيث أهميته، هو كيفية المحافظة على وحدة الجيش، وعلى الحوافز على التجند ومواصلة الخدمة في ظل الانقسام والتحريض الذي تقوم به المعسكرات التي تهدد بتقسيم المجتمع، وحكومة يسيطر عليها وزراء لم يقوموا بخدمة عسكرية فعلية في الجيش، وسياسة متطرفة تصبّ الوقود على التهديدات من حولنا، ويمكن أن تؤدي إلى رفع الدعم الدولي عنا، وتخلق سحابة فوق الديمقراطية التي تعتمد عليها حرية عمل الجيش. عدم التغيير وعدم التهدئة في داخل دولة إسرائيل يمكن أن يجرّا بسرعة رئيس الأركان الجديد والجيش إلى حرب غير ضرورية.