شنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هجوماً حاداً على التظاهرة التي شارك فيها نحو 80.000 شخص في تل أبيب مساء يوم السبت الماضي ضد خطة الحكومة المثيرة للجدل لإعادة تشكيل الجهاز القضائي، وأكد أن لا أهمية لها، وأن الانتخابات العامة التي جرت يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 هي أكبر تجسيد لإرادة الجمهور.
وجاء هجوم نتنياهو هذا في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس الأحد، وقال فيها نتنياهو أيضاً: "قبل شهرين أقيمت في إسرائيل تظاهرة هائلة هي أم كل التظاهرات، حيث نزل ملايين الأشخاص إلى الشوارع من أجل الإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات العامة. إن إحدى القضايا الرئيسية التي صوتوا لأجلها هي إنجاز إصلاح في الجهاز القضائي. وقد سمع كل من حضر مؤتمراتنا الانتخابية في مراكز المدن وفي الأحياء هذا الصوت يصدر عن الجمهور".
وحض نتنياهو على عدم الانجرار وراء الشعارات الشعبوية التي تدعو إلى إشعال فتيل الفتنة وتخريب الدولة. وأضاف: "لا بدّ لي من القول إننا عندما كنا في المعارضة لم نطلق دعوات إلى حرب أهلية ولم نتحدث عن تخريب الدولة حتى عندما اتخذت الحكومة قرارات عارضناها بشدة. أتوقع من قادة المعارضة أن يفعلوا الشيء نفسه".
وتوقع رئيس الحكومة أن يؤدي التغيير في النظام القضائي إلى أن يستعيد الجمهور الإسرائيلي العريض ثقته بالجهاز القضائي.
وتشمل التغييرات المقترحة في النظام القضائي التي عرضها وزير العدل ياريف ليفين (الليكود) مؤخراً، إضعاف المحكمة الإسرائيلية العليا بحيث لا تكون قادرة على نقض تشريعات وسياسات تعتبرها غير دستورية، ومنح الحكومة سيطرة شبه مطلقة على لجنة اختيار القضاة.
وتصاعدت حدّة الهجوم على هذه الخطة الأسبوع الماضي عندما اتهم رئيس تحالف "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس نتنياهو بتأجيج حرب أهلية، وحثّ زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد أنصار حزبه "يوجد مستقبل" على النزول إلى الشوارع كجزء من الحرب على البيت. ودفع ذلك أحد أعضاء الكنيست من حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] اليميني المتطرف الشريك في الائتلاف إلى الدعوة إلى اعتقال غانتس ولبيد وغيرهما بتهمة الخيانة.
من ناحية أُخرى، وافقت الحكومة، أمس، على إنشاء وزارة الدبلوماسية العامة برئاسة الوزيرة المعينة حديثاً غاليت ديستل أتبريان (الليكود). كما صادقت على تعيين ماي غولان (الليكود) وزيرة في ديوان رئاسة الحكومة. ولا تزال كلتا الخطوتين تطلبان موافقة الكنيست.
كما وافقت الحكومة على أعضاء اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين التي يترأسها وزير العدل ياريف ليفين الذي يقود التغيير في الجهاز القضائي. والأعضاء الآخرون في اللجنة هم: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير التربية والتعليم يوآف كيش، والوزير في وزارة التربية والتعليم حاييم بيطون، والوزير في وزارة الرفاه يوآف بن تسور، ووزير البناء والإسكان يتسحاق غولدكنوبف، ووزيرة شؤون البيئة عيديت سيلمان، ووزير الاتصالات شلومو كرعي، ووزير شؤون المغتربين والمساواة الاجتماعية عميحاي شكلي، والوزيرة ديستل أتبريان.
كما وافقت الحكومة على نقل صلاحيات من وزارة التربية والتعليم ووزارة المساواة الاجتماعية إلى ديوان رئاسة الحكومة وفقاً للاتفاقيات الائتلافية. وينص القرار على نقل البرامج الخارجية لطلاب المدارس من وزارة التربية والتعليم إلى ديوان رئاسة الحكومة حيث سيشرف عليها نائب الوزير آفي ماعوز، زعيم حزب "نوعام" اليميني المتطرف المناهض لمجتمع الميم.
يذكر أن تعيين ماعوز مشرفاً على مكون رئيسي في مناهج الطلاب أثار موجة من الانتقادات، إذ قالت العديد من السلطات المحلية إنها لن تسمح بإدخال محتوى مناهض لمجتمع الميم أو محتوى غير ليبرالي إلى مدارسها.
وكان نحو 80.000 شخص تظاهروا تحت المظلات وأعلام إسرائيل ولافتات احتجاجية في ساحة "هبيما" في تل أبيب [وسط إسرائيل]، وكذلك في مراكز مختلفة في القدس وحيفا، ضد حكومة نتنياهو وضد الإصلاحات القضائية للوزير ليفين.
وشارك في التظاهرة في تل أبيب عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية العامة بينهم وزراء سابقون وأعضاء كنيست حاليون وسابقون وقضاة ورئيس بلدية تل أبيب رون حولدائي.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة استعدت بشكل غير مسبوق لهذه التظاهرة، وبلغت وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بهذه الاستعدادات.