العلاقات الإسرائيلية - الأردنية في ظل توتر متزايد: التداعيات الاستراتيجية والتوصيات
تاريخ المقال
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي
من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.
- تراكمت في الأسابيع الأخيرة إشارات مقلقة من جانب الأردن تتطلب انتباهاً خاصاً من متّخذي القرارات في إسرائيل. والمقصود مزيج من اضطرابات داخلية في المملكة ناجمة عن مشكلات أساسية قديمة، وتوترات جديدة بدأت بالظهور في العلاقات بين الدولتين، وناجمة بالأساس عن التخوف الأردني من الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الجديدة بشأن الحرم القدسي.
- فيما يتعلق بالتوتر الداخلي، فقد جرى إخماده تدريجياً، والسلطة في الأردن ليست على حافة الانهيار. لكن تراكُم الأحداث الأخيرة، غير المسبوق نسبياً من حيث الخطورة، يشكل دليلاً على عدم الاستقرار الدائم الذي تعانيه المملكة، وإشارة إلى المجتمع الدولي والعالم العربي، وإلى إسرائيل، إزاء التداعيات الاستراتيجية التي يمكن أن تقوّض العرش الهاشمي، وتؤدي إلى سقوطه.
- ... يجري الاحتجاج الاقتصادي والشعبي في الأردن على خلفية التوترات مع إسرائيل، بينما يشعر كثيرون في المملكة بالقلق إزاء الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الجديدة. وفي هذا الإطار يبرز خوف مزدوج: الخوف من أن ينعكس تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي على الأجواء في الشارع الأردني (نظراً إلى المكانة الخاصة للمملكة في الحرم)، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة حدة التأجيج ضد الحكم في الأردن؛ وتخوّف عدد قليل من الناس في الأردن من احتمال قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بإعادة إحياء أفكار، مثل تحويل المملكة إلى حلّ للمشكلة الفلسطينية، وهذه الفكرة اختفت بعد توقيع اتفاق السلام بين الدولتين في سنة 1994.
- على هذه الخلفية، أشار الملك عبد الله في مقابلة أُجريت معه في الأسبوع الماضي إلى أن القدس والحرم القدسي هما "خطان أحمران" بالنسبة إلى الأردن، وبرزت الإدانة الشديدة من المملكة لزيارة وزير الأمن القومي إلى الحرم (في 3 كانون الثاني/يناير)، والتي وصفتها المملكة "بالاستفزازية"، و"تشكل خرقاً للوضع القائم"، ولقد ترافق هذا مع استدعاء السفير الإسرائيلي في عمّان وتوبيخه...
- الإشارات المقلقة من الأردن يجب أن توقظ من جديد إدراك الأهمية الاستراتيجية للأردن بالنسبة إلى إسرائيل، بصفته كابحاً لتهديدات أمنية- رسمية وغير رسمية يمكن أن تبرز بقوة على حدود إسرائيل، وشريكاً في معسكر إقليمي، هدفه كبح نفوذ إيران في المنطقة.
- النظام في الأردن يتحدى في أحيان كثيرة سياسياً إسرائيل، ويستخدم لغة حادة واستفزازية ضدها (كما ظهر ذلك في التصريحات القاسية للمسؤولين في الأردن ضد إسرائيل خلال التصعيد الذي تطور في رمضان الأخير حول الحرم القدسي)، لكن يجب أن نتذكر دائماً أن البدائل من النظام الحالي في المملكة يمكن أن تكون أسوأ بكثير.
- الواقع في الأردن والحساسية المتزايدة في العلاقات بينه وبين إسرائيل، تشكل "طنجرة ضغط" يتعين على الحكومة الجديدة أن تعرف وتدرك عواقب انفجارها، وأن تسعى لبلورة سياسة حذرة وحكيمة في هذا الشأن.
- إن الوضع في الأردن محفوف بالمخاطر وقابل للانفجار، وهو يشبه الوضع في الضفة الغربية، وفي الحالتين، نوصي حكومة نتنياهو - على الأقل في المدى المنظور - بمواصلة السياسة الحالية وعدم تبنّي مقاربة ثورية يمكن أن تتسبب بتغيير دراماتيكي وسريع في خريطة التهديدات الاستراتيجية لإسرائيل، وتجعل من الصعب عليها التركيز على التحدي القومي الأهم بالنسبة إليها – إيران.
- نوصي متّخذي القرارات بالقيام بعدد من الخطوات:
- فحص إجراء حديث أو لقاء في وقت قريب بين رئيس الحكومة نتنياهو والملك الأردني.
- الاستمرار في العلاقات الوطيدة بين الدولتين على الصعيدين الأمني والمدني.
- الامتناع من "تبادُل السجال الإعلامي"، وخصوصاً التهديد بالحدّ من العلاقات الاقتصادية، أو بتزويد الأردن بالمياه، وبصورة خاصة التصريحات التي تزعزع جوهر وجود المملكة.
- مساعدة الأردن في جمع الدعم الاقتصادي الخارجي من العالمين الغربي والعربي.
- والأهم من كل شيء، بلورة سياسة حذرة في موضوع الحرم القدسي، أساسها المحافظة على الوضع الذي كان قائماً حتى بداية ولاية الحكومة الحالية، بشأن كل ما له علاقة بزيارة اليهود إلى الحرم، والامتناع من زيادة عدد الزائرين، أو اتخاذ خطوات أُخرى يمكن أن تنعكس سلباً على الوضع في غزة، وعلى الجمهور العربي في إسرائيل، وتقوّض العلاقات مع دول المنطقة، وفي طليعتها الدول المشاركة في "اتفاقات أبراهام".