ما رأيكم في سلام مع سورية؟
تاريخ المقال
- سلام مع سورية؟ الآن؟ هل جُننت؟ ما هي المناسبة لطرح سلام مع سورية في هذه الأيام؟ مَن سيوافق بالأساس على فكرة مجنونة كهذه؟ حسناً، هذه ليست فكرة مجنونة، في رأيي - وأنا لست الوحيد - بل هناك إمكانية لتحقيقها.
- بحسب ما يظهر في الإعلام، فإن سورية لا تزال تعاني جرّاء مشاكل كثيرة. الحرب الأهلية لا تزال مشتعلة، ولو بدرجة أقل. أجزاء من الدولة لا تزال تحت سيطرة جهات معارضة للنظام، بالإضافة إلى أجزاء أُخرى احتلتها تركيا، وتتصرف فيها بحُرية. الرئيس بشار الأسد واقع من جهة تحت سيطرة روسيا، ومن جهة أُخرى تحت سيطرة إيران. إسرائيل تقصف في بلده، تقريباً بحُرية. وأكثر من ذلك، ملايين اللاجئين السوريين منتشرون في العالم، الكثير من المدن السورية لا تزال مدمرة، واقتصادها سيئ، وعلاقاتها الدولية ضعيفة.
- أغلبية هذه الأمور يمكن أن تُحل إذا توصلت سورية إلى اتفاق سلام مع إسرائيل: إيران وروسيا ستخرجان منها، اقتصادها سيتحسن بسبب التقدمات من أوروبا ومن الولايات المتحدة، وانفاقها على الجيش سيقل، وسيتفرغ النظام السوري لإعادة البناء.
- وماذا بالنسبة إلى إسرائيل؟ ماذا ستستفيد إسرائيل؟ في أساس الصراع مع سورية، هناك قضية سيطرة إسرائيل على هضبة الجولان. سابقاً، عبّر 4 رؤساء وزراء مختلفين - إسحاق رابين، وبنيامين نتنياهو، وإيهود باراك، وإيهود أولمرت - عن استعدادهم المبدئي لإعادة هضبة الجولان، أو معظم أراضيها، مقابل سلام كامل. وحتى أن إسرائيل توصلت إلى اتفاق تقريباً، وكان يمكن أن تقوم بذلك، لولا "اليد المجِّمدة" [كتاب يروي كواليس المفاوضات التي جرت بين سورية وإسرائيل] بحسب الجنرال أوري ساغي، الذي كان يترأس الوفد الإسرائيلي إلى محادثات السلام مع سورية في سنة 1999 (أنا كنت جزءاً من هذه البعثة أيضاً).
- فعلاً، سيكون على إسرائيل النزول عن هضبة الجولان واخلاء سكانها هناك، نحو 30 ألف نسمة. لا شك في أن المقصود صدمة كبيرة. لكننا مررنا بذلك عندما أعدنا شبه جزيرة سيناء إلى مصر وعندما انسحبنا من قطاع غزة. وفي المقابل، ستستفيد إسرائيل من اتفاق كهذا على صُعُد كثيرة. أولاً وبالأساس، إحباط التهديد من الشمال. لن يقف لا "حزب الله" ولا الجيش السوري في مواجهة مع إسرائيل. إيران ستفقد مناطق نفوذها في سورية، والدول العربية ستنضم إلى الاتفاق حتى لو لم يكن الفلسطينيون جزءاً منه (وهذا ما جرى في اتفاق السلام مع كلٍّ من مصر والإمارات والبحرين والمغرب). الضغط العسكري سيقلّ، وإسرائيل تستطيع تحويل مواردها إلى الداخل.
- حسناً يفعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لو يجنّد، بسرية، الخبراء في الموضوع السوري - البروفيسور إيال زيسر الذي يعرف بشار الأسد جيداً أكثر من أغلبية السوريين؛ البروفيسور إيتمار رابينوفيتش الذي خاض محادثات مع السوريين سابقاً، والجنرال في الاحتياط أوري ساغي الذي أجرى جولة محادثات علنية في 1999، ويفحص معهم الموضوع.
- كما أرسل مناحيم بيغن وزير خارجيته موشيه دايان لإجراء محادثات سرية مع المصريين قبل أن يتم الكشف عن المحادثات مع أنور السادات، يستطيع نتنياهو إرسال وزير خارجيته إيلي كوهين لعقد اجتماعات سرية في الشرق الأوسط، وأوروبا، ومع جهات سورية أيضاً. في نهاية المطاف، يمكن لهذا أن يجعله يفوز بجائزة نوبل للسلام، وبالاعتراف بأنه السياسي الأفضل الذي لا مثيل له.