الحكومة مختطَفة على يد حفنة من أنصار أرض إسرائيل الكاملة
تاريخ المقال
المصدر
- ليست الإصلاحات القانونية التي من المفترض أن تعيد تحديد مصطلح "سلطة القانون"، ولا تفضيل القطاع الحريدي في مخصصات موارد الميزانية، هي الأساس في الخطوط التوجيهية للحكومة الجديدة. الأمر الأساسي موجود في العبارتين التاليتين: "للشعب اليهودي الحق الحصري، الذي لا جدال فيه، في كل أرجاء أرض إسرائيل. والحكومة ستدفع قدماً بالمستوطنات وتطوّرها في كل أنحاء أرض إسرائيل، في الجليل والنقب والجولان، وفي الضفة الغربية".
- انطلاقاً من هذا المفهوم للسيطرة اليهودية الحصرية والمطلقة على كل أرض إسرائيل، من البحر إلى النهر، يُقرَّر كلّ شيء. إنها صيغة متطرفة لا نجد مثيلاً لها في كل الخطوط التوجيهية لحكومات الليكود السابقة، من مناحيم بيغن حتى بنيامين نتنياهو. وهي تتعارض مع أيّ احتمال تسوية مع الفلسطينيين - حتى التسوية المتواضعة التي تضمّنها اتفاق السلام للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي وافقت عليها حكومة نتنياهو- وهي أيضاً تتعارض مع الأيديولوجيا الأساسية لليكود.
- فيما يلي مجموعة من الأمثلة. جاء في الخطوط التوجيهية للحكومة التي شُكِّلت في نيسان/أبريل 2020: " للشعب اليهودي حق غير قابل للجدل في دولة ذات سيادة في أرض إسرائيل، الوطن القومي والتاريخي للشعب اليهودي"، لا يوجد كلام عن حق حصري، ولا عن أرض إسرائيل الكاملة، ولا عن كل أراضي أرض إسرائيل.
- وهذه الصيغة هي نسخة من الخطوط التوجيهية للحكومة التي تم تأليفها في نيسان/أبريل 2015، ولا تختلف عن الخطوط التوجيهية للحكومة التي أُلِّفت في شباط/فبراير 2013. في الخطوط التوجيهية لحكومة نتنياهو الثانية التي تم تأليفها في آذار/مارس 2009، لم يأتِ أيّ ذِكر لـ"دولة ذات سيادة في أرض إسرائيل"، لكن ظهرت فيها العبارة التالية "ستقوم الحكومة بالدفع قدماً بالعملية السياسية، وستعمل على تحقيق السلام مع جيرانها، انطلاقاً من الحفاظ على المصالح الأمنية والتاريخية والوطنية لإسرائيل". والفارق كبير، مقارنةً بالخطوط السياسية الأساسية للحكومة الحالية، وذلك على الرغم من أن الائتلاف في سنة 2009 كان يضم، إلى جانب الليكود، أحزاب إسرائيل بيتنا و"شاس" و"البيت اليهودي" و"يهدوت هتوراه".
- جاء في الخطوط التوجيهية لحكومة أريئيل شارون في سنة 2001 - الذي كان رئيس الليكود والفائز الأكبر في الانتخابات لمنصب رئيس الحكومة - "ستسعى الحكومة لتحقيق الأهداف التالية: ضمان الأمن الوطني والشخصي لكل مواطني الدولة، تحقيق الأمن والسلام الحقيقيّيْن بين إسرائيل وجيرانها، انطلاقاً من اتفاقات سلام ثابتة، وتحصين النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان وسلطة القانون". هذه كانت الخطوط التوجيهية لحكومة اُلِّفت في الأيام الفظيعة للانتفاضة الثانية، والتي كانت مؤلفة من الليكود وحزب إسرائيل بعليا والاتحاد القومي وشاس وإسرائيل بيتنا وعام أحاد. أي أنها كانت حكومة يمينية بالكامل.
- وللتاريخ، كلمات "حق حصري" و"كل أراضي أرض إسرائيل" لم تكن موجودة في الخطوط التوجيهية لحكومة نتنياهو الأولى في حزيران/يونيو 1996، والتي جاء فيها أن "دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، ذات نظام ديمقراطي يطبّق المساواة بين مواطنيها".
- وما هو الأبرز في الخطوط التوجيهية لحكومة مناحيم بيغن بعد انقلاب 1977؟ الأبرز هو العبارة التالية "للشعب اليهودي الحق التاريخي الأبدي في أرض إسرائيل، إرث أجدادنا". حق أبدي وليس حقاً حصرياً - وأيضاً ليس الحق في كل أرض إسرائيل. حكومة بيغن الثانية أضافت التزاماً "تضع الحكومة في رأس اهتماماتها تحقيق السلام وضمان حقوق الفرد وتحقيق المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين، من دون تمييز بين دين وعرق وقومية وجنس أو طائفة". جملة تبدو اليوم كأنها مأخوذة من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
- المقارنة بين الخطوط التوجيهية تؤدي إلى الاستنتاج السياسي التالي: حكومة الليكود الحالية مختطَفة على يد حفنة من أنصار أرض إسرائيل الكاملة، الذين يدفعون قدماً بأيديولوجيا تتناقض مع وجهة النظر الليكودية كما جرت بلورتها منذ أيام بيغن، وصولاً إلى زمن بيبي.
- لا تقولوا لي المهم ما هو مكتوب، فالمهم والأهم فقط الأفعال على الأرض. يعلمنا التاريخ أن المنعطف الأيديولوجي يسبق منعطفاً على صعيد الأفعال. التطرف يبدأ بالكلام والتصريحات، وينتقل إلى الأفكار وخطوط العمل، وينتهي بأفعال متطرفة. إن السيطرة العدائية من جانب أقلية في أقصى الخريطة السياسية الإسرائيلية على المبادىء الأساسية الوطنية والسياسية لحكومة الليكود في سنة 2023، يجب أن تثير القلق لدى جميع مواطني الدولة، وخصوصاً لدى الليكوديين العقلاء الذين يشكلون أغلبية كبيرة.
الكلمات المفتاحية