اثبتوا أن مناعتنا الوطنية ليست مثل "بيت العنكبوت"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • كلُّ هجوم مع إصابات، وكلُّ "موجة" هجمات تخلق لدينا ردة فعل هستيرية. جميع نشرات الأخبار والبرامج الإخبارية تبدأ بتقرير طويل من الأرض، ومن الاستديوهات؛ والتحليلات الكثيرة تزيد، عموماً، في تأثير الصدمة. تُفتَح الاستديوهات، ويصل رؤساء الأركان السابقون، ويبدأ تحليل "الفشل الاستخباراتي"، ولماذا لم يتم التصدي مسبقاً لهذا الهجوم أو ذاك.
  • في 26 أيار/مايو 2000، وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، ألقى حسن نصر الله خطاب "بيت العنكبوت" الذي شبّه فيه قوة الدولة الإسرائيلية ببيت العنكبوت. وادّعى "إنّ إسرائيل هذه التي تملك أسلحة نووية وأقوى سلاح جوّ في المنطقة، واللهِ هي أوهن من بيت العنكبوت." يجري تصوير إسرائيل بأنها تملك قوة عسكرية كبيرة ومتفوقة تكنولوجياً، لكن المجتمع الإسرائيلي لا يصمد في مواجهة هجمات "إرهابية"، وبالكاتيوشا. المجتمع الإسرائيلي تعب من الحروب، وليس لديه الحصانة الوطنية للصمود في صراع دامٍ، ولتحمُّل الإصابات."
  • وفي الواقع، على الرغم من أننا لسنا كبيت العنكبوت، لكننا ننزلق بسهولة كبيرة جداً، في محاولة غير ذكية، ونتساءل "هل هذه موجة؟"؛ "هل هذا إرهاب فردي؟" وأسئلة أُخرى يجري اختراعها من أجل تلبية الحاجة إلى مناقشة الوضع.
  • الأجندة التي تقود هذه النقاشات هي أجندة "عملانية" بالأساس. في مرات قليلة جداً، يُصار إلى معالجة مسائل جوهرية، مثل ما هو الوزن الحقيقي "للإرهاب" اليوم، وهل يشكل تهديداً لإسرائيل، وما هو وزنه الفعلي في التأثير في المناعة الوطنية؟ هناك حاجة إلى أن نفهم أن "الإرهاب" لن يختفي، لكنه لا يهدد وجودنا؛ لذا، كيف نعيش في ظل "إرهاب" نتصدى له في أغلب الأحيان، لكنه يعود ويرفع رأسه؟ بالإضافة إلى أسئلة أُخرى عميقة لا تُناقَش.
  • أيضاً النقاش في الأمن الشخصي يمنحه أهمية زائدة. لم أرَ في إسرائيل شوارع مقفرة ومطاعم وقاعات احتفالات خالية من الناس، وشوارع مشاة وأسواقاً غير مزدحمة بالناس. الجزء الأكبر من الإحساس بانعدام الأمن الشخصي الموجود في مناطق مختلفة ناجم عن الجريمة الإسرائيلية، وليس بالضرورة عن "الإرهاب".
  • الغائبون عن النقاشات في هذه الموضوعات هم الزعماء. فهم لا يهتمون، بما فيه الكفاية، بقيادة ثقافة تساهم في الحصانة الوطنية وتعزيز الصمود الشعبي. هم منشغلون بأمور السياسة الصغيرة، وبصورة أقل بالقيادة على صعيد الوطن. والوزارة الجديدة للأمن القومي لا تبعث على الثقة بهذه القيادة.
  • "الإرهاب" لا يشكل تهديداً لوجود إسرائيل. هو تهديد مُقلق، وفي أسوأ الحالات يعطل نمط الحياة اليومية لفترات قصيرة من الوقت. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يُمنَح وزناً هائلاً من خلال الرد الاستخباراتي - العملاني عليه وتخصيص الموارد. إن نسبة النجاح في إحباط الهجمات هي التي تجعل "الإرهاب" مقلقاً، وليس تهديداً يغيّر الحياة.
  • لا أبالغ عندما أقارن نوعية التصدي للهجمات وتأثير ذلك في تغيير قواعد اللعبة بالقبة الحديدية التي غيرت قواعد اللعبة في كل ما له علاقة بإطلاق الصواريخ على المراكز السكنية في إسرائيل. الحياة في البلد كانت ستبدو مختلفة لو هبطت نسبة النجاح في إحباط الهجمات إلى 50%، تماماً كما كانت ستتغير الحياة لو تراجعت نسبة نجاحات القبة الحديدية إلى 50%.
  • دولة إسرائيل تتمتع بجهاز نادر للتصدي للهجمات، وفريد في نوعه في العالم. ودول العالم تأتي لتتعلم منا كيف تواجه "الإرهاب"، وكيف تتصدى له. جودة الاستخبارات المعمقة، وإدخال التكنولوجيا الأكثر حداثةً في منظومة عملانية فريدة هو الذي يؤدي إلى نِسب تصدٍّ للهجمات لا تعرفها أيّ دولة في العالم. أكثرية عمليات التصدي لا يجري الحديث عنها، وهي لا تُناقَش لساعات، ولا يجري "تسويقها" للجمهور، وحسناً يفعلون.
  • النسبة القليلة التي لا يتمكنون من إحباطها تُعتبر أحياناً فشلاً عملانياً واستخباراتياً، بدلاً من أن تؤدي النسبة المذهلة في النجاحات إلى موازنة الصورة. صحيح أن عدم النجاح في التصدي لهجوم منفرد يصبح موضوع تحقيق داخلي، واستخلاصاً للدروس، لكن مسافة كبيرة تفصل بين ذلك وبين الانهيار.
  • في الخلاصة، إسرائيل لا تواجه خطراً وجودياً حقيقياً من "الإرهاب". والحرب ضده تُلحق به ضربات شديدة، ويتعين على مواطني إسرائيل إظهار مناعة وطنية وصموداً، كي يثبتوا لمحيط "الإرهاب" أنهم حتى لو نجحوا هنا وهناك، فإنهم غير قادرين على كسرنا. نحن لسنا مصنوعين من خيوط العنكبوت، بل من الفولاذ المضاد للصدأ. يا زعماء إسرائيل، اثبتوا أنكم زعماء وطنيون، وغير مشغولين بالسياسة.