حكومة يمينية بالكامل؟ نتنياهو يدرك أنها ستكون ملأى بالمشكلات
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • الحكومة اليمينية الأولى التي طمح إليها اليمين منذ أعوام، بدأت مسيرتها بقدمها اليسرى. مَن اعتقد أن نتنياهو سيؤلف الحكومة خلال ساعات أو أيام، عليه أن يعلم بأن حكومة يمينية بالكامل هي حكومة ملأى بالمشكلات. الحطّ من قيمة الوزارات والحقائب والمسؤولية الوطنية، وتعيين الحاخام آرييه درعي (حزب شاس) في وزارة الدفاع، وبتسلئيل سموتريتش في وزارة المال، أو العكس، حوّل تأليف هذه الحكومة إلى "سيرك نتنياهو".
  • أين اختفى أولئك الذين صرخوا قبل أسبوعين بكل قوتهم ضد حكومة التغيير، وأطلقوا صرخات استغاثة ضد العجز الأمني الذي برز في العام ونصف العام الأخيرين، واحتجوا على الاقتصاد المنهار، وعلى غلاء المعيشة، وعلى إهمال الأمن الشخصي؟ فجأة نسوا كل شيء، وهم يفكرون بالحقائب والوظائف والسلطة.
  • يذكّرنا هذا بالسؤال الأسطوري الذي طرحته الوزيرة السابقة ليمور ليفنات في خطابها الشهير أمام أعضاء مركز الليكود: "هل انتخبنا كي نوزع الوظائف؟" يبدو أن الرد الإيجابي الذي حصلت عليه آنذاك هو صحيح اليوم أيضاً. فجأة، نسي اليمين القلق على مصير الدولة والشعب وكل المصائب والمشكلات الصعبة التي تنتظر الحكومة التي من المفترض أن تدير شؤون الدولة، وأصبح الأكثر أهمية هو توزيع الحقائب والوزارات والميزانيات والوظائف.
  • ضمن هذا كله، يتضح أن الشخص الوحيد هنا الذي يحافظ على المسؤولية الوطنية، وعلى الحكمة السياسية، هو رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو، الذي أدرك أن تأليف حكومة يمينية بالكامل أمر صعب ومعقد أكثر من الانتصار في الانتخابات.
  • من دون شك في أن نتنياهو لم يكن يريد ذلك. هذا على الرغم من معرفته أنه مع شركاء، مثل سموتريتش وبن غفير، سيكون من الصعب عليه تأليف حكومة كما يريدها، وإدارة الدولة كما يشاء، وبالتأكيد خطرت في باله أكثر من مرة فكرة، أو توقعات بحدوث معجزة تدفع لبيد وغانتس إلى وضع كل شيء جانباً وكل رواسب الماضي، والانضمام إليه، وتأليف حكومة وحدة وطنية. وكان تفسيره لمؤيديه الكثُر وشركائه من الحريديم المؤيدين لهذه الخطوة جاهزاً: كما أن إنقاذ حياة الإنسان يأتي قبل الالتزام بقدسية يوم السبت، فإن إنقاذ الحياة يأتي قبل حكومة مع سموتريتش وبن غفير، اللذين لا يحظيان كثيراً بإعجاب الحريديم.
  • نتنياهو بحاجة إلى معجزة، ليس فقط لأنه لا يريد أن يرى سموتريتش في وزارة الدفاع، أو الأمن، بل خصوصاً لأن سموتريتش اشترط قبوله وزارة المال بالحصول على صلاحيات في المستوطنات في الضفة الغربية، وعلى الإدارة المدنية.
  • بخبرته السياسية، يدرك نتنياهو جيداً أن حكومة جديدة يتولى فيها سموتريتش وبن غفير الأمن، ستُستقبل بصورة سيئة في واشنطن، وفي القاهرة وعمّان والرباط وأبو ظبي والرياض، وبالتأكيد في الاتحاد الأوروبي، وسيكون لها تداعيات مهمة في الفترة القريبة. بالإضافة إلى ذلك، بسبب نزوات وطلبات سموتريتش وشركائه الحريديم، ستكون هذه الحكومة قصيرة العمر، وكما سقطت حكومة التغيير بعد عام بسبب الفوارق والفجوات بين الموجود والمرغوب فيه، فإن هذه الحكومة ستقود نفسها إلى نهايتها بسرعة أكبر مما تنبأ به المتشائمون.
  • هناك أساس للافتراض أنه في هذه الساعات يُبذل جهد كبير من أجل إحباط تأليف مثل هذه الحكومة، والعمل على انضمام لبيد وغانتس لإقامة حكومة طوارىء ووحدة وطنية. ولن يكون مفاجئاً أن يتضح أن ما يجري هو بتدخُّل خارجي في هذه العملية. ويمكن التقدير أن شيئاً ما يجري إنضاجه في هذا الوعاء السياسي. بينما تقف إسرائيل أمام مفترق طرق حرج للغاية حيال المستقبل، فإن المسؤولية الوطنية لا يمكن أن تسمح بتأليف حكومة تستند إلى نزوات زعماء ووزراء يريدون إدارة الدولة، بحسب تعاليم التوراة، كما في أيام الملك داود.