سيكون على نتنياهو الاختيار: إمّا أن يصارع دول العالم، أو شركائه في الائتلاف
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من الممكن أن تجد حكومة نتنياهو والشركاء إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش المتوقعة، أنها في مسار صدام مع محكمة الجنايات الدولية. القضايا المركزية التي تنوي الحكومة الجديدة رفعها، من الممكن أن تتحول إلى سيف ذي حدّين، يعظّم استنتاجات المحكمة - التي يتعامل معها المستوى السياسي، ككيان متحيز ضد إسرائيل.
  • القضية الأولى التي ستحملها الحكومة ستكون بمثابة تغيير دراماتيكي في شكل النظام القضائي الإسرائيلي. خطوة كهذه من الممكن أن تضر بالصورة العامة للقضاة في إسرائيل، باعتبار أنهم "مستقلون"، وتعزز التأثير السياسي في اختيارهم. يمكن أن تبدو هذه الخطوة كإطلاق النار على القدم.
  • حتى اللحظة، تعاملت الجهات الدولية التي فحصت السياسة الإسرائيلية في الضفة مع المحاكم الإسرائيلية كجسم مستقل، ومصدر ثقة. قرارات المحاكم بشأن سلوك الجيش والوجود العسكري في الضفة، ساعدت الحكومات الإسرائيلية على مدار السنين، لتوضح للمجتمع الدولي أنها تسير بحسب القانون وتحت مراقبته. التصريحات العلنية لأعضاء الحكومة المستقبلية ضد مهنية المحكمة العليا، ومحاولات المستوى السياسي التأثير في تركيبة القضاة والقرارات التي ستصدر عنهم لاحقاً، من الممكن أن تضر بمكانتها الدولية، وتؤدي إلى "كارثة دبلوماسية."
  • القضية الثانية ستكون تعميق الاستيطان ومعارضة أي مسار سياسي مع الفلسطينيين، الأمر الذي من شأنه تعزيز القرارات ضد إسرائيل، وزيادة التزام المجتمع الدولي بتطبيقها لاحقاً. مسؤول دبلوماسي طالب نتنياهو بتبنّي خط "معتدل"، بهدف منع "أزمة سياسية". وعلى الرغم من ذلك، فإن مسؤولاً إسرائيلياً آخر قال إن تقريراً "متطرفاً" من شأنه منح حكومة اليمين التبرير لـ"كسر القواعد"، والدفع قدماً بخطوات جدية لتحقيق رؤيتها.
  • في إسرائيل، يوضحون أن محكمة الجنايات الدولية هي كيان له ميول سياسية: جزء من القضاة فيه هم شخصيات لها رؤية سياسية واضحة؛ بعضهم جاء من دول، النظام القضائي فيها ليس غربياً، أو مستقلاً؛ والبعض الآخر يطبّق من خلال قراراته، سياسات وتعليمات الدول التي يمثلها. نشاط المحكمة بالأساس في الحقل السياسي، وتأثيرها في الواقع بعد ذلك محدود.
  • صحيح أن التقرير الذي ستُصدره محكمة الجنايات الدولية غير مُلزم، لكن من الممكن أن تقوم الدول الأعضاء في الجمعية العمومية بتبنّيه والعمل استناداً إليه. الفلسطينيون، من جانبهم، سيستغلون كل قرار لمصلحتهم، كأساس لتطوير خطاب سياسي في الساحة الدبلوماسية. وإلى جانب القرار المبدئي، سيقوم معدّو التقرير بوضع توصيات لعقوبات أيضاً، بعضها "متطرف"، كمنع دخول المستوطنين إلى دول معينة، أو المطالبة بمقاطعة تجارية مع إسرائيل.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك من يدّعي في إسرائيل أنه لا يجب على المستوى السياسي أن يتعاون مع كيان منحاز سياسياً، وأن يسمح له باتخاذ قرارات تتعلق بأمن إسرائيل الخاص. وقدّر دبلوماسيون، خلال نهاية الأسبوع، إن الجو السياسي العام في إسرائيل سيؤثر في المداولات والقرارات التي ستُتخذ في "لاهاي"، وتطبيقها لاحقاً.
  • أحد الأمثلة الواضحة هو اجتماع محكمة الجنايات في لاهاي في العام 2004 بهدف إصدار تقرير بشأن جدار الفصل. حينها، كانت إسرائيل تتحضر لإخلاء قطاع غزة، في إطار خطة "فك الارتباط". الجو العام في الساحة الدولية كان مريحاً لإسرائيل. صحيح أن خلاصات التقرير كانت "حادة" نسبياً، لكن تطبيقه انتهى بالصمت: إسرائيل، برعاية المحكمة العليا، غيرت في الجدار خلال المداولات، ونجحت وزارة الخارجية في وقف تجنُّد المجتمع الدولي لتطبيق الخلاصات التي جاءت في التقرير.
  • حتى اللحظة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستتعاون مع محكمة الجنايات. جهات مسؤولة في وزارة الخارجية أوصت خلال نهاية الأسبوع بعدم المشاركة والمثول أمام المحكمة، بهدف عدم منح الشرعية للقرارات التي ستتخذها. إلا إن القرار ستتخذه الحكومة المقبلة التي سيتم تأليفها خلال الأسابيع المقبلة، وفقط بعد أن تصادق الهيئة العامة للأمم المتحدة على القرار بصورة نهائية، بعد شهر.
  • هناك حسنات وسيئات لمقاطعة المحكمة: تجاهُل إسرائيل للمداولات، من الممكن أن يعزز خلاصات التقرير ضدها؛ وفي المقابل، يمكن أن يسمح للمستوى السياسي بالتشكيك في صدقية التقرير. فعندما قررت المحكمة في سنة 2004 أن بناء جدار الفصل العنصري هو بمثابة "ضم غير قانوني"، قالت النيابة العامة في ردها، إن القرار يستند إلى معطيات جزئية غير محدثة لأن إسرائيل لم تتعاون، ولم تمرر المعلومات التي لديها لدراسة الموضوع.
  • وحتى لو قاطعت إسرائيل المداولات، سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف سيؤثر تقرير المحكمة ونشاط محكمة الجنايات الدولية في سياستها في الضفة، وهل ستبقى الحكومة متماسكة في حال قرر نتنياهو تبنّي خط "معتدل" في محاولة لتقليل الأضرار. هل سيكون للمداولات في محكمة الجنايات تأثير في سياسات الاستيطان لحكومة بن غفير - سموتريتش؟ وهل سيعود خطاب "الضم" الذي حمله نتنياهو في نهاية ولايته الأخيرة الآن؟ وفي المقابل، هل ستسمح الحكومة المقبلة بتوسيع البناء الفلسطيني وتعمل على خفض القيود على حرية الحركة في الضفة؟

 

 

المزيد ضمن العدد