الحاجة ستلتقي مع القدرة، وسنحصل هذه المرة على نسخة نتنياهو الأخطر
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • قام بنيامين نتنياهو والليكود بإدارة حملة انتخابية مخططة، مهندَسة ومنضبطة، خلال الأشهر الماضية. أعضاء الكنيست الذين يصرخون من المقاعد الخلفية جرى اخراسهم حتى إغلاق الصناديق، التحالف مع بن غفير تمت تهدئته والمرشح لرئاسة الحكومة قدم شخصية مسؤولة، رسمية تقريباً. في كل مرة وُجِّه إلى نتنياهو السؤال عن إمكانية تمرير قوانين تُحدث تغييرات دراماتيكية بعد انتخابه، اختار إجابة غير واضحة، عن قصد.
  • أمر واحد كان استثنائياً من الخط العام، ومن التصميم المحافظ لليافطات الانتخابية. كانت يافطة علّقها "الليكود" بألوان سوداء، تحت عنوان: "خلص، اكتفينا". ويظهر فيها على منصات الإعلانات في كل زاوية في البلد رئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لبيد، وشريكه في الائتلاف منصور عباس (الموحدة). وشكراً للفوتوشوب الذي أظهر في الصورة أيضاً كلٌّ من أيمن عودة وأحمد الطيبي (حداش - تعل)، اللذين عملياً قاما بكل ما هو ممكن لمساعدة نتنياهو على إسقاط "حكومة التغيير".
  • يبدو أن ناخبي "الليكود" والصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية التقطوا هذه الرسالة جيداً. وحتى أنها ساعدت نتنياهو على الوصول إلى النصر. فإلى جانب سياسة الهويات وصراع بقاء نتنياهو ضد النظام القضائي الذي يدّعي أنه يلاحقه، هناك عامل أساسي لعب دوراً مركزياً في حسم الانتخابات: كراهية العرب وضمان إبعادهم عن كلّ مركز قوة. نتنياهو، كما هو نتنياهو، عزف جيداً على وتر العنصرية، عبر نشر ادعاءات مبالَغ فيها عن 53 مليار شيكل حولّتها حكومة بينت – لبيد - غانتس، قائلاً "منحوها للإخوان المسلمين وحماس."
  • ازداد الكره للعرب في إسرائيل والخوف منهم، في أعقاب المواجهات التي جرت داخل "المدن المختلطة" خلال حملة "حارس الأسوار" في أيار/مايو 2021 (نهاية فترة حُكم نتنياهو السابقة)، يجب أن نضيف إلى ذلك تطوُّراً آخر لم يحصل على الاهتمام الكافي في الإعلام: ازدياد "الجرائم" من المجتمع العربي، الموجهة ضد اليهود (سرقات واقتحامات زراعية، أموال حماية، ومواجهات)، وبصورة خاصة في النقب والجليل. هذه المسارات التي ازدادت خلال أيام نتنياهو، تعمقت في العام الأخير.
  • الشعور العام كان فقدان السيادة والأمن الشخصي، وخصوصاً في التعامل مع العرب في إسرائيل، أكثر من الفلسطينيين في الضفة. "الليكود" يستمر في استغلال التوجهات الديموغرافية الواضحة أيضاً، واستغلال حقيقة أنه، وبعيون جمهور واسع، محافظ، متدين - قومي وحريدي، فإن مشاركة العرب في الحكم هي خط أحمر يجب الانقضاض عليه بكل قوة. وكما أشيرَ سابقاً، في الوقت الذي انشغل نتنياهو ببناء جدار معسكره، عبر اتفاقيات مسبقة، قام المعسكر المقابل بتسجيل أهداف مذهلة في مرماه، تبدأ من غرور رئيسة حزب "العمل" ميراف ميخائيلي، وصولاً إلى الخلافات الداخلية ما بين الأحزاب العربية.
  • خلال الأعوام الـ15 من حُكم نتنياهو، بينها 10 أعوام متتالية، رأينا وجوهاً مختلفة لنتنياهو. وأكثر من مرة، رأينا الاختلاف ما بين اللهجة القتالية الصارمة وبين الأفعال ذاتها. تهديد أعداء إسرائيل لم يُترجَم إلى مغامرات عسكرية، والهجوم على النظام القضائي لم يُستعمل حتى اليوم لمحاولات تغيير الديمقراطية الإسرائيلية جذرياً. الظروف هذه المرة مختلفة، كما هو معروف. الحاجة (قوانين توقف المسار القضائي ضده) ستجتمع مع القدرة (حكومة يمين متطرف، التي سيفرح الأعضاء فيها بتحجيم قوة المحكمة العليا والشرطة والنيابة العامة).
  • في المرات النادرة سابقاً، حين تطرّق نتنياهو إلى التغييرات القضائية المتوقعة، تحدث عن لجنة خاصة عليها أن تبحث وتوصي. يمكن التقدير، بنوع من الثقة، أن أعضاء هذه اللجنة عُيِّنوا وأهدافها حُدِّدت. النتيجة المهمة، بالنسبة إلى نتنياهو، ستكون وقف محاكمته، ولكن سيتم إدخال تعديلات قانونية عليها، يمكنها تغيير الديمقراطية الإسرائيلية من أساسها. مختصون في القضاء يتابعون الخطوات المتوقعة، ولديهم قناعة بأن الائتلاف الجديد سيستطيع استكمال هذه الخطوات خلال بضعة أشهر من دون صعوبة، باستثناء "احتجاجات بلفور" أمام مقر رئاسة الحكومة، جديدة وموسعة في الشوارع.
  • لا فائدة كبيرة من صراخ "اليسار" عن نهاية الدولة. على عكس الكثير من التقديرات التي تم نشرها في الأيام الماضية، أشك كثيراً في أن يتم إغلاق صحف، ورمي المثليين عن السطوح، أو إقامة معسكرات لمعارضي النظام. ولكن، المخطط لا يقل سوءاً. لا يمكن تجاهُل الارتفاع المذهل لحزبٍ، جزء كبير منه مركّب من داعمي مئير كهانا، الذين يحملون أيديولوجيا عنصرية. هنا تلتقي معاً داخل النظام السياسي، الرؤية الأيديولوجية والتأثير الممكن في الواقع الأمني. سيشارك في الحكومة المقبلة أعضاء، بعضهم لديه ملفات كبيرة لدى الوحدة اليهودية في "الشاباك". سيكون على رئيس الجهاز رونين بار ورجاله مشاركتهم معلومات أمنية حساسة.
  • سيشارك في القرارات المصيرية داخل "الكابينيت"، والتي تتعلق بخطوات عسكرية أو استخباراتية مهمة تجعل إسرائيل على عتبة الحرب، أشخاص علاقتهم بالخدمة العسكرية ضعيفة جداً، وهذا قبل الحديث عن المخاطرة بخدمة عسكرية قتالية. أغلبية ناخبي "يهدوت هتوراه" ورؤساء الأحزاب وجزء من ناخبي حركة "شاس"، لا يخدمون في الجيش بتاتاً أمّا في زعامة الصهيونية الدينية، فعدد لا بأس به منهم أمضى خدمة عسكرية غير مكتملة، أو مؤجلة، وجزء منهم رفضه الجيش بسبب آرائه المتطرفة. في الأسابيع الأخيرة برز اهتمام كبير بعد الروايات المتضاربة التي قدمها لبيد عن المسار الذي أوصله من خلاله خدمته العسكرية إلى صحيفة "بمحانيه" [صحيفة يصدرها الجيش الإسرائيلي] وبالمقارنة مع جزء من الذين خلفهم في "الكابينيت"، يكون لبيد نصف جنرال. وفي الحكومة الآخذة في التشكل يُصوّر زعماء الصهيونية الدينية كآلهة حرب.
  • هذه كلها عوائق يجب على نتنياهو التعامل معها لاحقاً لكن يبدو أنها ستحظى بأولوية ثانوية في سلّم الأولويات بالنسبة إلى خططه بخصوص النظام القضائي. سيبحث نتنياهو تعيين الجنرال يوآف غالانت في منصب وزير الأمن، لكن من المتوقع أن يحتفظ لنفسه بتأثير كبير فيما يحدث في الوزارة. وفي هذه الحالة، سيكون هناك أهمية كبيرة للسؤال عن هوية رئيس مجلس الأمن القومي، ومدير عام وزارة الأمن. يمكن التقدير، بحذر، أن الموجودَيْن في المنصبين الآن، د. إيال حولاتا والجنرال في جيش الاحتياط أمير إيشل، لن يبقيا هناك وقتاً طويلاً. بين المرشحين لهذه المناصب الذين تم ذكر أسمائهم، كترجيحات حالياً، رئيس مجلس الأمن القومي السابق خلال حُكم نتنياهو، مئير بن شابات، والجنرالان في الاحتياط إيال زمير وعميكام نوركين.
  • وفي الوقت نفسه، سيتولى هرتسي هليفي منصب قائد هيئة الأركان في كانون الثاني/يناير. وإلى جانبه، سيستمر في منصبه كلٌّ من رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار ورئيس "الموساد" دافيد برنيع. تم تعيين هليفي وبار على يد الحكومة المنتهية ولايتها وحاول "الليكود" وضع عقبات أمام تعيين هليفي من قبل حكومة انتقالية.
 

المزيد ضمن العدد