النتائج تشنج المعدة؛ دولة واحدة لشعبين يهوديين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • نتائج العينات الانتخابية تشنج المعدة من شدة الخوف. وبالاستناد إليها وبحذر مطلوب، سيؤلف بنيامين نتنياهو حكومة تنهي عهد "الديمقراطية" الإسرائيلية كما عرفناها في أكثر من 70 عاماً. هذه النتيجة هي نتيجة حكم نتنياهو الطويل والعقيم - المليء بالتضليل، والفساد، والتحريض، والعنصرية وجرى خلاله الاحتفال بحرية واحدة هي حرية المستوطنين- توقعتها الاستطلاعات المسبقة. ولقد ازدادت بلورة، وأصبحت أكثر سمنة وضخامة طوال الأعوام الخمسة عشر الماضية.
  • العينات، إذا تبين أنها نتائج نهائية، لم تتوقع نتائج الانتخابات. بل هي لخصت الرؤية التي صيغت بتصميم ودقة، وكان الهدف منها القضاء على العلاقة الكاذبة بين "اليهودية" و"الديمقراطية"، وصوغ وحش إثني - فاشي. القيم الليبرالية تماشت وفقاً لما يطلبه السياسيون والبلطجية الأيديولوجيون. أحزاب كانت تبدو في الظاهر أنها تحمل أعلام القيم، تحولت إلى غير صالحة. وهذا ليس محصوراً باليسار، بل في الوسط أيضاً، وفي أوساط العرب والحريديم. الجهد المبذول من أجل تبيان الاختلافات ما بين "العمل" و"ميرتس"، أو بين "قوة يهودية" و"الصهيونية الدينية"، والتدقيق في فحص أيديولوجيا "الليكود"، وبمَ تختلف عن أيديولوجيا "المعسكر الرسمي"، وصل في نهاية المطاف إلى يافطة واحدة "فقط نتنياهو" أو "فقط ضد نتنياهو".
  • مسار الصَهر السياسي الذي بدأ مع تأليف "حكومة التغيير" التي جلس فيها المنافسون الأيديولوجيون كأسرى، وكزوا على أسنانهم بصبر مذهل، والتزم الواحد منهم بالآخر، بقوة الكراهية المشتركة لنتنياهو، صحيح أن هذا المسار وُلد لمنع نتنياهو من ولاية إضافية، لكنه، وبالخطأ، تعامل مع الانقسام: "فقط بيبي" و"فقط لا بيبي" كموضوع تقني، شخصي، يفتقر إلى الأيديولوجيا، وحتى أنه مخزٍ. وكأن كل مَن يصوت، استناداً إلى هذا الاعتبار، مستعد لبيع قيَمه وأيديولوجيته شرط ألا ينتخب نتنياهو مرة أخرى.
  • بصورة متأخرة جداً، فهم هؤلاء واعترفوا بأن التصويت، بحسب هذا المعيار الشخصي، بجوهره، هو خيار أيديولوجي. ولقد تطور هذا الاعتراف فقط عندما تحول ظلُّ بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير إلى خطر ملموس.
  • لقد تحول إنقاذ نتنياهو من السجن إلى قضية هامشية، قد تكون مهمة في نظر منافسيه وداعميه، لكنها ليس لها وزن قومي، مثل تغيير طريقة الحكم وتحويل الدولة إلى دولة ثيوقراطية قانونياً. التقني تحول إلى جوهري، والشخصي إلى فكرة.
  • تُلقي نتائج العينات الضوء الواضح على حقيقة أن الخطر تعاظم. وحتى لو لم تمنح النتائج النهائية نتنياهو القدرة على تأليف حكومة، وسيكون علينا التوجه إلى انتخابات سادسة. مع كلّ جولة انتخابية تم إجراؤها حتى الآن، تمأسس الخلاف الأيديولوجي الذي يحدد حقل الألغام الذي يفصل بين رؤية ديمقراطية وأُخرى تسلطية - عنصرية. في هذه المعركة، لا مكان لفتات الأحزاب، للبحث في الفروقات الشكلية، أو البحث من خلال عدسة مكبرة عن الفروقات الحقيقية أو الوهمية ما بين "اليسار - وسط" أو "اليسار- يساري".
  • كما أثبتت الجولات الانتخابية، الصراع هو صراع بين معسكرات أيديولوجية، والحرب بين المعسكرات، وخصوصاً داخل معسكر اليسار - وسط، نهايتها ليس فقط الجلوس في المعارضة، بل الضياع أيضاً. يجب أن نأمل بأن تؤدي النتائج النهائية لجولة انتخابية إضافية إلى الاستمرار في مسار الصَهر داخل معسكر "اليسار - وسط"، حيث يتم التعامل مع العرب كقوة انتخابية، وهذه المرة، ليس فقط لأهداف تكتيكية انتخابية، بل لوضع سور واقٍ صلب حول "الديمقراطية" الجوهرية ومؤسساتها. الخيار الآخر، الذي يبدو واقعياً الآن، هو أن دولة إسرائيل ستتحول إلى قيادة ميليشيات سياسية، بقيادة مجرم متهم بقضايا جنائية، يضع قنابله تحت كل مؤسسة ديمقراطية، ويحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، لقوميتين يهوديتين.