سقف لبيد الزجاجي: الخوف من التعامل معه كيساري
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

 

  • في أحد الأيام بعد الانتخابات سنة 2013. جلسنا، أنا ويائير لبيد، في منزلي للتفكير فيما سنفعل. كان لديه الكثير من العروض، التي لن أدخل في تفاصيلها، بشأن زيادة إنجازات حكومة بنيامين نتنياهو (التي انضم إليها حينها). أما أنا فكان لديّ عرض خاص بي: أن يكون هو نفسه رئيساً للحكومة. كان لديه 19 مقعداً، مع 15 مقعداً لحزب العمل برئاستي (ولفحص بقية مركّبات المعادلة، يمكن البحث في غوغل: انتخابات 2013). كان هذا ممكناً، بشرط دعم حزب عربي من الخارج. وبشكل حاسم، فرض لبيد فيتو قطعياً على الفكرة. حينها، توجهت إلى الرئيس شمعون بيرس أيضاً، وقلت: كنا نريد التوصية بلبيد، لكنه يرفض.
  • منذ ذلك الوقت، استطاع رئيس الحكومة جمع خبرة سياسية ناجحة، إلى جانب التأييد الجماهيري المتصاعد. وأيضاً وجود حزب عربي في الائتلاف بات شرعياً بواسطة نتنياهو. ولكن بصورة منافية للمنطق، في المكان الذي جمع فيه الأمن ورجل الدولة والسياسة يعود مرة أخرى ليضيّع فرصة رئاسة الحكومة في الساحة نفسها التي تنازل فيها حينها: وهي المواطنون العرب في إسرائيل.
  • فقط هم ونسبة تصويتهم المرتفعة لديهم القدرة على الحسم الاستراتيجي الحقيقي بين المعسكرات، وهذا لن يحدث إلا إذا اعترف زعيم المعسكر بأهميتهم. لماذا سيهرع المواطنون العرب إلى الصناديق، إذا كان لبيد يقوم بكل ما يمكن ليكون "بيبياً" أكثر من بيبي؟ وعندما يستمعون إلى التفاخر والتوجيهات بأن الجيش وقوات الأمن يتصرفون في الضفة بعدوانية لم يكن لها مثيل منذ أعوام؟ والمغزى هو: لا تشكّوا في أننا، لا سمح الله، من اليسار. نحن أكثر تصلباً، ونخيف أكثر من بيبي وبن غفير سوياً. نحن، على عكسهم، نريهم العين الحمراء.
  • كم من المرات علينا أن نكون في هذه المسيرة الحمقاء الدموية؟ مَن يحتاج إلى توضيح أكثر بأن هذه الوحشية هي أرض خصبة للتحريض على الكراهية والدفع بالمزيد من العمليات؟ هل يوجد مَن يعتقد أن العقاب الجماعي الذي فُرض على مخيم شعفاط برمته، والحصار الثقيل على حياة الناس، سيؤدي حقاً إلى القبض على "المخرب" الذي هرب إلى هناك؟ فمن الواضح لكل عاقل أنه في حال تم القبض عليه، فهذا سيكون بفضل معلومات استخباراتية دقيقة-عمليات عسكرية محددة وتعاوُن مع السلطة الفلسطينية التي يتحدثون عنها بالسوء.
  • "قوات الأمن لن تتوقف إلا بعد الوصول إلى المخربين ومَن أرسلهم"، القدس هي عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، ولا شيء سيغير هذه الحقيقة"، يزيد في الشعارات. منذ متى يشمل خلود إسرائيل مخيم شعفاط للاجئين وأمثاله؟
  • التخوف الواضح من الظهور بمظهر الضعيف أمام اليمين، واستغلال الفرصة لطرح الشعارات، لا يستحقان هذا الثمن العالي بالدماء الذي تؤدي إليه هذه السياسة. وعشية الانتخابات، يبدو أن هذه الممارسات لا تحمل أي قيمة سياسية. بل على العكس، يبدو أنها سقف زجاجي. وفي الواقع بغض النظر عما يقوله أو يفعله فإن هذا التوتر دائماً يخدم اليمين. وبالأساس: يزرع الإحباط في أوساط الناخبين العرب.
  • الميل إلى التعامل معهم وكأنهم لا تهمهم القضية الفلسطينية، والنظر إليهم كأنهم مجموعة غير أيديولوجية يمكن شراؤها بالـ"ميزانيات"، ليس أفضل بكثير من المقولة الفاشلة لريكلين التي قالها في استوديو "القناة 14"، وبحسبها، فإن سكان "مدن التطوير" الذين لا يصوتون لليمين هم كسالى. فهم يحصلون على دليل آخر على أنهم لا يملكون أي سبب للمشاركة في المسار الديمقراطي. فبديل نتنياهو، بالنسبة إليهم، ليس أفضل من نتنياهو نفسه.
  • لبيد رجل حملات بارد ومتزن. إلا أنه هنا يتأثر بجاذبية تعيقه كي يتصرف بطريقة يبدو أنه لا مفر منها. صحيح أنه يقوم بحساب كل خطوة وتأثيرها في الناخبين المحتملين. لكن هذا سيكون انتصاراً موقتاً خلال أيام معركة معدودة، ومن الممكن أن تكون هزيمة في المعركة الكبيرة، إذ عليه التوقف عن القيام بالشيء ذاته. وبالأساس عليه أن يتوقف عن الهروب من المقولة الواضحة والتي لا تحتاج إلى اعتذار وهي أن المواطنين العرب ومَن يمثلهم في الكنيست شركاء شرعيون، متساوون ومرغوب فيهم.
  • زيارة لبيد المخطط لها إلى الناصرة تُذكّر بشكل محزن، بذهاب إيهود براك برفقة يوسي بيلين لـ "أكل الحمص عند العرب"، بعد أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2000. هنا يجب أن يكون نموذجه رئيس حكومة آخر، يتسحاق رابين، الذي ترك فكرة "تكسير الأيدي والأرجل" ووضع رؤية سياسية، وحاز دعماً غير مسبوق، وصل إلى أن يحظى بالحب من الجمهور العربي في إسرائيل.
 

المزيد ضمن العدد