أعلن كلٌّ من إسرائيل ولبنان اليوم (الثلاثاء) موافقتهما على النسخة الأخيرة من اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والتي نقلتها الولايات المتحدة. في البداية، أعلن عون موافقته على النسخة، قائلاً: إن الاتفاق جيد للبنان، وإن كل المطالب اللبنانية جرت الموافقة عليها. بعده أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد موافقته على الاتفاق، قائلاً: "إنه إنجاز تاريخي سيعزز أمن إسرائيل، وسيُدخل مليارات الدولارات إلى الاقتصاد الإسرائيلي، وسيؤمن الاستقرار على حدودنا الشمالية." وسيطلب لبيد عقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر غداً كي يعرض عليه الاتفاق، بعدها سيُطرح الاتفاق على الحكومة خلال جلسة خاصة.
حتى الآن، لم يقرر رئيس الحكومة بالمناوبة نفتالي بينت ما إذا كان سيستخدم الفيتو ضد الاتفاق. وهو سيقرر كيف سيصوت بعد أن يطّلع على نص الاتفاق النهائي ويستمع إلى الجهات الأمنية. في إسرائيل، يقولون إن الملاحظات اللبنانية التي رفضها لبيد تغيرت، والنسخة عُدِّلت، لكن لا يزال هناك طريق طويلة، غير أن التوجه أصبح واضحاً.
وكانت الولايات المتحدة أرسلت مساء أمس المسودة النهائية لاتفاق الحدود البحرية إلى لبنان، بعدها صرّح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، قبيل منتصف الليل، بأن كل المطالب التي طالب بها لبنان جرت الموافقة عليها. وفي إسرائيل، قال رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولتا هذا الصباح: "كل مطالبنا جرت الموافقة عليها، وأُدخلت التغييرات التي طالبنا بها. لقد حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية، ونحن في الطريق إلى اتفاق تاريخي." وصرّحت وزيرة الطاقة كارين ألهرار لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "أنا على معرفة جيدة بالاتفاق وأعرف جميع الصيغ التي بُحثت. اللبنانيون تراجعوا، التصلب في المواقف من جانب إسرائيل أثبت نفسه، وكل المطالب الإسرائيلية تمت الموافقة عليها. والآن، سيُطرح الاتفاق على الحكومة لإقراره." ويوضح الاتفاق الحدود البحرية التي وضعتها إسرائيل، والتي تمر غربي رأس الناقورة، والممتدة على طول خمسة كيلومترات في منطقة العوامات "الطفافات" التي نشرتها إسرائيل في الماضي، ويحصل للمرة الأولى على اعتراف دولي. في المقابل، حقل الغاز قانا-صيدون الذي يقع الجزء الأكبر منه في المياه الاقتصادية اللبنانية، وجزء صغير منه في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، سيكون بأكلمه للبنان، لكن إسرائيل ستحصل على عائدات منه. وترى المؤسسة الأمنية أن الاتفاق سيساعد على ترسيخ الاستقرار في المنطقة، وهو يستجيب لكل المطالب الأمنية الإسرائيلية - بينما تدّعي المعارضة أن الاتفاق قدّم تنازلات كبيرة جداً إلى لبنان. لكن يبدو أن الموافقة الإسرائيلية النهائية ستكون أكثر تعقيداً، لأن هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، وبسبب اقتراب موعد الانتخابات ووقوف المعارضة ضد الاتفاق.
في غضون ذلك، ينتظر لبيد المخطط التفصيلي الذي ستقدمه المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارة لإقرار الاتفاق، ويبدو حتى الآن أن الحكومة ستوافق على الاتفاق، لكن إقراره بصورة نهائية لن يكون إلاّ بعد الانتخابات. وكانت المستشارة القانونية عرضت في الأسبوع الماضي الإجراء الذي يجب أن يُتّبع عموماً، فقالت إن الاتفاق بحاجة إلى أن تُقرّه الحكومة رسمياً، وبعدها يُعرَض على الكنيست خلال أسبوعين - الأمر الذي سيؤخره إلى ما بعد الانتخابات. ونظراً إلى الجدول الزمني الضاغط، اقترحت المستشارة خياراً آخر هو طرح الاقتراح على التصويت فوراً في الكنيست، الأمر الذي سيجعله يصطدم بمعارضة الليكود.
وفي الواقع، ونظراً إلى أن الاتفاق لن يُقَر نهائياً إلاّ بعد الانتخابات، فإن لبيد "يقيّد" نتنياهو الذي يقدم الاتفاق على أنه خضوع لحزب الله، فإذا شكّل رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الحكومة المقبلة وقرر إلغاء الاتفاق، فعليه أن يتحمل مسؤولية حرب قد تنشب مع لبنان. في تقدير الحكومة الحالية، أن نتنياهو لن يلغي الاتفاق لأنه يدرك مغزى هذا القرار، ولا سيما أن رؤساء المؤسسة الأمنية جميعهم، من رئيس الأركان، وصولاً إلى رئيس الموساد، يؤيدون الاتفاق، ويقولون إنه يلبّي المطالب الأمنية الإسرائيلية.
وكان نتنياهو صرّح أمس بالتالي: "من وراء ظهر المواطنين الإسرائيليين والكنيست، خضع لبيد وغانتس لابتزاز حزب الله. هما يقدمان إلى حزب الله أرصدة استراتيجية لدولة إسرائيل. حزب الله سيستخدم مليارات الغاز من أجل التسلح بالصواريخ والقذائف ضد مواطني إسرائيل، وستتمركز إيران في مواجهة رأس الناقورة ومقابل حقول الغاز الإسرائيلية. ولا يحقّ لحكومة تصريف أعمال ضعيفة، ومن الهواة، اتخاذ قرار خطِر تحت جنح الظلام، وقبل أيام معدودة من الانتخابات."
وأعلنت شركة إينرجين، أول أمس، ربط منصة كاريش بمنظومة الغاز الإسرائيلية والبدء بتجربة تشغيل الغاز من الساحل إلى المنصة، وذكرت الشركة أنها ستبدأ بضخّ الغاز من الساحل إلى المنصة، عبر شبكة الأنابيب تحت البحر، وهذه الخطوة مهمة في عملية ضخّ الغاز من المنصة. والمقصود هو المرحلة الأخيرة قبل البدء باستخراج الغاز من المنصة، والذي يمكن أن يبدأ في نهاية هذا الشهر.
التقديرات الآن أن الاستخراج سيبدأ من منصة كاريش في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، ومن دون أن يكون لذلك صلة بالمفاوضات مع لبنان، لأن المنصة تقع داخل الأراضي الإسرائيلية. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الموعد ليس نهائياً، ويمكن أن يتغير.