عامان على "اتفاقيات "أبراهام": البدايات مبشّرة، لكن هذا رأس جبل الجليد الاقتصادي والتجاري فقط
تاريخ المقال
المصدر
والا
أُطلق في سنة 1995، وهو بالأساس شركة إنترنت إسرائيلية تملكها شركة بيزك للاتصالات الإسرائيلية، ويُعتبر من أشهر المواقع في إسرائيل، ويُصنَّف بين أول 9 مواقع. يوفر الموقع الأخبار على مدار الساعة، والتي يأخذها من صحيفة هآرتس، ومن وكالات الأنباء. وبدءاً من سنة 2006 أصبح لدى الموقع فريق إخباري وتحريري متخصص ينتج مواد وأخباراً، ولديه شبكة للتسوق عبر الإنترنت.
- في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر الحالي، تصادف الذكرى السنوية الثانية لـ"اتفاقيات أبراهام" التي جرى توقيعها بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب. إنها اتفاقيات تاريخية فتحت أفقاً سياسياً جديداً، وعززت المنظومة الاستراتيجية المعتدلة التي يجري العمل على بنائها في الشرق الأوسط. فإلى جانب الإنجاز السياسي والجيو - سياسي الذي تحقق من خلالها، ثمة أهمية اقتصادية - تجارية لهذه الاتفاقيات أيضاً من الدرجة الأولى، حظيت بمناقشات غير قليلة.
- لكن الآن، حيال الدفء الذي يدبّ مجدداً في العلاقات مع تركيا، وحيال التحديات الاقتصادية العالمية، نشأت فرصة نادرة لتوحيد نقاط القوة المشتركة لدى إسرائيل ودول "اتفاقيات أبراهام" سوياً مع حوض البحر المتوسط. وقد حققت إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، وحدهما حتى الآن، إنجازاً اقتصادياً مهماً، تمثل في بلوغ قيمة التبادل التجاري بينهما حتى منتصف سنة 2022 ما يعادل قيمته في سنة 2021 كلها.
- لكن إلى جانب البشرى الاقتصادية الكامنة في العلاقات التي يجري بناؤها رويداً رويداً، وبالتدريج، وكذلك القدرة على العمل في مقابل أطراف ثالثة لا تزال علاقاتها مع الشركات الإسرائيلية محفوفة بحساسية فائقة، فإن "اتفاقيات أبراهام" تتيح لإسرائيل إعادة بلورة مفهوم جديد أوسع بكثير للمنظومة التجارية، بحيث يربط هذا المفهوم بين الدول الخليجية ودول حوض البحر المتوسط، سعياً لإنشاء منطقة تجارة واسعة، كبيرة وقوية، حدودها الشرقية في تركيا، والشمالية في اليونان، والجنوبية في مصر، والغربية في المغرب. هذه المنطقة تشكل كتلة تجارية كبيرة بصورة جدية، تضم ما يزيد عن نصف مليار إنسان، ومتعطشة للتعاون وللتقانة الإسرائيلية.
- من الواضح أنه علاوة على الطاقات الكامنة في العلاقات معهما على المستويين الثنائي والإقليمي، تشكل الإمارات العربية المتحدة والمغرب بوابة إلى دول أفريقيا ودول أُخرى عديدة، وهنا بالذات تكمن احتمالات وفرص إضافية أُخرى بدأت شركات إسرائيلية بتحقيقها. ما من شك في أن منظومة التجارة الخارجية الإسرائيلية عملت، خلال السنتين اللتين انقضتا منذ توقيع هذه الاتفاقيات، بما ينسجم تماماً مع سياسة رئيس الحكومة ووزير الخارجية يائير لبيد، ووزيرة الاقتصاد أورنا بربيفاي، وبتضافُر الجهود والأدوات، عملت وزارة الاقتصاد ووزارة الخارجية و"معهد التصدير الإسرائيلي" على فتح أسواق جديدة أمام الصناعات الإسرائيلية.
- كما عملت الجهات المعنية على فتح الملحق الاقتصادي في أبو ظبي، وتنظيم وفود تجارية إسرائيلية، سوياً مع وزارة الخارجية، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالفعل، حضرت هذه الوفود إلى هنا، جرى توقيع اتفاقيات للتعاون بين "معهد التصدير" و"اتحاد الصناعيين" و"اتحاد الغرف التجارية" مع مؤسسات ومنظمات موازية، مثل مراكز الاستثمارات في أبو ظبي ودبي، ومن المؤكد أن سفراءنا هناك والسفراء الذين تم تعيينهم هنا قد أرسوا منظومة علاقات مميزة تقوم على الثقة المتبادلة وقاعدة حقيقية ومتينة لتطوير العلاقات الاقتصادية.
- كما شاركت إسرائيل أيضاً في جناح وطني خاص في معارض ضخمة جداً في مجالات الرقميات، والسيبرانية، والصحة والأغذية في دول خليجية، وهذا كان مجرد حلم بالنسبة إلى الشركات الإسرائيلية حتى ما قبل عامين فقط. ومن دواعي سرورنا أنه أصبح بالإمكان سرد العديد من قصص النجاح، وليس في المجال الأمني فحسب. فعلى سبيل المثال، جرى إطلاق وتطوير مشروع مشترك بين المركز الطبي "شيبا" في "تل هشومير" ومستشفى إماراتي لمعالجة مرضى السكري عن بُعد، بينما يعمل مستشفى "إيخيلوف" في تل أبيب على بناء مشروع جديد، بالإضافة إلى فرص واعدة للتعاون الثنائي في مجالات أُخرى، في مقدمتها الزراعة والأغذية.
- في النصف الأول من سنة 2022، بلغ حجم التبادل التجاري 1.2 مليار دولار - أي ضعفيْ إجمالي التبادل التجاري في العام الماضي كله. أما حجم الصادرات، فقد وصل في سنة 2021 إلى 185 مليون دولار، ما يعادل ثلاثة أضعاف حجمها في سنة 2020، قبل توقيع "اتفاقيات أبراهام". وتشير تحليلات معهد التصدير إلى أن حجم الصادرات الإسرائيلية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة سيبلغ نحو 770 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري.
- إن حقيقة تعزُّز مكانة دولة الإمارات بوتيرة سريعة وتحوُّلها إلى أحد أهداف التصدير الإسرائيلي الـ 25، الأكبر في العالم، هي في حد ذاتها إنجاز عظيم، غير أنه من الواضح تماماً أن الإمكانات الاقتصادية ـ التجارية الكامنة لا تزال بعيدة جداً عن التحقيق. ثمة حاجة إلى مزيد من الوقت للتعرف على الأسواق الجديدة والثقافة التجارية التي تميزها، إلا إن تحقيق الإمكانات الكامنة يستلزم عملاً يومياً دؤوباً، متواصلاً ومنهجياً، سواء من جانب الدولة، أو من جانب القطاع التجاري.
- التوقيت الحالي، الذي تعود فيه تركيا لتكون شريكة سياسية واقتصادية لإسرائيل، هو على درجة عالية جداً من الأهمية والخصوصية، وخصوصاً من منظور الحاجة إلى ترسيخ وتعزيز "اتفاقيات أبراهام". ثمة حاجة إلى خطوة إضافية أُخرى في السعي نحو الربط بين الشراكات الشرق الأوسطية الآخذة في التعمق والاتساع بين إسرائيل، واليونان، ومصر، وتركيا، والمغرب، تتمثل في تنظيم وعقد مؤتمر اقتصادي إقليمي في النقب، استمراراً لقمة النقب السياسية التي عُقدت من زمن غير بعيد.
- كمشارِكة في الوفد الإسرائيلي إلى دولة الإمارات، برئاسة رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، وفي وفد رؤساء المنظمات الاقتصادية إلى المغرب، إلى جانب لقاءات عديدة مع جهات مهمة أُخرى، أستطيع القول بكل تأكيد، إن القطاع التجاري في هذه الدول متعطش جداً إلى التعاون التجاري والاقتصادي والتكنولوجي مع إسرائيل. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر والأكثر أهمية هو في كيفية تعزيز هذا التعاون بما يخدم مصلحة الاقتصاد الإقليمي بأكمله.
الكلمات المفتاحية