ما يبدأ بعشرات الأغنام في المناطق المحتلة ينتهي بآلاف الدونمات للمستوطنين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • في أيار/مايو 1981، توجّه أوري أريئيل، الذي كان في ذلك الوقت رئيس طاقم الاستيطان في حركة "أماناه"، إلى وزير الزراعة الإسرائيلي حينها أريئيل شارون، بطلب تخصيص أراضٍ وميزانيات لرعيْ المواشي في أراضي الضفة الغربية. أُعجب شارون بالموضوع، وخصّص له [صندوق] "الكيرن كاييمت" والنيابة العامة، وخرج الموضوع إلى حيّز التنفيذ. خلال عدة أشهر، صادقت حكومة مناحيم بيغن على خطة تخصيص بضع مئات آلاف الدونمات في المناطق المحتلة لتكون مناطق رعيْ لمواشي المستوطنين. من غير الواضح عدد الأغنام والسخول، إذا كانت موجودة أصلاً، التي وصلت إلى خلف الخط الأخضر، في إطار هذا المشروع، لكن الواضح هو أنه تم بناء مئات وآلاف الوحدات السكنية على الأراضي ذاتها. وقطعان المواشي كانت مجرد ذريعة لتوسيع المشروع الاستيطاني الكولونيالي.
  • مرّت أعوام، والبؤر الاستيطانية تطورت، ويعيش الآن في الضفة الغربية ما يقارب نصف مليون مستوطن. لكن إسرائيل لم تكتف. اليوم أيضاً، وتحت رادار المجتمع الدولي، أرسلت الدولة عائلات شابة، بهدف إقامة مستوطنات في الضفة الغربية بذريعة رعيْ الأغنام، والتي تبدو بريئة. في المرحلة الأولى، تقوم إسرائيل بإعلان أن المزارع غير قانونية، وحتى أن الإدارة المدنية تُصدر أوامر بهدم المنازل (عملياً لم يتم هدم أي مزرعة). المستوطنون، من طرفهم، يعملون بطرق مختلفة خاصة بهم، تتضمن العنف، بهدف طرد رعاة الأغنام الفلسطينيين من الأراضي و"تهويد" أكبر مساحة ممكنة. وكما وصف أحد بناة هذه المزارع الموضوع: "إن الجمال في الرعيْ يكمن في أن قطيعاً واحداً من الأغنام قادر على حراسة آلاف الدونمات، هذا ما يحفظ مستقبل الأراضي المخصصة للاستيطان."
  • أول أمس (الاثنين)، بشّرنا ببدء المرحلة الثانية من خطة الدولة. صحيح أنه كان متوقعاً، لكنه وصل بأسرع مما يُتوقع. إذ نُشر في "هآرتس" أن الإدارة المدنية تدفع قدماً بـ"تشريع" بأثر رجعي لعشرات مزارع الرعاة في الضفة الغربية. "تبييض" المزارع وتحويلها إلى "قانونية"، كما يبدو، يمنح المخالفين جائزة ويشجع جرائم إضافية، لكن لا يجب اتهام المستوطنين. إنهم أداة إضافية في السياسة الإسرائيلية الممنهجة للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. فهذه السياسة هي التي تبادر وتخرق القانون وتمارس العنف ضد الفلسطينيين.
  • وماذا عن "حكومة التغيير"؟ إن التغيير الوحيد هو أنها قامت بهذا بطريقة ناجعة. إذ استغرق الأمر 20 عاماً تقريباً حتى بدأت إسرائيل بشرعنة البؤر التي بُنيت في التسعينيات، وتم تعريفها من جانبها بأنها بؤر "غير قانونية"، بينما في هذه الحالة، لم يمر أكثر من خمسة أعوام، حتى تم إدخال مزارع رعاة المواشي إلى ماكينة التبييض. المحكمة العليا لن تقف كالسدّ طبعاً، وستشرعن هذا الالتفاف.
  • إن الضفة الغربية ليست "أرضاً بلا شعب لشعب بلا أرض". وسياسات إسرائيل تضر بصورة كبيرة وواسعة بحقوق الآلاف، ومن الممكن أن تقود إلى تطهير على أساس إثني، وطرد تجمعات فلسطينية كاملة من أراضيها. والمرحلة الثالثة في الخطة معروفة: بالضبط كما حدث في سنة 1981، ما يبدأ ببضع مئات من الأغنام، ينتهي بالمزيد والمزيد من المستوطنات في المناطق المحتلة، على حساب السكان الأصليين. فمن سيوقف هذا الإجرام؟

 

 

المزيد ضمن العدد