الوضع في الضفة الغربية يثير قلق المؤسسة الأمنية أكثر من غزة وحزب الله
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • التوجهات العميقة في الضفة الغربية، والتي تتجلى من خلال ازدياد قوة "حماس" والجهاد الإسلامي في مناطق معينة، على حساب مكانة السلطة الفلسطينية الآخذة في التآكل - تُقلق المؤسسة الأمنية أكثر من قطاع غزة، ومن حزب الله في الشمال.
  • الجيش الإسرائيلي والشاباك نجحا في إحباط أغلبية نشاطات التنظيمات "الإرهابية" الكبيرة، بواسطة جهد استخباراتي خارج عن المألوف من حيث النوعية، ومن خلال عمليات عملانية على الأرض، وقبل تنفيذ الهجوم. لكن نقطة ضعف المؤسسة الأمنية هي التنظيمات المحلية، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين من شمال الضفة، وصولاً إلى نابلس، وهي عموماً تنظيمات لشبان تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاماً، لا ينتمون إلى تنظيم معروف، ولم يعرفوا عملية "الجدار الواقي" [العملية العسكرية التي شنها الجيش ضد مدن الضفة سنة 2002].
  • تعمل التنظيمات الكبيرة، وبينها الجهاد الإسلامي، على تعزيز مكانتها في مخيمات اللاجئين، بواسطة تمويل هؤلاء الشبان وتسليحهم، والذين يعتمد ولاؤهم واعتزازهم على خلفيتهم الجغرافية، وكونهم أبناء مخيم واحد للاجئين في جنين، وفي بلاطة والقصبة في نابلس. وتتقدم الصداقة والجيرة والانتماء العائلي على الالتزام بتنظيم له هذه الهوية أو تلك.
  • عمليات إطلاق النار في العامين الماضيين نفّذت معظمها خلايا محلية في شمال الضفة، وهذا التوجه يزداد زخماً. وبحسب أرقام المؤسسة الأمنية، وقع بين كانون الثاني/يناير 2021 وحتى تموز/يوليو قرابة 30 هجوماً وحادثة إطلاق نار. بينما سُجّل في الفترة عينها من العام الحالي 91 حادثة وهجوماً، أي بزيادة ثلاثة أضعاف. يمكن تفسير جزء من هذه الحوادث بأنه يعود إلى زيادة النشاطات العملانية للجيش في مخيمات اللاجئين في الأشهر الأخيرة في جنين ونابلس، لكن هذا لا يعدو كونه تفسيراً جزئياً.
  • في السنة الأخيرة برز عدد كبير من الشبان الفلسطينيين المستعدين للمخاطرة بحياتهم في مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي الذي يعمل على الأرض، وفي مقابل إطلاق النار في المخيمات، سُجّل ارتفاع كبير أيضاً في عدد عمليات إطلاق النار على الطرقات والمحاور في الضفة الغربية ضد الجنود والمدنيين.
  • لكن على الرغم من هذا التصاعد في إطلاق النار، فإنه سُجّل تراجُع في أعمال الشغب في المناطق. ولم تؤدّ عمليات إطلاق النار إلى جرّ الجماهير الفلسطينية إلى الشوارع، لكن احتمال خطرها كبير على الاستقرار في المنطقة، وإطلاق النار هذا تحاول كل من "حماس" والجهاد الإسلامي تأجيجه. ونظراً إلى أن هذين التنظيمين يجدان صعوبة في تنفيذ هجمات منظمة في مواجهة الاستخبارات الإسرائيلية، فهما يوجهان جهودهما ومواردهما إلى مخيمات اللاجئين من أجل دعم التنظيمات والمجموعات المسلحة الصغيرة.
  • كما قلنا، الجمهور الفلسطيني لا يخرج إلى الشوارع، لكن ازدياد استعداد الشبان الفلسطينيين لتعريض حياتهم للخطر في المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في مخيمات اللاجئين ليس ظاهرة هامشية. صحيح أن مستواهم الحرفي ليس عالياً، لكن تجربتهم العملانية تزداد، وأكثر من مرة، في إمكان الشخص غير المحترف، وغير المدرب على استخدام السلاح، تسجيل نجاحات عملانية.

تأثير شبكات التواصل الاجتماعي

  • في المؤسسة الأمنية يتخوفون من اتجاهات التقليد والمحاكاة مع السرعة التي تقوم بها شبكات التواصل الاجتماعي في تتويج أبطال وطنيين جدد. نجم التيك توك إبراهيم النابلسي الذي اغتالته القوات الإسرائيلية في نابلس، حظيَ بتعاطف كبير، ليس بفضل تجربته الغنية ومستواه الاحترافي كمقاتل، بل بفضل قدرته على كسب التعاطف على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال توثيق الصراع مع الجيش الإسرائيلي وتصوير نفسه بأنه مستعد للموت من أجل ذلك، وتحوُّله إلى رمز وطني للنضال الفلسطيني.
  • في الأعوام الأخيرة، في أغلبية المرات التي كان الجيش وقوات محاربة الإرهاب يستخدمان "طنجرة ضغط" في محاصرة منزل مطلوب بهدف اعتقاله، كان المطلوب يخرج من المنزل ويُسلّم نفسه. منذ اغتيال النابلسي خلال تباُدل إطلاق نار مع القوات الإسرائيلية، لم يعد المطلوبون يسارعون إلى تسليم أنفسهم، بل يخوضون معركة إطلاق نار مع القوات، حتى وصولهم إلى المرحلة التي يدركون فيها أن موتهم أصبح قريباً، وأنهم حققوا صوراً تمجّد قتالهم ضد الإسرائيليين. وفي عالم الشباب وشبكات التواصل الاجتماعي، فإن عدد اللايكات والمشاهدات له تأثير في الحوافز على القتال وتعريض الحياة للخطر، حتى عندما يكون خطر الموت كبيراً.
  • يحاول الجيش وقف التوجه نحو التقليد. فرقة يهودا والسامرة، التي تقوم بالتخطيط للعمليات في المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة، تنوي الاستمرار فيها وزيادتها، انطلاقاً من نظرية أن الدفاع وحده لا يكفي. بناءً على ذلك، يتعين على الجيش المبادرة إلى القيام بعمليات لمواجهة ازدياد التوجهات نحو التصعيد وضعف الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومحاولات "حماس" والجهاد الإسلامي تعزيز نفوذهما العسكري في هذه المخيمات.
  • تصاعُد عمليات الجيش الإسرائيلي في مخيمات اللاجئين سيزيد عدد الحوادث في مواجهة المسلحين الفلسطينيين، لكن في اعتقاد الجيش، من دون هذه العمليات، سيزداد إطلاق النار على الطرقات والمحاور المركزية ضد المدنيين.
  • هذا التوتر، بين عمليات عسكرية لإحباط هجمات وبين التصعيد الذي تؤدي إليه، ومع ازدياد عدد الحوادث وعدد القتلى في الجانب الفلسطيني، تتحمل مسؤولية إدارته قيادة المنطقة الوسطى. يجري هذا كله في فترة انتخابات، إذ تصبح قضية الضفة الغربية أكثر تعقيداً، ويمكن للأطراف السياسية استخدام كل عملية للجيش الإسرائيلي من أجل خدمة الحملات الانتخابية.
  • من جنين وحتى نابلس، تعتبر المؤسسة الأمنية أن التحدي المركزي هو فصل شمال الضفة عن غيرها وعدم السماح لهذه التوجهات بالانزلاق إلى مناطق أُخرى. في الأعوام الأخيرة، إلى جانب الهجمات وواقع أمني شديد التعقيد في العلاقة بين السكان العرب واليهود، جرت المحافظة على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية عموماً.
  • لا فرق بين هذه الحكومة والحكومة التي سبقتها في الموقف القائل بعدم بروز حل سياسي في الأفق الآن، ويجب المحافظة على وتيرة الحياة العادية، والمحافظة على العلاقات القائمة مع السلطة الفلسطينية، وفي المقابل، العمل على تحسين الاقتصاد ورفاه السكان.
  • في إسرائيل، يعتقدون أنه في أحيان كثيرة فيما يتعلق بالفلسطينيين، تتغلب المصالح الاقتصادية والشخصية على التطلعات الوطنية، حتى مع عدم وجود حوار سياسي منذ أعوام عديدة. هذا الافتراض صحيح الآن، في ضوء الاختبار، والنتيجة أن الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين لا تخرج إلى الشوارع للاشتباك مع قوات الجيش الإسرائيلي.
  • لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن التوجهات التي تتطور حالياً في مخيمات اللاجئين، وفي قرى شمال الضفة الغربية، تذكّر بأن النضال الوطني الدائر بين إسرائيل والفلسطينيين لن يختفي، ولا يمكن حلّه بواسطة مسائل اقتصادية فقط. حجم الحوادث على الأرض ليس كبيراً جداً، لكن يزداد احتمال التصعيد الذي تنطوي عليه هذه الحوادث عشية عيد رأس السنة.

 

 

المزيد ضمن العدد