منذ 3 أعوام، سورية تمنع إيران من مهاجمة إسرائيل من أراضيها
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في الأول من أمس، وخلال أقل من ساعة، تعرّض أكبر مطارين في سورية للهجوم، في حلب وفي دمشق. وفقاً لتقارير أجنبية، كان الهجوم إسرائيلياً. إذ كان من المنتظر وصول طائرة إيرانية تقلّ عناصر وعتاداً عسكرياً، أولاً إلى حلب. وعندما وقع القصف بالقرب من المدرجات، غيّرت الطائرة مسارها واتجهت نحو مطار دمشق الدولي. أيضاً تعرضت المناطق القريبة من المطار للقصف، لكن الطائرة كانت قد حطت...
  • محاربة المسعى الإيراني لتسليح أذرعة طهران في شتى أنحاء الشرق الأوسط، ونشر قواعد عسكرية لميليشيات شيعية بالقرب من الحدود مع إسرائيل، أثمرت حتى الآن نتائج محدودة. الموضوع خاضع للنقاش، ومن الصعب إثباته، لكن المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل يدّعي أن المعركة بين الحروب بطّأت وتيرة التسليح إلى حد كبير. وأيضاً فيما يتعلق بوسائل القتال المتقدمة - منظومة دفاع جوي وصواريخ دقيقة- يبدو أن الإنجازات الإيرانية لم تكن مطابقة لتوقعات الزعامة في طهران. صحيح أن حزب الله أنشأ في لبنان قدرة أولية لمنشآت تحويل وإنتاج الصواريخ (مشروع الصواريخ الدقيقة الشهير)، لكن الأعداد لا تزال ضئيلة نسبياً، والمشروع يواجه صعوبات.
  • إسرائيل كان لديها تطلعات بعيدة المدى لم تتحقق. فقد ادّعى مسؤولون إسرائيليون في الأعوام الأخيرة أن في الإمكان دقّ إسفين بين الحليفين الكبيرين للنظام السوري، روسيا وإيران. لكن هذا لم يحدث، وعملياً، ما جرى هو العكس: روسيا الآن بحاجة إلى مساعدة إيران، في ضوء تعقيدات الحرب الأوكرانية، وعملياً، هي تشتري من طهران مئات المسيّرات الإيرانية التي تحتاج إليها لمواصلة الحرب. لكن الهجمات المكثفة على سورية أثمرت نتيجة استراتيجية مهمة. الرئيس بشار الأسد، الذي يرغب في تقليص الاحتكاك بإسرائيل، منع الإيرانيين من مهاجمة إسرائيل من أراضيه.
  • طوال فترة 2018-2019، وفي عدة مناسبات، شغّل الحرس الثوري الإيراني ميليشيات شيعية في الجولان السوري لإطلاق مسيّرات وحوامات وصواريخ على الأراضي الإسرائيلية. وذكرت صحيفة "النيويورك تايمز" في تقرير لها هذا الأسبوع، أن الأسد منع الإيرانيين من القيام بعمليات انتقامية من أراضيه قبل نحو عام. يتضح الآن أن المنع يعود إلى 3 أعوام. في نهاية سنة 2019، وقبل وقت قصير من عملية اغتياله على يد الأميركيين في العراق، تلقى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني رسالة من الأسد يطلب فيها منه الامتناع من القيام بهجمات إضافية.
  • خليفة سليماني الجنرال إسماعيل قآاني، الذي يُعتبر شخصية رمادية وأقل تأثيراً من سلفه الأسطوري، تقيد بهذا الطلب بشدة. وعوضاً عن ذلك، اكتفى الإيرانيون بالرد بواسطة أذرعتهم. في كل مرة تهاجم إسرائيل مصلحة عزيزة على قلوبهم في سورية، يطلبون من الميليشيات الشيعية إطلاق مسيّرات، أو صواريخ، على القاعدة الأميركية في التنف جنوب - شرق سورية. وحتى الآن، يحرص كل الأطراف على الحذر الشديد، حتى عندما يرد الأميركيون على قصف إيراني، والجميع يبذل جهداً كبيراً للحؤول دون وقوع إصابات، والتركيز على مهاجمة أهداف خالية من الناس.
  • الهجمات التي نُسبت إلى إسرائيل في الأمس، استغلت تغيّراً آخر في الصورة- القرار الروسي بسحب بطارية الصواريخ أس- 300 من سورية، وهي بطاريات للدفاع الجوي نُشرت في منطقة مصياف شمالي دمشق في أواخر سنة 2018، وكانت خطوة عقابية روسية إزاء إسرائيل، بعد سقوط طائرة تجسُّس من طراز أليوشن أُصيبت عن طريق الخطأ بصاروخ سوري مضاد للطائرات جرّاء هجوم إسرائيلي، وهذه البطاريات، بعكس الوعود الرسمية، لم تُنقل قط إلى قيادة سورية مباشرة، ومؤخراً جرى نقلها إلى روسيا بسبب الحرب الأوكرانية. الآن، بقيت بطاريات الصواريخ أس-400 الأكثر تطوراً، التي يشغّلها الروس في شمال غرب سورية، لكن عملياً، يتركز هدفها على الدفاع عن القاعدة الجوية الروسية هناك، وليس المناوشات مع إسرائيل. وعلى الرغم من التوبيخ العلني المتكرر، فإنه لا يبرز تشدُّد في موقف موسكو من الهجمات الإسرائيلية في سورية.
  • هذا التغيّر في الانتشار، يُظهر تراجُع اهتمام الدول الكبرى بما يجري في سورية. وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن مشاغل أكثر إلحاحاً للاهتمام بها. وحتى أن الأميركيين الذين يحتفظون ببضع مئات من الجنود في التنف وفي قواعد صغيرة، يُظهرون اهتماماً ضئيلاً بما يجري في سورية. في المقابل، لا تزال الإدارة الأميركية تتمسك بشدة بمقاطعة نظام الأسد. وهناك مَن يعتقد في إسرائيل أنه لو اختلفت الظروف، لكان في الإمكان التوصل إلى اتفاق مُلزم مع الأسد، بوساطة الدول الكبرى، بشأن الوقف الكامل للأعمال العدائية. ويبدو أن مثل هذه الخطوة يتلاءم مع مصالح النظام السوري. لكن هذا لا يمكن أن يحدث لثلاثة أسباب، هي: عدم شرعية الأسد، في نظر دول الغرب؛ عدم اهتمام الدولتين الكبيرتين؛ واستمرار العلاقة بين الأسد وإيران في ظل غياب إمكانات أُخرى. لكن في الأعوام الأخيرة برزت عودة الحرارة إلى علاقة سورية بدول الخليج السّنية، لكن لا السعودية، ولا الإمارات، مستعدتان لتوظيف عشرات مليارات الدولارات من أجل البدء بإعادة إعمار سورية بعد فظائع الحرب الأهلية.
  •  
 

المزيد ضمن العدد