الهجوم في طرطوس: إسرائيل تستعد لمواجهة تدفُّق المال إلى إيران
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • في نهاية الأسبوع الماضي هاجمت إسرائيل أهدافاً تابعة لإيران وحزب الله في غرب سورية، بالإضافة إلى "مركز الأبحاث العلمية" في منطقة دمشق. وبالاستناد إلى مصادر مختلفة، نُفِّذ الهجوم من الأجواء اللبنانية، وأدى إلى إصابة شخصين بجروح.
  • قبل أسبوع، هاجمت إسرائيل أهدافاً إيرانية في منطقة طرطوس، وهو ما أدى إلى مقتل 3 جنود من الجيش السوري وجرح ثلاثة جنود آخرين. ووفقاً لمصادر أمنية، إيران نقلت عمليات تهريب السلاح إلى سورية، من منطقة اللاذقية إلى منطقة طرطوس القريبة من القاعدة البحرية الروسية، انطلاقاً من الافتراض أن إسرائيل ستتخوف من مهاجمة هذه المنطقة الواقعة تحت السيطرة الروسية، كي لا تتورط مع روسيا.
  • الهجوم الإسرائيلي على طرطوس جاء بعد يومين من الكلام الحاد الذي قاله وزير الخارجية سيرغي لافروف، بحضور وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. ومما قاله لافروف: "ندين بشدة الهجمات الخطِرة التي تقوم بها إسرائيل في سورية في الوقت الراهن." وعموماً، كانت روسيا تتجاهل هذه الهجمات؛ من هنا، كان كلام لافروف خطوة غير عادية.
  • تقول مصادر أمنية إسرائيلية إن النشاطات الإيرانية ازدادت في منطقة طرطوس، وفي منطقة الساحل السوري الواقعة تحت سيطرة روسيا، لكن على الرغم من إدانة الوزير لافروف، فإن التنسيق العسكري بين إسرائيل وروسيا لم يتضرر نتيجة الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا.
  • الهجمات الإسرائيلية التي وقعت قبل أسبوعين، استهدفت أهدافاً إيرانية تقع على بُعد 8 كيلومترات من القاعدة البحرية الروسية التي تُعتبر أكبر قاعدة بحرية روسية على البحر المتوسط. ومنذ بداية هذه السنة، شن سلاح الجو الإسرائيلي 20 هجوماً على أهداف إيرانية وأُخرى تابعة لحزب الله في الأراضي السورية، الجزء الأكبر منها في منطقة دمشق.
  • لإيران وجود كبير في قيادات الألوية وفرق الجيش السوري، وهي تحاول إخفاء عتادها العسكري الذي تهرّبه إلى سورية في مخابىء محصنة تحت الأرض، وفي أنفاق تابعة للجيش السوري. وبدأ كلٌّ من إيران وحزب الله باستخدام مستودعات وحاويات سلاح في منطقة طرطوس القريبة من الحدود السورية -اللبنانية، لتخزين السلاح الذي يأتي من إيران بحراً، عبر ميناء طرطوس. افتراض إيران أن إسرائيل لن تهاجم مخازن سلاح قريبة من القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس تبين أنه غير صحيح، فهي تقوم بهجمات دقيقة جداً، وتحرص على عدم المسّ بالمصالح الروسية في سورية. كما تتمسك إسرائيل بشدة بالتفاهمات الأمنية التي جرى التوصل إليها في منتصف سنة 2019، بينها وبين روسيا والولايات المتحدة، في اجتماع عُقِد بين مندوبين عن كلٍّ من إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة. هذه التفاهمات نصّت على أنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها في مواجهة نشاط الميليشيات الإيرانية في سورية.
  • الروس أيضاً يتمسكون بهذه التفاهمات. ولقد غضب الكرملين على إسرائيل بسبب موقفها من الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، ويستخدم موضوع نشاط الوكالة اليهودية في روسيا للضغط على إسرائيل وتصفية حسابه معها، لكنه في هذه الأثناء، ما زال يلتزم بعدم تغيير التفاهمات مع إسرائيل بشأن عملياتها العسكرية ما دامت لا تمسّ بالمصالح الروسية.
  • استمرار التنسيق العسكري بين إسرائيل وروسيا في الشأن السوري هو رصيد استراتيجي مهم، يتعين على المستوى السياسي في إسرائيل المحافظة عليه. وقد أصبح هذا التنسيق حساساً جداً الآن، لأنه إذا تم توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، فإن النتيجة المباشرة ستكون تحويل مئات ملايين الدولارات إلى عمليات "فيلق القدس" في الحرس الثوري في سورية والعراق. وستصل الأموال بعد رفع العقوبات عن إيران وحل مسألة تجميد الأموال الإيرانية في المصارف الأوروبية.
  • في تقدير رئيس الحكومة المناوب نفتالي بينت، أن المبلغ التي ستحصل عليه إيران خلال عامين هو ربع مليار دولار، لكن رئيس الحكومة الحالي يائير لبيد قال في الأسبوع الماضي: "إذا وُقِّع الاتفاق النووي الأصلي، فإنه سيكون بمثابة تقديم جائزة إلى إيران، قدرها 100 مليار دولار سنوياً، وهذا المال سيذهب للإرهاب." ومن المتوقع أن تستأنف إيران بيع النفط بكميات كبيرة، وهو ما سيؤدي إلى خفض أسعاره بسبب أزمة الطاقة العالمية، وهذا سيزيد في مداخيلها.
  • من جهتها، إسرائيل ستضطر إلى زيادة هجماتها في سورية لعرقلة التمركز العسكري الإيراني على الحدود بين سورية وإسرائيل، ومنع تهريب السلاح المقدم من إيران إلى حزب الله في لبنان، عبر سورية. من هنا، فإن الوضع الأمني على الجبهة الشمالية يمكن أن يصبح خطِراً وشديد التعقيد.