إذا توحدوا، مَن سيحارب الاحتلال؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مع تشكيل قائمتيْ اليسار الصهيوني للكنيست، قائمة حزب "العمل" وقائمة "ميرتس"، لم يعد ممكناً الادّعاء أن لا فرق بينهما. "ميرتس" طرحت قائمة يبرز فيها معارضون للاحتلال، هؤلاء الذين يشكل الصراع ضد الاحتلال علمهم الأول، فوق كل علم آخر. أما حزب "العمل" فطرح قائمة لا يوجد فيها أي معارض ناشط للاحتلال. هذه ليست قصة كبيرة. أمّا الاستنتاج: ممنوع خوضهما الانتخابات سوياً، لأن ذلك سيبدد الفروق الأيديولوجية فيما بينهما.
  • ثمن الاندماج أعلى من الخطر، غير القائم تقريباً، بالفشل في عبور نسبة الحسم. فالصهيونيون الذين يمنعهم الاحتلال من النوم أكثر من أي أمر آخر، ولا يزالون يؤمنون بالحل الكاذب بالدولتين - يجب عليهم التصويت لـ"ميرتس". اليساريون في نظر أنفسهم الذين الاحتلال بالنسبة إليهم هو موضوع مضني، ومهم، لكنه ليس مصيرياً؛ يقولون بدولتين ويضيفون لا يوجد شريك - فلنصوت لحزب "العمل". لا يجب دمج هاتين الطريقتين. ففي المعسكر المحتضر لليسار الصهيوني، لا يوجد قاسم مشترك، علماً أن التمني هو وجود يسار غير صهيوني في إسرائيل.
  • الغريب هو أن "ميرتس" هي مَن تطالب بالوحدة. كان من الملائم لحزب "العمل" أن يقوم بكل شيء بهدف التوحد، وهو ما كان يفعله دائماً. دمج "مباي" مع "احدوت هعفودا"، ودمج كليهما مع "رافي"، "العمل" مع "مبام"، ولتذهب الفروق إلى الجحيم. وقد يكون هذا في مصلحة ميراف ميخائيلي، التي يُقال إنها ترى الفروق. وضدها، يقال إنها تهرب منها كمن يهرب من النار.
  • لهفة "ميرتس" للوحدة تنبع من مخاوف الأداء واستغلال الفرص، لكن هذه اللهفة كان يجب أن تكون لـ "ميرتس" السابقة. مع زهافا غلؤون في الزعامة، موسي راز في المكان الثاني، وغابي لاسكي في المكان السادس - ثلاثتهم بنوا سيرتهم الذاتية الجماهيرية بشكل يدعو إلى الاحترام، وضد الاحتلال - لا يوجد لدى "ميرتس" ما يجعلها تخجل من تميُّزها، وعليها أن تحافظ عليه بقوة. مع حزب "العمل"، ستفقد "ميرتس" شخصيتها التي جددتها أخيراً.
  • حزب "العمل"، على عكسها، يطرح قائمة لا ترى الاحتلال. لا أحد من المرشحين فيها يعرف شيئاً عن الاحتلال، كيف يبدو عن قُرب، وكم هو سيئ ومجرم؛ الاحتلال لا يعنيهم. قد تكون آخر مرة زارت ميراف ميخائيلي الضفة الغربية، عندما ذهبنا سوياً لتناول وجبة العشاء في قرية رامين، بمناسبة إطلاق سراح أقدم الأسرى الإداريين حينها، أسامة برهم. 25 عاماً مرت منذ ذلك الوقت. الآن لا يوجد لديها، ولا لحزبها، أي كلمة لتقولها عن الاعتقالات الإدارية، حتى عندما يخوض أحد ضحاياها إضراباً عن الطعام.
  • لا يمكن لـ"ميرتس" خوض الانتخابات بقائمة واحدة مع مَن يتجاهلون الاحتلال. يوجد الكثيرون منهم في الكنيست، تقريباً جميع الأعضاء اليهود فيه. "ميرتس" التي ستتوحد مع الذين يتجاهلون الاحتلال، ستخون نفسها. قامت بهذا خلال الأعوام الماضية، ومن الجيد أنها انتبهت إلى حد ما. "نعاما لازيمي وأصدقاؤها أكثر يساريةً من ميرتس"، هذا ما كتبه نحميا شترسلر، وهو يهدد بصعود اليمين المتطرف إلى الحكم بسبب معارضة ميخائيلي للوحدة. بالنسبة إلى شترسلر، اليسار هو العمل المنظم، أولاً وآخراً، وليس الاحتلال.
  • كذلك الأمر بالنسبة إلى افتتاحية "هآرتس" (29/8)، التي شجعت ميخائيلي على الموافقة على الوحدة، وحذّرت من "تراجيديا سياسية" - هي عودة نتنياهو إلى الحكم. ولمحبي نغمة التهديدات، هذه الحسابات لا يجب الاستخفاف بها. لكن هناك حسابات أهم، أيديولوجية. فإن لم يجد حزب صهيوني يصارع الاحتلال مكاناً صغيراً في الكنيست، فمعنى هذا أننا انتهينا، مات اليسار الصهيوني في إسرائيل.
  • من الصعب جداً، وحتى من المستحيل أن تعارض الاحتلال وتبقى صهيونياً. ومن الصعب جداً، وحتى من المستحيل أن تكون يهودياً غير صهيوني في إسرائيل. يجب إعطاء "ميرتس" الفرصة الضئيلة لتثبت أن هذا ممكن. فإذا انزاحت "ميرتس" باتجاه حزب "العمل"، فسيكون العرب فقط هم الذين يعارضون الأبرتهايد، وهو ما سيجعل إسرائيل أسوأ من جنوب أفريقيا. هناك على الأقل، كان بعض البيض، وجزء كبير منهم من اليهود، ناضلوا ضد النظام.