مشكلة ديموغرافية؟ ببساطة، سنقوم بتهجير جميع العرب
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في أعقاب المقال المهم الذي نشره كلٌّ من غلعاد هيرشبرغر وسيون هيرش- هافلر وشاؤول أرئيلي، تحت عنوان "خلال نومكم، تحول اليهود إلى أقلية في أرض إسرائيل"، المنشور في صحيفة "هآرتس 5/8"، أود الإضافة، والتشديد على بعض الأمور. صحيح، في سنة 2022، أصبح اليهود أقلية في "أرض إسرائيل"، كما يظهر في المعطيات التالية:
- عدد سكان "أرض إسرائيل" (من البحر حتى نهر الأردن) في 2022:
- مجموع عدد اليهود و"آخرين" في أرض إسرائيل هو 7.454.000- 49.84%
- عدد العرب: 7.503.000-50.16%
منهم: 2.256.000 في قطاع غزة، و3.244.000 في الضفة الغربية، و2.003.000 العرب في إسرائيل.
- وعلى الرغم من ذلك، فإنه من المهم التشديد على أن الوضع أصعب بكثير، إذ شمل "عدد سكان أرض إسرائيل" جماعات عديدة من غير اليهود وغير المواطنين. الحديث يدور عن عمالة أجنبية بتصريح، أو من دون تصريح، وغرباء مع تصريح، أو من دون تصريح (طلاب جامعيون، رجال دين ومتطوعون)، وعن مهاجرين من أفريقيا وأولادهم الذين ولدوا في إسرائيل، وسياح من دون تصريح، وفلسطينيين من دون تصريح اقامة من خلال مسار لمّ الشمل. وبحسب التقديرات، يصل عدد هؤلاء إلى 650 ألفاً. هذه الحقيقة تقلص نسبة اليهود في أرض إسرائيل إلى 46%-47% فقط. ومن المهم الإشارة إلى أن مسار تحويل اليهود إلى أقلية في أرض إسرائيل بدأ عملياً في سنة 1967.
- وماذا يخبىء لنا المستقبل؟ بحسب توقعات لجنة الإحصاء المركزية، ففي سنة 2065، سيكون في "أرض إسرائيل" 31 مليون نسمة. ومنذ اليوم، تُعد "أرض إسرائيل" واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظاً في العالم، ونشعر بهذه الكثافة في الشوارع؛ في أسعار العقارات؛ في الكثافة داخل الحدائق العامة القومية، التي يتم إغلاقها دورياً بسبب فائض الزوار؛ وكذلك في المشهد العمراني الذي يمتلىء ويسيطر على المناطق المفتوحة. هل نستطيع فهم ما سيحدث في سنة 2065، عندما سيعيش هنا 31 مليون شخص؟
- إذاً، كيف يمكن أن تكون "أرض إسرائيل" فقدت الأغلبية اليهودية ولم تطرح هذه القضية على جدول الأعمال؟ سأستبق وأتحدث عن موضوع الاستطلاعات التي تتحدث عن الديموغرافيا. من خبرتي، أعلم بأن المجتمع، في أغلبيته، غير مطّلع على الموضوع الديموغرافي في "أرض إسرائيل"، لذلك، فإنه لا يستطيع التفريق ما بين مصطلحات "أرض إسرائيل"، و"إسرائيل"، و"الضفة الغربية"، و"قطاع غزة"، و"القدس الشرقية"، و"منطقة المثلث"، ومناطق أُخرى. لذلك، يجب التطرق بحذر إلى الإجابات التي تتعامل مع هذه المصطلحات.
- باعتقادي، فإن عدم الاهتمام بموضوع فقدان الأغلبية اليهودية مصدره أوساط قومية (مؤمنة وغيرها) التي تتبنى الإيمان المطلق بأنه يجب عدم التشكيك في الوجود الأبدي للأغلبية اليهودية في "أرض إسرائيل". هؤلاء يؤمنون بأن كل المشاكلات ستُحَل بمساعدة الرب وتهجير العرب، واستناداً إلى هذا الإيمان، فإنهم يسخرون، بشكل جارف، من كل معطيات لجنة الإحصاء المركزية والإدارة المدنية. وفي المقابل، فإن الجمهور العلماني العامل في التكنولوجيا المتطورة يخطط للهجرة من البلد.
- خلال المحاضرات الكثيرة التي ألقيتها أمام أساتذة الديموغرافيا في "أرض إسرائيل"، لاحظت أن الأساتذة الذين ينتمون إلى المدارس القومية يسخرون، باستهزاء، من المعطيات التي عرضتها. وهذا ينبع من شعور عميق بأنه لا توجد مشكلة حقيقية في هذا، فتهجير كل العرب من هنا ليس إلا مسألة وقت. وإن كان هذا ما يشعر به الأساتذة من هذه الأوساط، فمن سينقل الحقائق للطلاب؟ كذلك الأمر لاحظت ردود فعل شبيهة في منتديات العسكريين (وضمنهم الضباط في الجيش).
- المشكلة الأكبر تقوم على أن هذا الاعتقاد غير محصور في أشخاص هامشيين فقط؛ على العكس، إنه موجود في رؤوس مَن يجلسون في مناصب عالية جداً، وفي مواقع مؤثرة ومركزية في الدولة - في التخطيط القومي، والمؤسسات الأمنية، ووزارة الزراعة، وبقية المؤسسات المهمة. وهؤلاء الأشخاص يقرّون حقائق لا يمكن العودة عنها. في هذه الدوائر، التي تُعد أقلية في المجتمع اليهودي، يقرّون الأولويات القومية، وينكرون المعطيات، ويفرضون الحقائق التي ستقودنا إلى كارثة لا عودة منها على الأرض. باسم التمسك بالضفة الغربية، يدفعون إلى خسارة الجليل والقدس والنقب. من الممكن أن تكون النتيجة فقدان "أرض إسرائيل" برمتها.
الكلمات المفتاحية