احذروا الأول من أيلول/سبتمبر: النسخة اللبنانية
تاريخ المقال
المصدر
- كما في كل عام، يزداد التوتر مع اقتراب شهر أيلول/سبتمبر، مع ترقُّب قلق، وخصوصاً مع التخوف من عدم بدء السنة الدراسية في موعدها. لكن هذه السنة، هناك سبب إضافي للتخوف والقلق: تهديدات بالحرب من لبنان، لم نسمع مثلها منذ انتهاء حرب لبنان الثانية في صيف 2006.
- مجرد استعداد حسن نصر الله للخروج من الملجأ المحصن الذي اختبأ فيه منذ 16 عاماً، يدل على أنه نسي الدرس - درس الضربات التي تعرّض لها حزبه ومؤيدوه من أبناء طائفته الشيعية خلال حرب 2006. كما يتضح أن نصر الله واثق بقدرته على الدخول في مواجهة مجدداً مع إسرائيل، ومقتنع بأن نهاية هذه المواجهة ستكون مختلفة عن المواجهة السابقة.
- نصر الله بطبيعته، ليس مغامراً أو مقامراً. خبرته الطويلة علمته التحدث بكلام عالي النبرة، لكن التحرك بحذر والسير بين النقاط. ولا خوف من أن يقرر مفاجأة إسرائيل بإطلاق صلية صواريخ في اتجاه تل أبيب، والذي سيؤدي إلى رد عنيف من جهتها. لكنه مستعد للّعب بالنار، ومقتنع بأنه قادر على السيطرة على ألسنة اللهب.
- التهديد الصادر عن نصر الله واضح وشفاف - إذا بدأت إسرائيل، كما هو مخطَّط له في مطلع أيلول/سبتمبر، باستخراج الغاز من منصة التنقيب في حقل كاريش، الموجودة ضمن السيادة الإسرائيلية، بحسب كل الآراء، وذلك قبل الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، فإن حزب الله سيتحرك لمنع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل كاريش، أو من منصات غاز أُخرى. حتى ولو كان الثمن حرباً شاملة.
- ومن أجل تأكيد جدية نياته، أرسل نصر الله مسيّرات في اتجاه منصة التنقيب في حقل كاريش، ومن المحتمل أن يجرب حظه ويطلق مجدداً صواريخ عليها، أو بالقرب منها. ففي النهاية، هو لا يريد إصابة المنصة، ويكفي أن يطلق النار بالقرب منها كي يثني الشركات الدولية المنتجة للغاز بالقرب من السواحل الإسرائيلية عن الاستمرار في عملها.
- ما يجري هو تهديد للسيادة الإسرائيلية وأرصدتها الاستراتيجية. وهذا التهديد له أهمية أكبر بكثير من اجتياز خط الحدود، وحتى مهاجمة جنود إسرائيليين على طول الحدود، حوادث قامت إسرائيل باحتوائها في الماضي من دون الرد عليها فعلاً.
- بمواجهة تهديدات نصر الله، حذّر وزير الدفاع بني غانتس من أن إسرائيل ستردّ بشدة على أي استفزاز، وأنها مستعدة لـ"معركة" في لبنان. جهات عسكرية رفيعة المستوى قدّرت أن إسرائيل يمكن أن تجد نفسها في خضم "أيام قتال"، وهذا توصيف لتبادُل محدود للضربات بينها وبين حزب الله على طول الحدود.
- لكن إذا كانت هذه هي الأجواء وطريقة التفكير لدينا، يبدو أن إسرائيل لم تتعلم شيئاً من أحداث 2006، التي بدأت بـ"أيام قتال" وانتهت بحرب شاملة أخذت إسرائيل على حين غرة، ولم تكن مستعدة لها.
- مَن يُفكر ويخطط للدخول في بضعة أيام قتال، يطلق خلالها نصر الله الصواريخ على مدن إسرائيلية، ويهاجم شوارع سكنية، وحتى أرصدة استراتيجية، ونردّ عليه بقوة، عبر مهاجمة مواقع إطلاق الصواريخ ومخازنها، أو اغتيال قائدين أو أكثر من قادة الحزب العسكريين - من الأفضل ألاّ يدخل في مواجهة على الإطلاق. أو من الأفضل أن يغيّر خططه من الأساس.
- في صيف 2006، حمَت إسرائيل الدولة اللبنانية، انطلاقاً من افتراض لم يصمد عند الاختبار، أن لبنان وحزب الله ليسا الشيء عينه، ولأنها لم تفهم إلى أي حدّ يكون إلحاق الضرر بالدولة اللبنانية، التي تحضن حزب الله، مؤلماً للحزب. ومع ذلك، فالضربات التي كان أغلبها من دون تخطيط أو تفكير منهجي، والتي وجّهتها إسرائيل إلى الحزب ومؤيديه في مربع الضاحية كان لها تأثيرها.
- إذا كان نصر الله يرغب فعلاً في الحرب، يتعين على إسرائيل الاستعداد لها بحزم وبكل قوة. لكن إذا ظلت تهديدات المسؤولين في إسرائيل بشأن ما هو متوقَّع أن تواجهه الدولة اللبنانية، وليس فقط حزب الله، في حال نشبت مواجهة من جديد، من دون إثبات - فإننا بذلك لا نمنح نصر الله "نصراً إلهياً" جديداً في حرب لبنان الثالثة فقط، بل يمكننا أن نبدأ العد التنازلي لحرب لبنان الرابعة.
الكلمات المفتاحية