تسببت تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن مخطط الإصلاح القضائي المثير للجدل والانقسام في إسرائيل بعاصفة من ردات الفعل الغاضبة من جانب عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية الذين اعتبروا موقف الولايات المتحدة غير مقبول وتدخّلاً فظاً في شؤون إسرائيل الداخلية.
وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] إن إسرائيل هي دولة مستقلة وليست نجمة أُخرى في العلم الأميركي.
ووصل السجال بين الطرفين إلى حد اتهام الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما بأنها ساهمت في قتل إسرائيليين، حينما تم فرض فيتو أميركي على منح إسرائيل السلاح في أثناء حربها في قطاع غزة سنة 2008، وهو اتهام أطلقه عضو الكنيست نيسيم فاتوري من الليكود.
وقال فاتوري: "خلال عملية ’الرصاص المصبوب’، قرر أوباما حظر مدّ إسرائيل بالأسلحة، وهو ما تسبب بمقتل جنود إسرائيليين بسبب هذا الحظر. يحدث أحياناً ألّا يتماشى الرئيس الأميركي مع إسرائيل، ولا بأس بذلك. ولكن لا أعتقد أن الرئيس الأميركي يجب أن يتدخل في شؤون إسرائيل الداخلية."
وأشار وزير شؤون الشتات عَميحاي شيكلي إلى أن "إسرائيل هي دولة ذات سيادة، وفي الإمكان توجيه انتقادات، لكن الذي يقرر مَن يقودها هو الشعب، والشعب فقط بواسطة منتخبيه كما هي الحال في أميركا."
في المقابل، حمّلت المعارضة الإسرائيلية الحكومة الحالية مسؤولية تدهور العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة.
وقال رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة يائير لبيد إن إسرائيل كانت طوال عشرات الأعوام الحليف الأقرب إلى الولايات المتحدة، غير أن الحكومة الأكثر تطرّفاً في تاريخ الدولة أفسدت ذلك خلال 3 أشهر.
وحثّ وزير الدفاع السابق ورئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على الاستيقاظ فوراً وعدم المساس بالعلاقات بين البلدين، وهو ما يشكل ضرراً استراتيجياً.
وكان المراسل السياسي لموقع "واللا" الإخباري باراك رافيد أشار إلى أن قرار نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه يوم الأحد الماضي، صدم الإدارة الأميركية وأطلق سلسلة من المشاورات العاجلة بين مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن فيما يتعلق بردّ أميركي محتمل على قرار نتنياهو. وبحسب ما أورد رافيد، نقلاً عن مصدر أميركي لم يسمّه، فإن الأفكار التي أُثيرت في تلك المشاورات كانت إلغاء مشاركة نتنياهو عن بُعد في قمة البيت الأبيض للديمقراطية، والتي تُعقد هذا الأسبوع في حال عدم إيقاف خطة إضعاف الجهاز القضائي.
وأشار رافيد إلى أن الفكرة لم تحظَ بتأييد واسع بين مستشاري بايدن، وأضاف أنه في المشاورات ذاتها تقرّر اتخاذ خطوتين، علنية وسرية، الأولى عبر بيان صدر لاحقاً لوسائل الإعلام، نيابةً عن الناطقة بلسان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، وتم فيه تأكيد القلق الأميركي بشأن الوضع في إسرائيل ودعوة نتنياهو إلى التوصل إلى حلّ وسط. والثانية عبر إيصال رسالة شخصية وسريّة من الرئيس بايدن إلى نتنياهو، قام بنقلها السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نايدس، صباح الإثنين الماضي، أي بعد قرار إقالة غالانت بيوم واحد.
من ناحية أُخرى، ردّ رئيس الحكومة نتنياهو أمس على تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه لن يوجّه دعوة إليه لزيارة البيت الأبيض قريباً، فقال إن إسرائيل هي دولة مستقلة تتخذ قراراتها، وفقاً لإرادة مواطنيها، وليس بناءً على ضغوط خارجية، بما في ذلك من جانب أفضل أصدقائها.
وكتب نتنياهو في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر": "أعرف الرئيس بايدن منذ أكثر من 40 عاماً، وأنا أقدّر التزامه لإسرائيل منذ أعوام طويلة. والحلف بين إسرائيل والولايات المتحدة صامد، وتغلّب دائماً على خلافات الرأي التي تنشأ بيننا بين الحين والآخر. وإن الحكومة برئاستي ملتزمة تعزيز الديمقراطية بواسطة إعادة التوازن اللائق بين السلطات الثلاث، والذي نتطلع إلى تحقيقه بتوافق واسع."