نهاية الأزمة ستكون فقط بميثاق جديد بين الدولة ومواطنيها
تاريخ المقال
المصدر
- يثبت التاريخ أنه في كثير من المرات لا يوجد خيار سوى الهبوط كثيراً من أجل الصعود مجدداً. فالحرب الأهلية في الولايات المتحدة كانت ضرورية من أجل التخلص من وصمة العبودية، وقوة القمع والاستبداد في أوروبا الشرقية أدّيا إلى سقوط الجدار وتوحيد أوروبا. آمل ألّا نصل إلى حرب أهلية، لكن علينا عدم الخوف من الأزمة الدستورية التي قد تحدث في الأسابيع المقبلة.
- الأزمة يمكن أن تتحول إلى فرصة. نتنياهو وليفين وروطمان ومجموعتهم يقودون دولة إسرائيل إلى اكتشاف نفسها. الجمهور الليبرالي الصامت خرج إلى الشوارع لأنه شعر بأن هناك مَن يحاول سلبه حريته. هذا المعسكر الذي كُتب الكثير عن لامبالاته، يكتشف نفسه وإصراره، ويدرك أن عليه أن يناضل ويرفع صوته بقوة ووضوح، وإلّا فإن الفاسدين والعنصريين والأصوليين سيسيطرون على حياته.
- الآن أيضاً، لا يزال السيف مُصلتاً على رقبة الديمقراطية الإسرائيلية. اقتراح قانون السيطرة على الجهاز القضائي المطروح على الكنيست، هو مثل مسدس ملقّم وموجّه، وينتظر الضغط على إصبع التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة.
- وهذا ما عرفه الإسرائيليون الذين نزلوا إلى الشوارع، والذين أعلنوا أنهم لن يواصلوا الخدمة في الجيش والمساهمة في دولة يحاول زعماؤها تحويلها إلى ديكتاتورية في طور التكوين. الإسرائيليون يتطوعون ليكونوا جنوداً في معركة الدفاع عن صورة الدولة، والتي ستنشب في لحظة تنفيذ الحكومة تهديدها بمواصلة العملية التشريعية والرفض الكامل لتوجيهات المحكمة العليا، وهو ما سيجرّنا جميعاً إلى أزمة دستورية.
- هذه الأزمة التي تشكل نقطة انحدار الدولة، يمكن أن تكون بداية التصحيح. إنها اللحظة الحاسمة التي يتعين فيها على الجيش وعلى الشاباك والموساد والهاي - تك والأكاديميين وكثيرين غيرهم حسم أمرهم، والاختيار بين الديمقراطية والديكتاتورية، وبين المحكمة العليا وبين "الحاكم الأعلى". وسيكون هذا اليوم الذي سيبدأ فيه التصحيح، والذي سيطرد الجسم ظاهرة تفشّت فيه منذ أعوام كثيرة لأسباب، ليس أقلها عدم القدرة على التمييز بين حكم عسكري ديكتاتوري في المناطق [الفلسطينية المحتلة] وبين الديمقراطية في الداخل الإسرائيلي؛ إنه اليوم الذي سترفض فيه المنظومات التي أقيمت هنا منذ 75 عاماً من عمر الدولة، ما انتشر فيها وتوطد إلى حد أنه أصبح يهدد وجودنا هنا كدولة ديمقراطية يهودية.
- قد تكون المعركة بين المدافعين عن الدولة اليهودية الديمقراطية وبين مؤيدي الديكتاتورية صعبة وطويلة، لكن لا مفرّ منها، لأن الصراع ليس بين اليمين واليسار، بل هو بين أنصار الحرية وبين الذين يتمسكون بعصا القمع. ونهاية هذه المعركة ستكون فقط من خلال ميثاق بين الدولة ومواطنيها، أساسه الدستور الإسرائيلي الذي يضمن حقوق كل مواطن في إسرائيل، الأكثرية والأقلية، ميثاق نأمل منه ألّا يتجاهل الفيل في الغرفة، وهو الاحتلال المستمر منذ 56 عاماً، والسيطرة العسكرية على شعب آخر، إلى جانب اللامبالاة بحقوق الإنسان التي انزلقت بمرور السنوات إلى الجانب الثاني من الخط الأخضر، وتهدد الآن بتدميرنا.