تحذير استراتيجي موجه لإسرائيل
تاريخ المقال
المصدر
القناة 7 "عروتس شيفع"
–
الموقع الالكتروني
- إن كلّاً من الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي على رأس وفد كبير من أعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين، وموافقته على إلقاء خطاب أمام الكنيست للمرة الأولى منذ سنة 1998، يدل على الصداقة العميقة التي تشعر بها المؤسسة السياسية الأميركية تجاه إسرائيل، ومن المهم أن يمنح المضيفون في إسرائيل مكارثي التقدير والاحترام.
- لكن على الرغم من مكانة مكارثي العالية في التسلسل الهرمي الأميركي (الثاني من حيث الأهمية بعد الرئيس ونائب الرئيس)، فهو زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، وخصم الحزب الديمقراطي. في المقابل، يزور إسرائيلَ سياسيون أميركيون آخرون، بينهم مرشحون ينوون خوض الانتخابات الأولية للرئاسة والترشح على مقاعد في الكونغرس.
- في هذا الوقت تحديداً - عشية دخول الولايات المتحدة في سنة الانتخابات وإعلان الرئيس بايدن ترشحه لولاية إضافية - يتوجب على إسرائيل أن تكون حذرة، وأن تحرص على ألاّ تُظهر انحيازاً إلى طرف ما، أو تدخُّلاً في السباق الرئاسي الذي من المنتظر أن يكون متوتراً للغاية، وخصوصاً إذا ترشح الرئيس السابق دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري ضد بايدن.
- ومن المتوقع أن يمدح مكارثي في خطابه أمام الكنيست العلاقات بين الدولتين ويثني عليها، وأن يشدّد على التزام الولايات المتحدة منذ سنوات بأمن إسرائيل ورفاهها، وكل هذا صحيح، ويعكس وجهة النظر السائدة في المؤسسة الأميركية كلّها. مع ذلك، يجب ألاّ يكون لكلام مكارثي المهم وقع جميل على آذاننا، لأن أحداث الأشهر الأخيرة، وخصوصاً الاستياء الأميركي من سلوك الحكومة بشأن التشريعات القضائية والتطورات في الساحة الفلسطينية، والتدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ووصولها إلى أزمة، وتلكؤ الرئيس الأميركي حتى الآن عن دعوة رئيس الحكومة نتنياهو إلى زيارة واشنطن، كلّها أمور تعكس أزمة ثقة حادة بين الزعيمين. ويبدو أن رسالة بايدن واضحة؛ الدعوة مرتبطة بخطوات تتخذ، لا بكلام.
- شهدت العلاقات الإسرائيلية - الأميركية في السنوات الأخيرة عدداً من الأزمات العميقة، لكن على عكس الماضي (حين كانت هذه الأزمات تتعلق بقضايا سياسية – أمنية)، فهي اليوم تتعلق بقضايا لها علاقة بالقيم. إن موقف الإدارة الأميركية هو أن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية يمكن أن تؤدي إلى تقويض القيم الديمقراطية المشتركة بين الدولتين، وتغيير صورة الدولة التي تشكّل أساساً للعلاقات الخاصة بين الدولتين. لذلك، هناك أهمية فائقة لتغير الرأي العام في الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، والفجوات الحادة بين الحزبين في هذا الشأن. وبرز في استطلاعات أُجريت أن كثيراً من الديمقراطيين يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر مما يتعاطفون مع إسرائيل، ويبرز هذا التغير في الرأي العام وسط الشباب في الأغلب.
- لذا، يجب أن نرى في سلوك الرئيس بايدن تحذيراً استراتيجياً لإسرائيل، فإن زعزعة الأسس التي يستند إليها الحلف بين الدولتين سيؤدي إلى إلحاق الضرر بقوة إسرائيل الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية. إن علاقة الإدارة الأميركية بإسرائيل ليست أمراً مفروغاً منه، وليست محصّنة بصورة مطلقة، ومن الممكن أن تنتقل الإدارة الأميركية من التصريحات إلى الأفعال، ولديها مجموعة خطوات تستطيع اتخاذها، يمكن أن تُلحق ضرراً حقيقياً بالعلاقة الوثيقة على مستوى الزعامة، وهو الأمر الذي له أهمية كبيرة حالياً في ضوء التطورات إزاء إيران وتآكل دعم الإدارة الأميركية الواسع لمصلحة مواقف إسرائيل واستعدادها للدفاع عنها في المنتديات الدولية.
- اسمحوا لي أن أشير إلى أن الولايات المتحدة تشكّل ركيزة أساسية لأمن دولة إسرائيل وحصانتها، ولا بديل للحلف الاستراتيجي بين الدولتين. ولن أتحدث هنا عن عمق التعاون والمساعدة التي تقدّمها الولايات المتحدة لإسرائيل. إن العلاقات مع الولايات المتحدة لها الأولوية بالنسبة إلى إسرائيل، ويفرض الاعتماد على الولايات المتحدة على إسرائيل أن تأخذ في حسبانها المصالح الأميركية.
- يتوجب على القيادة الإسرائيلية الدفاع عما تعتقد أنه مهم بالنسبة إلى الأمن القومي الإسرائيلي، حتى لو كان الثمن الجدل مع الإدارة الأميركية. لكن مع ذلك، يجب أن نفهم أنهم في واشنطن، كما في الإدارة وفي الكونغرس، ينتظرون من إسرائيل أن تحترم المصالح الأميركية، ويجب أن يكون واضحاً لإسرائيل وحكومتها أنه يتوجب عليها ألاّ تنتظر استجابة من الإدارة الأميركية لحاجاتها في الوقت الذي تتعارض فيه سياسة إسرائيل بصورة كبيرة مع مصالح الولايات المتحدة وقيمها، وذلك من دون الخوض في تفصيلات الخطوات العملية التي يتوجب على إسرائيل أن تقوم بها.