ما تسبب بتجميد خطة الانقلاب القضائي الحكومية، تقرير للجيش الإسرائيلي يحذّر من تحول إسرائيل إلى دولة دكتاتورية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- تراكمت في الآونة الأخيرة مجموعة من التقارير في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية تحذّر من تأثيرات خطة الانقلاب القضائي على الاقتصاد. وهي تقارير صادرة عن بنك إسرائيل المركزي، والخبيرة الاقتصادية الرئيسية في وزارة المال، وقسم الميزانيات في وزارة المال، فضلاً عن تقرير خفض التصنيف الائتماني لشركة "موديس"، وأُضيف إليها في الأسبوع الأخير تقرير هيئة الابتكار الذي حذّر من التدهور السريع في فرع الاقتصاد الأكثر نمواً والواعد في إسرائيل، وهو فرع الهايتك.
- وقد تم عرض جميع التقارير على متخذي القرارات، لكنها استُقبلت باستخفاف كبير. ويمكن القول إن هذه التقارير ليست هي التي تسببت بوقف [تجميد] خطة الانقلاب القضائي.
- إذن، ما الذي أوقف هذه الخطة؟ إن الذي أوقفها هو تقرير لم يتم كشف النقاب عنه، ومن المشكوك فيه أن سيتم الكشف عنه يوماً ما، وهو تقرير للجيش الإسرائيلي، طلب عَقِبَهُ وزير الدفاع يوآف غالانت، في 25 آذار/ مارس، وقف سن قوانين الانقلاب القضائي فوراً، لأن هذه القوانين ستعرّض أمن الدولة للخطر. وقد استند في أقواله إلى التقرير، إذ قال إن الشرخ في المجتمع الآخذ في الاتساع وصل أيضاً إلى الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية. في اليوم التالي، أعلن رئيس الحكومة نيّتَه إقالة غالانت، لكنه بعد ذلك تراجع عن هذا الأمر، وذلك بعد احتجاج عشرات آلاف المتظاهرين الذين أغلقوا شارع أيالون وقاموا بإيقاد الشعلات، وبعد الانتقاد الشديد الذي تعرّض له حزبه بسبب هذه الخطوة المتسرعة. لكن التخوفات التي تم التعبير عنها في التقرير ما زالت ذات صلة.
- إنه تقرير فيه مواد سرّية بطبيعة الحال، ومن المعروف أنه يستند إلى تهديدات الطيارين والأعضاء في منظومة العمليات الخاصة وقوات أُخرى بأنهم لن يتطوعوا أو يخدموا في تشكيلات الاحتياط إذا ما تمت إجازة قوانين الانقلاب القضائي. إن الجمهور العريض يعرف تهديد الـ37 طياراً في الاحتياط في سرب 69، الذين أعلنوا أنهم لن يشاركوا في خدمة الاحتياط، لكنه غير خبير بالمعنى المحدد في كلّ ما يتعلق بتجسيد هذا التهديد وإمكان توسُّعه إلى أسراب أُخرى. ولقد فحص الجيش الأمور بصورة عملية وتنظيمية، وأدرك أن العقاب الشديد سيزيد خطورة الوضع. حتى إن رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال هرتسي هليفي أدرك أن معاقبة الطيارين في أوضاع استثنائية جداً تكمن فيها خطورة تحوُّل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية ترتبط بمخاطرة كبيرة لم تؤخذ في الحسبان.
- إن الاعتقاد السائد هو أنه منذ اللحظة التي تم فيها وضع وثيقة من هذا النوع على طاولة نتنياهو (وثيقة تصف هذه الأخطار، وبالتالي، لا بدّ من التراجع عن خطة الانقلاب القضائي)، رجح عنده وجوب إقالة غالانت، لكنه تراجع عن القرار بعد ذلك لإدراكه أن الخطر الأمني الذي يصفه موثَّق خطياً، وهو لا يستطيع القول للعالم: "لم أعرف." لا شيء يكرهه نتنياهو أكثر من الوثائق الرسمية التي تَعرِض أمامه الحقيقة التي لا يحب سماعها، وهذه هي الحقيقة التي أوقفته.
- وقد احتج وزير العدل ياريف ليفين على وقوف وسائل الإعلام والقطاع التجاري والجهاز القضائي والإدارة الأميركية ضد الانقلاب القضائي. لكنه تجاهل القلق الأساسي، وهو أن تحوُّل إسرائيل إلى دولة ديكتاتورية، كما خطط واعترف بذلك فعلياً، من شأنه أن يؤدي إلى تفكك الجيش الإسرائيلي. وعندما يقول إن الانقلاب تم وقفه بسبب معارضة بعض أعضاء الليكود، فإنه غير دقيق. إن غالانت هو من أوقف التشريعات، لأنها تُعرّض المجال الموجود ضمن صلاحيته للخطر، وكانت الحجة التي تذرّع بها المعسكر القومي هذه المرة هي أمن إسرائيل.