المؤسسة الأمنية تدرس القيام بعملية في الضفة الغربية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • على خلفية الهجمات والتقدير بعدم توقع هدوء أمني في الفترة المقبلة، أجرت قيادة المؤسسة الأمنية في الأسابيع الأخيرة نقاشات تتعلق بإمكان تغيير السياسة العسكرية في الضفة الغربية، وصولاً إلى عملية عسكرية واسعة.
  • حتى الآن، لا يوجد اتفاق في الرأي بشأن هذا الموضوع، وعلمت الصحيفة أن هناك انقساماً في الآراء ضمن القيادة العسكرية للجيش بشأن مدى صحة خوض عملية عسكرية في الضفة الغربية. في الشاباك، يؤيدون وجهة النظر الهجومية، ويعتقدون أنه يجب تغيير أسلوب التحرك الأمني في الضفة، بَيْدَ أن وزير الدفاع يوآف غالانت لم يحسم موقفه النهائي بشأن الموضوع.
  • لقد طُرحت مسألة القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية أكثر من مرة في السنة الأخيرة بسبب التصعيد المستمر. قبل أشهر، وقبل الانتخابات، بدا أن الجيش الإسرائيلي بات قريباً جداً من شن عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية، ولقد أُعطيت القوات التعليماتِ للاستعداد لذلك، لكن تغيُّر السلطة أعاد خلط الأوراق. والآن، ومع نهاية شهر رمضان الحساس، نوقش الموضوع من جديد بصورة جدّية من جانب صنّاع القرار، وذلك في ضوء استمرار الهجمات.

خطوة لا مفر منها

  • بالإضافة إلى أن القيام بعملية عسكرية واسعة هي إحدى الخيارات المطروحة، فقد جرى أيضاً بحث احتمالات استمرار الوضع القائم واعتقال مطلوبين يُعتبرون "قنابل موقوتة"، أو الانتقال إلى نوع من المراحل الموقتة لعملية متدرجة في الضفة، تستهدف في كل مرة منطقة مختلفة. كما طُرح أسلوب آخر في العمل، لم ينجح حتى الآن؛ هو محاولة تعزيز قوة السلطة الفلسطينية بالقدر الممكن من أجل فرض حوكمتها على الأرض، وتقليص الحاجة الإسرائيلية إلى العمل داخل المدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
  • خلال النقاشات المحمومة التي جرت بشأن الموضوع في الأسابيع الأخيرة، كان واضحاً أن قيادة الجيش الإسرائيلي ليست متفقة في هذا الشأن، وحتى الآن، لم يعبّر رئيس الأركان هرتسي هليفي عن رأيه الحاسم في الموضوع. لكن حتى الذين يؤيدون العملية العسكرية في الضفة الغربية يدركون أنها لن تُنهي بصورة قاطعة الهجمات، بالإضافة إلى أنها يمكن أن تكلّف ثمناً باهظاً.
  • تعتقد الجهات الأمنية التي تؤيد العملية العسكرية الواسعة أن ذلك لا مفر منه، لأن دينامية التصعيد والهجمات التي تجر وراءها هجمات أُخرى - مستوحاة منها - يمكن أيضاً أن تكلّف إسرائيل ثمناً دموياً باهظاً. وحجتهم هي أنه إذا لم تقم إسرائيل بعملية استباقية الآن في شمال الضفة، فإن وقوع هجوم كبير يتسبب بكثير من الإصابات، أو سلسلة هجمات قاسية، سيجبر المستوى السياسي على اتخاذ قرار للقيام بعملية كهذه لاحقاً، لذلك، من الأفضل أخذ زمام المبادرة الآن وتجنُّب الثمن الدموي الباهظ.
  • إن الرغبة في العمل، تحديداً في شمال الضفة، ناجم عن أن المركز الأساسي لهجمات السنة الماضية كان هناك، حيث يزداد ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية مع اقتراب نهاية عهد أبو مازن. الوضع على الأرض يغلي، كما رأينا في الفترة الأخيرة، ويكفي عود كبريت صغير، كوقوع حادث ما في حرم المسجد الأقصى أو وفاة أسير فلسطيني، من أجل تأجيج التصعيد. وتحذّر المؤسسة الأمنية من أنه في الفترة الأخيرة، انزلق العنف من شمال الضفة إلى مناطق أُخرى كالخليل وضواحيها التي كانت هادئة نسبياً في الأشهر الأخيرة.

عشرات الإنذارات من هجمات

  • لدى الأجهزة الأمنية في كل لحظة عشرات الإنذارات التي تحذّر من وقوع هجمات، بعضها خَطِرٌ جداً. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فلقد ازدادت طبيعة الهجمات خطورة بعد أن تحوّل استخدام الأسلحة النارية إلى أمر طبيعي تقريباً. كما شهدت الأشهر الأخيرة عدة هجمات بواسطة عبوات ناسفة.
  • ويمكن الإضافة إلى ذلك أن أطرافاً معادية، كإيران وحزب الله و"حماس" وشركائهم، يشجّعون "الإرهاب" ويموّلونه، وهناك طبعاً شعور باليأس لدى الشباب الذين لم يعرفوا الانتفاضة ولا عملية الجدار الواقي من جهة، ومن جهة ثانية لا يرون أملاً في المستقبل.
  • كما أن تزايد أعداد القتلى من الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة يصب الزيت على النار؛ فمنذ بداية السنة الحالية، قُتل في الضفة الغربية 95 فلسطينياً، بالمقارنة مع عدد الفلسطينيين الذين قُتِلوا في السنة الماضية كلّها، والذي بلغ 152 قتيلاً، وإذا استمرت هذه الوتيرة حتى نهاية السنة، فإن عدد القتلى الفلسطينيين يمكن أن يبلغ 300 أو 400 قتيل كحصيلة للمواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية. قرابة 90% من القتلى الفلسطينيين حتى الآن هم "مخربون" أو مسلَّحون، لكن هذا العدد الكبير من القتلى يزيد الرغبة في الانتقام لدى الفلسطينيين، ويشجّع المهاجمين المحتملين على التحرك.
  • على الرغم من الوضع القابل للانفجار في الضفة الغربية، لا تزال المؤسسة الأمنية تواصل تمسُّكها بالصيغة التي تقول إن "حماس" تريد المحافظة على الهدوء في القطاع، على الرغم من إطلاق 104 صواريخ قبل أمس رداً على وفاة الأسير من الجهاد الإسلامي المضرب عن الطعام منذ 86 يوماً في السجن الإسرائيلي. وقد قام "متمردون " من الجهاد الإسلامي بإطلاق هذه الصواريخ، لكنه جرى هذه المرة بموافقة "حماس". ولقد هاجم الجيش الإسرائيلي، رداً على ذلك، 16 هدفاً تابعاً لـ"حماس" والجهاد الإسلامي في القطاع، والصحيح أن المنطقة حتى اللحظة هادئة.
  • لكن على الرغم من التهدئة في قطاع غزة، فإن المسؤولين في المؤسسة الأمنية يشيرون منذ فترة طويلة إلى محاولات "حماس" توجيه هجمات ضد إسرائيل في الضفة الغربية، وأيضاً محاولتها تجنيد عرب من سكان إسرائيل لمصلحتها. خلال شهر رمضان، كان الخط الموجِّه الإسرائيلي هو احتواء الأحداث قدر الإمكان من أجل الفصل بين الساحات وخفض ألسنة النار. وهذا ما جرى أيضاً أمس مع محدودية الرد الإسرائيلي على إطلاق 104 صواريخ من غزة. لكن الآن، ومع نهاية رمضان، وعشية ذكرى النكبة التي تتصادف مع مسيرة الأعلام، فإن عدداً من الجهات الأمنية توصي بتغيير السياسة الإسرائيلية، وتكبيد "حماس" في القطاع الخسائر عبر الرد على الهجمات الموجَّهة ضد إسرائيل في الضفة الغربية، وكذلك داخل الخط الأخضر.

الانقسام الداخلي يسبب ضعفاً

  • لا يمكن فصل القرارات الأمنية عن الوضع الداخلي الإسرائيلي. وتشير كلّ الأطراف الاستخباراتية إلى أن الانقسام الداخلي غير المسبوق الذي سُجِّل في الأشهر الأخيرة تحوّل إلى جزء أساسي في تقديرات أعداء إسرائيل للوضع، ويتسبب بإضعاف الردع الإسرائيلي في المنطقة بصورة كبيرة.
  • ويمكن أن نضيف إلى الضرر الذي لحق بالردع الطريقة التي اختارتها إسرائيل للرد على إطلاق الصواريخ من لبنان خلال عيد الفصح، من خلال مهاجمة ما وصفها نصر الله بأنها "بساتين موز" في لبنان. طبعاً لم يكن هدف القصف بساتين موز، لكنهم يعترفون في إسرائيل بأن الهدف لم يكن مهماً جداً. وفي رأي جهات أمنية رفيعة المستوى، جرى تفسير العملية بأنها علامة ضعف من جانب إسرائيل.
  • في جميع الأحوال، حين يُتخذ القرار بشأن كيفية التصرف في الساحة الفلسطينية، ستُضطر الحكومة الإسرائيلية إلى مواجهة الادعاءات بشأن مدى شرعية الحكومة في اتخاذ قرار القيام بعملية عسكرية. ويمكن افتراض أنه حتى لو كانت هذه هي توصية مهنية من جانب الجهات الأمنية، فسيكون هناك من سيدّعي أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع يتخذان قراراً بعملية عسكرية من أجل تحويل النار عن موضوعات أُخرى، كارتفاع تكاليف المعيشة، أو الانقلاب القضائي الذي أخرج مئات الآلاف إلى الشوارع.