بدلاً من الردود العبثية: يجب تحويل المسؤولين عن "الإرهاب" إلى أهداف عسكرية
تاريخ المقال
المصدر
قناة N12
–
الموقع الالكتروني
- أثار بيان صادر عن الجيش بشأن العودة إلى الحياة الروتينية في مستوطنات غلاف غزة غضبَ عدد لا يُستهان به من سكان المنطقة، وليسوا الوحيدين. إذ يبدو أن الحدث قد انتهى بهذه البساطة بعد يوم واحد من إطلاق النار بصورة كثيفة مقارنة بالفترة الماضية، وبعد الرد الليلي الذي قام به الجيش. لكن الغضب يجعلنا نرغب كثيراً في تدفيع كل من يخترق السيادة الإسرائيلية مؤخراً ويشوّش على حياة سكان إسرائيل ثمناً باهظاً. ومع ذلك فإن المسؤولية عن أمن مواطني إسرائيل تقع على عاتق رؤساء المنظومة الأمنية، ولهؤلاء اعتبارات أوسع بكثير من اعتبارات الاستجابة إلى الرغبات والأهواء.
- لقد ألحق ردُ الجيش الضرر بـ"حماس"، وذلك على الرغم من أنها ليست مَن أطلق النار، لكنها تتحمل المسؤولية عن قطاع غزة برمّته، وضمنه "الجهاد الإسلامي" الذي أطلق النار. هذه مخاطرة محسوبة وصحيحة قامت بها المؤسسة الأمنية (في الماضي كانت هناك حوادث، على الرغم من أن الجهاد الإسلامي هو من قام بإطلاق النار فيها، فإن الرد كان ضد "حماس" فقط). إن السبب المباشر لإطلاق النار الذي قاده الجهاد الإسلامي هذه المرة كان موت الأسير المضرب عن الطعام خضر عدنان. ولقد قامت "حماس" باحتواء رد الجيش الإسرائيلي، ولم تشارك في إطلاق النار، باستثناء صواريخ جوّية لا تعرض حياة المواطنين إلى الخطر.
- لا يمكن فصل الحدث الأخير عن التصعيد المتراكم الذي نشهده خلال الفترة الماضية في الساحة الفلسطينية، لكن أيضاً لا يجب المبالغة في ربط الساحات سوياً مع إيران والجبهة الشمالية. صحيح أن هذه رواية تريد إيران زرعها في وعيِنا، لكن علينا عدم الاستجابة لهذا الطموح. في الحقيقة، إن الساحة الفلسطينية في حالة غليان، وإيران وحزب الله يحاولان استغلال هذه الطاقة لمصالحهما. وتعمل "حماس" على تحريض الشباب في الضفة الغربية، وتقوم بتوجيه العمليات عبر ذراعها في الخارج وغزة، وفي الوقت نفسه، تمتنع من خوض معركة شاملة في القطاع، حيث تصب تركيزها هناك على مسار تعاظم قوتها واستقرار الوضع الاقتصادي.
- يتوجب على صنّاع القرار في إسرائيل أن يأخذوا بعين الاعتبار، عندما يبحثون الخطوات إزاء الساحة الفلسطينية، الاعتبارات التالية:
- المبادرة، وليس فقط الانجرار إلى استنزاف عسكري عبثي، لن يحقق إنجازاً مهماً بما يحقق "نظرية الانتصار"؛ وفي الحالة الأخيرة، جاء إطلاق النار الفلسطيني رداً على موت أسير، ومن الجيّد أننا لم ننجر إلى معركة بادر إليها العدو.
- استعراض القوة بصورة تردع الساحات الأُخرى، والعامل ذو القدرة الأكبر على الردع هو اغتيال مسؤولين. يجب أن نقرّر الموعد الملائم، لا أن ننتظر الموعد الذي يكون فيه الطرف الآخر جاهزاً ومحمياً.
- إن الحصانة الداخلية والشرعية الدولية هما مركَّبان مهمّان في قرار البدء بعملية يمكن أن تتطور إلى معركة واسعة. وفي الحقيقة، فإن الحدث الحالي الذي كان سببه موت أسير مضرب عن الطعام خاض حملة ضد سياسة الاعتقال الإداري في إسرائيل، لا يشكل أساساً جيداً للدعم الواسع (على الرغم من إطلاق النار أمس).
- وفي الخلاصة: الهدف هو إعادة الهدوء وترميم الردع، وذلك عبر جعل الطرف الآخر يدفع ثمناً يجعله يفكّر كثيراً قبل أن يتجرّأ على تحدّي السيادة الإسرائيلية. والطريق إلى تحقيق هذا الهدف هو من خلال المبادرة، لا الانجرار. لقد تركَّز الرد التلقائي ليلة أمس على الأملاك، لا على الناس، لكن هذا لا يشكّل ضمانة بشأن المستقبل، ويجب على الذين يدفعون بـ"الإرهاب" أن يعلموا أنهم غير محميين.
- وفي الختام، إن أحداث الأيام الأخيرة هي دليل إضافي على حاجة إسرائيل الملحة إلى التوقف كلّياً عن إلحاق الضرر بذاتها، والتركيز على إلحاق الضرر بأعدائها. من كان في حاجة إلى "امتحان واقعي" إضافي يوضح لماذا يجب وضع الانقلاب القضائي على الرف والوصول إلى تسوية في المحادثات في بيت الرئيس، فقد حصل عليه ليلة أمس. دعونا الآن نركز على هزيمة أعدائنا الحقيقيين، وليس على هزيمة بعضنا البعض الآخر.