غزة في اليوم التالي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • انتهاء عملية "درع وسهم" يكشف الفجوة الكبيرة بين الإنجازات على الصعيد التكتيكي وبين الميزان الاستراتيجي في مواجهة قطاع غزة. لم تحاول إسرائيل بلورة استراتيجيا متماسكة إزاء القطاع منذ سنة 2006، عندما فازت "حماس" في آخر انتخابات - والذي يتدحرج من جولة إلى جولة. الفصل الأخير من هذه السيمفونية التي لا تنتهي يبشّر بالفصل القادم، ويقصّر المدة الزمنية التي تفصل بينهما.
  • في هذه الأثناء، تزيد "حماس" قوتها وتحسّن مكانتها في تنافسها مع "فتح" والسلطة الفلسطينية، وتعزز سيطرتها على ساحات أُخرى، وتنجح في إعطاء مضمون وأهمية لاستراتيجية تعدُّد الساحات التي تجلت بصورة واضحة في عملية "حارس الأسوار". وتلتحم استراتيجية "حماس" مع استراتيجية إيران بشأن تعدُّد الساحات، في وقت تتوطد العلاقات بينهما ويزداد التأييد الإيراني لـ"حماس"، سواء بالتمويل أو بواسطة العتاد العسكري، أو من خلال تزويدها بالمعرفة التكنولوجية، أو الحصول على موافقة حزب الله لتأسيس جبهة في جنوب لبنان. وقبل كل شيء، ترسّخ "حماس" مكانتها، بصفتها السيد في قطاع غزة، والتي في إمكانها السماح للجهاد الإسلامي بالتحرك من هناك، كما يمكنها فرض قيود عليه، علماً منها بأن إسرائيل ستبذل كل جهدها للحؤول دون حدوث معركة عسكرية.
  • في الوقت عينه، نجح الجهاد الإسلامي في أن يثبت قدرته على التعافي السريع بعد عملية بزوغ الفجر، وربط بين الساحات عندما اختار الرد بقصف صاروخي من غزة على وفاة الأسير الأمني في السجن الإسرائيلي، وإجبار إسرائيل على الدخول في معركة عندما يريد، وتعطيل حياة عدد كبير من السكان خارج غلاف غزة، وهو يعمل بتوجيهات من إيران التي تعتبر أن استمرار المعركة ضد إسرائيل يقدم مساهمة مهمة لمصلحتها الواسعة.
  • نتائج العملية تُضعف السلطة الفلسطينية أكثر إزاء "حماس" والجهاد الإسلامي، وتبدو عودتها الفعلية إلى الحكم في القطاع أمراً خيالياً. لا مصر، ولا أي دولة عربية أُخرى ترغب في أن تكون السيدة على القطاع، وليس في إمكان المجتمع الدولي أن يقدم جواباً على صورة نظام موثوق به، وقوة حفظ سلام، وبناء دولة، أو أي جهاز مشابه آخر.
  • ومعنى ذلك أن إسرائيل بقيت وحدها في مواجهة تحدّي غزة، وأمامها 4 خيارات أساسية: استمرار الوضع القائم؛ معركة عسكرية واسعة النطاق، هدفها القضاء على البنية التحتية لـ"حماس"؛ بلورة عملية سياسية بالتعاون مع دول عربية مهمة، وبدعم من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، من أجل إعداد البنية التحتية لبناء دولة فلسطينية قادرة على العمل كأساس لحلّ الدولتين؛ توسيع نطاق التسوية مع "حماس" بواسطة الدخول في عملية حوار سريع وواسع، تشارك فيه مصر وقطر ودول اتفاقات أبراهام، وبدعم سعودي وأميركي ودولي. الهدف الاستراتيجي من هذا الخيار هو هدنة طويلة الأمد مقابل إعادة إعمار واسعة للقطاع، وانفتاحه على العالم من خلال مطار ومرفأ، وإنجاز صفقة تبادل الأسرى والمفقودين، والاتفاق على عدم تعاظُم القوة العسكرية برقابة قوة عربية.
  • من منظور الواقع الناشىء، يتبوأ الخيار الرابع المرتبة الأولى بين الاحتمالات الأقل سوءاً. لأن إسرائيل بالأساس تُجري حواراً دائماً مع "حماس" بشأن كل ما له علاقة بالحياة اليومية في القطاع، وتعتبرها العنوان المسؤول عن إدارة الأرض والسكان، ولأن "حماس"، التي مرّت بفترة مأسسة قامت خلالها بتطبيق ممارسات سياسية مطلوبة لإدارة الأرض والسكان، ولأنها تتحمل المسؤولية، وتفرض على نفسها كوابح وقيوداً. يبدو أن على إسرائيل البدء بالتفكير في هذه الإمكانية.