شارك آلاف الأشخاص مساء أمس (الثلاثاء) في تظاهرة أمام مبنى الكنيست الإسرائيلي في القدس، احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية الاقتصادية.
وجرت التظاهرة تحت شعار "ليلة النهب" [في إشارة إلى جلسة الكنيست التي عُقدت الليلة الماضية، وتمت فيها المصادقة بالقراءتين الثانية والثالثة على الميزانية العامة للدولة لسنتيْ 2023 و2024]، وذلك في إثر التفاهمات الأخيرة بشأن الميزانية العامة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وكلٍّ من حزبيْ يهدوت هتوراه لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] و"عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"]، كلّ حزب على حدة.
وأعلن منظمو التظاهرة، وهم من بين منظمات الاحتجاج على "خطة الإصلاح القضائي"، أنها تأتي في إطار معارضة الميزانية العامة للدولة التي تم إعدادها، وجرى فيها تخصيص مليارات الشواكل لتلبية مطالب جمهور الحريديم، التي بلغت أرقاماً قياسية من الميزانية العامة.
وجاء في بيان صادر عن منظّمي احتجاجات "ليلة النهب": "هذه ليست ميزانية دولة، بل هي نهب جماعي سيدمر اقتصاد إسرائيل لأجيال مقبلة، بحسب كبار الاقتصاديين، وكذلك خبراء من وزارة المال. في الديمقراطية، يتم استثمار الميزانيات لمصلحة الجمهور، ولمصلحة الإنماء، وفي الديكتاتوريات، يتم توزيع الأموال على المقربين من الحكومة، وهذه الميزانية هي مرحلة تحقق تقدماً في تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية، ويجب أن نعارض ذلك حتى النهاية."
في سياق متصل، أَوقفت الشرطة الإسرائيلية على ذمة التحقيق بعد ظهر أمس 7 أشخاص أمام مبنى الكنيست بشبهة الإخلال بالنظام العام، بعد أن أغلقوا أحد الشوارع المجاورة خلال نشاط احتجاجي مناوئ للتغييرات في الجهاز القضائي ومشروع ميزانية الدولة. وقال المحتجون إن الحكومة تقوم بابتزاز أموال المواطنين، بدلاً من حل أزمة السكن والاستثمار في مجاليْ التربية والصحة، ومكافحة غلاء المعيشة وآفة العنف المتفاقمة. كما دعوا رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ إلى وقف ما وصفوه بأنه مفاوضات وهمية تُجرى حالياً في مقر رئاسة الدولة في القدس بين ممثلي الائتلاف والمعارضة بشأن التغييرات في الجهاز القضائي.
تجدر الإشارة إلى أنه تم التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على ميزانية الدولة العامة لسنتيْ 2023 و2024 أمس بعد إزالة العقبة الأخيرة من أمام المصادقة عليها، إذ توصّل رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى اتفاق مساء أول أمس (الاثنين) بشأن الميزانيات التي سيتم تحويلها إلى حزب "عوتسما يهوديت". وكجزء من الاتفاق، سيحصل هذا الحزب على 250 مليون شيكل من فوائض ميزانيات ستتوفر عند نهاية السنة المالية الحالية في كافة الوزارات الحكومية. وينص الاتفاق على "وجوب تخصيص مبلغ إجمالي قدره 250 مليون شيكل لسنة 2024 من فوائض ميزانيات الوزارات الحكومية لسنة 2023، وتحويلها إلى وزارة النقب والجليل." وكجزء من الاتفاق، يدعم أعضاء كتلة "عوتسما يهوديت" الميزانية عند التصويت عليها في الهيئة العامة للكنيست. وهكذا انتهت الأزمة بين نتنياهو وبن غفير الذي سبق أن هدّد بعدم التصويت لمصلحة الميزانية.
كما توصل مندوبو كتلة يهدوت هتوراه البرلمانية إلى اتفاق مع رئيس الحكومة نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يقضي بمنح زيادة قيمتها نحو 250 مليون شيكل، خلال السنة المالية الأولى، للمدارس الدينية، كإضافة إلى ما تم تخصيصه لهذه المدارس ضمن إطار الميزانية المعدّة لسنتيْ 2023 و2024.
ورفعت كتلة يهدوت هتوراه مطلب الحصول على 600 مليون شيكل للمدارس الدينية، تطبيقاً لبنود الاتفاق الائتلافي المبرم مع الليكود قبل تأليف الحكومة الحالية، إلا إن رئيس الحكومة قال إن إعادة صوغ قانون الميزانية تلبيةً لهذا المطلب سيُعتبر انتحاراً، وبناءً عليه، تم الاتفاق على تخصيص هذه الإضافة إلى المدارس الدينية على أن تأتي من فوائض الميزانيات التي تتبقى عادة في نهاية السنة المالية في صناديق الوزارات من دون استثمار.
وأكد رئيس الحكومة في اجتماع للائتلاف الحكومي عُقد قبل بدء التصويت على ميزانية 2023-2024 مساء أمس، أن حكومته ستستمر لمدة 4 أعوام كاملة، وستواصل مفاجأة رافضيها.
وأضاف نتنياهو: "إن هذا الائتلاف فاجأ الجميع بتأليف الحكومة، وفاجأ حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية خلال عملية ’درع وسهم’ الأخيرة، واستمر في مفاجأة إيران في عمليات سرية، وسيستمر في مفاجأة المعارضة وإثبات خطأ تقديراتها."
في المقابل، انتقد رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام مساء أمس، الميزانية العامة، وقال إن مبلغ تمويل أحزاب الائتلاف يصل إلى 13.6 مليار شيكل، وهو أعلى من المبلغ المخصص للمستشفيات (12.4 مليار شيكل)، وللتعليم العالي (12.6 مليار شيكل).