اطلقوا سراح وليد دقة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من المفترض أن تناقش اليوم لجنة الإفراج المشروط في السجون قضية وليد دقة، المتهم بتورُّطه في قتل الجندي موشيه تمام في سنة 1984، والذي يطالب بإطلاق سراحه بشكل مبكر، على خلفية وضعه الصحي (فهو يعاني من سرطان الدم، اللوكيميا، وبحسب مصلحة السجون، فإن "أيامه معدودة"). عند كتابة هذه السطور، لا أعلم ما إذا جرى النقاش في الوقت المحدد له، وما الذي تم إقراره، لكن من الممكن الاستنتاج مما حدث قبل ذلك في مسائل أساسية.
  • وليد دقة أسير مشهور جداً، وذلك بسبب مسرحيته "الزمن الموازي"، التي أدى عرضها في سنة 2015 إلى وقف تمويل مسرح "ميدان" في حيفا وإغلاقه بأمر من وزيرة الثقافة، حينذاك، ميري ريغيف. وهو مشهور بسبب عائلة ضحيته؛ عائلة تمام ناشطة جداً في موضوع إطلاق سراح أسرى عموماً، وخصوصاً بسبب هوية دقة. فقد دعت أورتال ابنة أخت تمام، التي كانت شكواها بمثابة أحد المسامير الأخيرة التي دقّت في نعش مسرح "الميادين"، على تويتر، الناس إلى التظاهر خارج مكان اجتماع اللجنة التي ستناقش ما فعله دقة، لأن "خطأ اللجنة يمكن أن يكلّفنا جميعاً إطلاق سراح مبكر لقاتل جندي من الجيش الإسرائيلي."
  • الخطأ الذي تتحدث عنه أورتال هو تحويل دقة إلى لجنة إطلاق سراح عادية، وليس إلى تلك المخصصة للسجن المؤبد، والتي تتطلب الحصول على عدة آراء قبل اتخاذ قرار إطلاق السراح. في هذه الأثناء، أعلنت النيابة العامة معارضتها إطلاق سراح دقة، على الرغم من وضعه الصحي، وحتى لو أنه أمضى عقوبته بالسجن المؤبد، لأنه يجب تفسير مصطلح "أيامه معدودة بصورة دينامية تأخذ في الاعتبار خطورة الجريمة التي ارتكبها مقدّم الطلب."
  • هذه العبارة بحد ذاتها محيّرة - كيف يمكن قياس وضع صحي مُستعصٍ بالجريمة؟ - وحتى مسألة "خطورة الجريمة" هي أيضاً موضع تساؤل. لماذا يُعتبر قاتل جندي أهم بكثير من قاتل "عادي"؟ وفي الواقع، لو كان وليد دقة مواطناً إسرائيلياً، وليس فلسطينياً من المناطق، وقتل جندياً، لكان أُطلق سراحه منذ وقت طويل، بحسب الإجراء العادي بحسم ربع مدة السجن، وفق برنامج مصلحة السجون لإعادة تأهيل السجناء.
  • اليوم، لا يوجد في السجون الإسرائيلية الكثير من السجناء من عمر دقة ومن فترته. القاتل والمغتصب المتسلسل شلومو خليفة، المسجون منذ بداية الثمانينيات، سيُطلق سراحه في العام المقبل، وهذه حادثة جد استثنائية، كذلك هناك غلعاد شمين، المتهم بقتل عيناف روغل في سنة 1991، والذي رُفضت طلبات إطلاق سراحه المبكر، والمرة الأخيرة كانت قبل أشهر فقط. لكن مجرمين أقل شهرة – جنود في الجريمة المنظمة، تجار مخدرات تؤدي أعمالهم، أحياناً، إلى القتل ونزاعات متفرقة - يُطلق سراحهم طوال الوقت. لا يوجد لضحاياهم "لوبي"، ولا تحصل عائلاتهم على تعويضات.
  • مع كل تعاطفنا مع تمام وعائلته، فإنه يجب ألاّ يكون لهم وضع خاص في هذه الحالة. "قاتلٌ" حُكم عليه بالسجن 37 عاماً (أتمّها منذ وقت طويل)، في رأي منظمة طبية محترمة، مهمتها الحفاظ على صحة الأشخاص في السجن، أصبحت أيامه معدودة، ويجب إطلاق سراحه.
  • إن إطلاق سراح دقة، أو وفاته في السجن، يجب أن يكونا فرصة لتوحيد المعايير، وللقول بوضوح: جريمة القتل هي جريمة قتل، والوضع الإنساني هو وضع إنساني. إن الحد الأدنى من الإنسانية يتطلب السماح لوليد دقة بأن يموت من دون أغلال.