رياح حرب: ما الذي دفع برئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية إلى إصدار تحذيرهما
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

 

  • لدى ظهورهما في مؤتمر علني، وليس في جلسة وزارية سرية جداً، أشار كلٌّ من رئيس الأركان هرتسي هليفي ورئيس الاستخبارات أهارون حليفا إلى أن ثقة نصر الله، المبالَغ بها، بنفسه يمكن أن تؤدي إلى حرب مع حزب الله، وإلى أن تقدُّم إيران في المجال النووي يمكن أن يفرض عملية إسرائيلية ضدها، مستقبلاً.
  • وفي الواقع، عشية عيد البواكير، تنشغل الحكومة بقضايا داخلية مهمة وملحّة، مثل الانقلاب القضائي وتداعيات ميزانية الدولة، لكن مَن ينظر إلى التهديدات الخارجية، لا يمكن أن يفوته تصاعُد حدة الجبهات السياسية والأمنية. عشية عيد البواكير، من المهم أن نفهم سبعة تغييرات في مشهدنا الاستراتيجي في سنة 2023، والذي أصبح أكثر قتامة عموماً.

إيران تترسخ على عتبة النووي

  • البرنامج النووي في إيران هو اليوم في المرحلة الأكثر تقدماً في تاريخه. وفقاً للتقرير الأخير لوكالة الطاقة النووية الدولية، لدى الجمهورية الإسلامية اليوم ما يكفي من كميات اليورانيوم المخصّب على درجة عالية (20%-60%) لصنع خمس قنابل نووية، وإذا قررت التخصيب على درجة عسكرية 90%، فإن هذه العملية ستستغرق بضعة أيام. في تقدير الاستخبارات العسكرية-أمان، المطلوب عامان من أجل إنتاج القنبلة بحد ذاتها، ولتركيبها على رأس صاروخ، ومنذ تلك اللحظة، بحسب رأي قيادة الأركان المشتركة الأميركية، تستطيع طهران الحصول على سلاح نووي بصورة بدائية خلال أشهر فقط...
  • وعلى الرغم من التوسع غير المسبوق في البرنامج النووي الإيراني، تبدو الساحة الدولية، ولاسيما الولايات المتحدة، أنها ليست بصدد تشديد منظومة العقوبات والضغوط على طهران من أجل وقف تقدُّمها. هذا بسبب تحذير إيران، بواسطة التلميحات والإشارات، من أنها ستخصّب يورانيوم على درجة 90%، رداً على قرارات وخطوات دولية حادة ضدها. حتى الاتفاق النووي، الذي قال الرئيس بايدن عنه إنه مات، يمكن أن يعود من خلال صيغة "تجميد مقابل تجميد"، الأمر الذي يُبقي إيران قريبة جداً من عتبة النووي، ويعززها اقتصادياً.

الشرق الأوسط "التفكير في مسار جديد" في ظل التنافس بين الدول الكبرى

  • المنافسة الحادة بين الدول الكبرى، على خلفية الحرب في أوكرانيا، واتساع الصراع بين الصين والولايات المتحدة-تحولا إلى عامل مركزي في الشرق الأوسط أيضاً. الجمهورية الإسلامية تجنّدت لمساعدة روسيا في جهدها الحربي في أوكرانيا بواسطة مئات المسيّرات الانتحارية من إنتاجها، والتي تهاجم بنى تحتية حيوية وتصيب السكان في كل أنحاء أوكرانيا، حتى في العاصمة كييف.
  • توسُّع التعاون بين روسيا والنظام في طهران يعزّز هذا الأخير، ويخلق مجموعة من التحديات الأمنية لإسرائيل-بينها بيع منظومات سلاح روسي متطورة لطهران/ مثل طائرات سوخوي 35، ومساعدة روسية في الصناعة العسكرية الإيرانية، وفي المجال السيبراني، ونقل غنائم السلاح في غرب أوكرانيا إلى إيران، وتأييد روسيا لمواقف إيران في المسألة النووية، واحتمال توطيد التعاون بين الدولتين في سورية، وغير ذلك.
  • الحرب في أوكرانيا والتهديد الصيني لتايوان، الذي يظهر في الأفق، عزّزا صورة الولايات المتحدة التي تريد تقليص تدخُّلها في الشرق الأوسط والتركيز على المنافسة بين الدول الكبرى والتوجه نحو آسيا. كما أن صدقيتها، كدعامة أمنية استراتيجية، تصدعت وتزعزعت، أكثر فأكثر، عندما امتنعت من الرد على هجمات إيران ضد السعودية والإمارات في الأعوام الأخيرة. في هذه الظروف، تلاشت الحدود بين المعسكرات في الشرق الأوسط، وحلّ محل دينامية "لعبة نتيجتها صفر" واقع جديد يبحث فيه كل اللاعبين عن نقطة تواصُل جديدة، ويعملون على خفض التوترات، والدفع قدماً بالاستقرار. في ظل الواقع الجديد، وضع أعداء الأمس، مثل ولي العهد السعودي والرئيس التركي، اعتبارات "الواقعية السياسية" قبل كل شيء، وباتا مستعدَّين للمصالحة والعناق.
  • على هذه الخلفية، جرت عودة سورية إلى حضن العالم العربي في قمة الجامعة العربية، التي عُقدت في جدة مؤخراً، أكثر من ذلك، استأنفت السعودية علاقاتها مع إيران، بوساطة الصين التي تدأب على تقويض الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط. بالنسبة إلى السعودية، الاتفاق مع إيران هو لضمان ظهرها حيال الجمهورية الإسلامية، وهذا لا يغيّر عقيدتها الأمنية التي تعتبر إيران التهديد المركزي للمملكة، ولا يتعارض بالضرورة مع المصالح المتعلقة بالتطبيع مع إسرائيل.

عودة طرح التطبيع مع السعودية، لكن ببساطة، هذا لن يحدث

  • على الرغم من الاتجاهات الإشكالية في الساحة الفلسطينية، فإن مسألة التطبيع مع السعودية لا تزال مطروحة، وكما نُشر مؤخراً، فإن الولايات المتحدة تعمل، بدأب، على الدفع بها قدماً، بعد أن اعتبرتها، علناً، مصلحة أميركية للأمن القومي.
  • ما الذي جرى هنا مع محمد بن سلمان؟ يستغل ولي العهد السعودي المكانة المستجدة للسعودية وتصاعُد أهميتها الجيو-سياسية في ظل المنافسة بين الدول العظمى وأزمة الطاقة العالمية والتدهور الاقتصادي العالمي. وهو يناور ما بين الولايات المتحدة وبين روسيا، وحوّل التطبيع إلى ورقة مساومة للدفع قدماً بمطالبه الاستراتيجية من الولايات المتحدة. وتتضمن هذه المطالب اتفاقاً لتحسين العلاقات وضمانات أمنية؛ ومنظومات سلاح أميركية متطورة؛ وتطوير برنامج نووي مدني، يشمل قدرة على التخصيب في الأراضي السعودية. وعلى الرغم من مصلحة إسرائيل العميقة في التطبيع، فإن هذه المطالب تطرح مخاطر غير بسيطة على أمنها القومي.
  • من جهتها، الولايات المتحدة أدركت، على خلفية الحرب في أوكرانيا، أنه على الرغم من رغبتها في الانفصال عن الشرق الأوسط، فإنه سيظل الملعب الحيوي للمنافسة المتزايدة. إدارة بايدن بحاجة إلى السعودية من أجل تسوية أسعار النفط وإبقائها ضمن معدلات معقولة (وهذه الحاجة ستشتد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية)، وهي تريد إبعاد السعودية عن التأثير الصيني، وترى في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية قاعدة للاستقرار الإقليمي المحسّن.
  • وسواء السعودية أو الولايات المتحدة، فإنهما بحاجة إلى دعم الكونغرس -المعادي، في أغلبيته، للسعودية-لأي تفاهُم أميركي-سعودي بشأن مطالب الرياض. وبهذه الطريقة، نشأ مثلث من المصالح المتداخلة، جزئياً، بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل.
  • هذه هي خلفية عودة طرح التطبيع الذي يمرّ الطريق إليه في واشنطن، والذي لا يزال طويلاً ومحفوفاً بالمطبات، ويتطلب دفع مقابل ليس بسيطاً في الساحة الفلسطينية، وفي مجالات أمنية حيوية لإسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى إفشاله. التقارير التي تحدثت عن اتفاق تسيير رحلات للحجاج المسلمين مباشرة بين إسرائيل والسعودية هو وجه من هذا الاتجاه، لكن التسريبات الأخيرة عن محادثة هاتفية بين نتنياهو وبن سلمان لا تساعد في رؤية ولي العهد لإسرائيل كشريك سري، ولا في عملية التقرب من السعودية.

الأزمة الداخلية تعكس ضعفاً إلى الخارج

  • الانقسام الداخلي الذي حدث في إسرائيل جرّاء الانقلاب القضائي، أدخل أعداءها في حالة من الغبطة. زعيم إيران علي خامنئي صرّح بأن إسرائيل تدمر نفسها كما تنبأ، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله استشهد، بحماسة، بتحذير رئيس الدولة هرتسوغ من مغبة صراع داخلي وحرب أهلية.
  • أعداؤنا في غزة وطهران وبيروت شعروا بأن حصانة إسرائيل تضررت، وكذلك الوحدة الداخلية وقدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود وعلاقة إسرائيل بدعامتها الاستراتيجية الولايات المتحدة، وخصوصاً أن رئيس الحكومة لا يزال ينتظر دعوته إلى البيت الأبيض. وعلى هذه الخلفية، يسمحون لأنفسهم بالعمل ضدنا في خطط لم نشهدها منذ أعوام عديدة، مثل قصف صاروخي مكثف من غزة ولبنان والجولان، عشية عيد الفصح.

اختبار الردع واحتمالات الحرب

  • عملية "درع وسهم"، الهدف منها معاقبة الجهاد الإسلامي ونقل رسالة ردع إلى أعداء إسرائيل في المنطقة. لقد أثبتت العملية أن إسرائيل بعيدة عن التفكك، وعلى الرغم من الانقسام الداخلي، فإنها تملك استخبارات متفوقة وسلاح جو فتاكاً ودقيقاً، وسلاحاً من الاحتياطيين معبأً، وجمهوراً موحداً في اللحظة الحاسمة. مع ذلك، المقصود إنجاز تكتيكي في مواجهة عدو ضعيف جداً، ولا يمكن أن نستنتج من المواجهة المحدودة هذه استنتاجات عامة بشأن ترميم الردع الذي يشكل بحد ذاته مصطلحاً فضفاضاً، ومن الصعب قياسه. في جميع الأحوال، يبدو أن الاختبار في هذا المجال لا يزال أمامنا.
  • في الميدان، وفي الساحات المختلفة، يكشف سلوك أعداء إسرائيل في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في شهر رمضان وفي الأعياد اليهودية، جرأةً واستعداداً متزايداً للمخاطرة، بالاستناد إلى التقدير أن إسرائيل تتخوف من الانجرار إلى الحرب: الجهاد الإسلامي و"حماس" التي تسمح له بالعمل من غزة وتقوم بنفسها بالدفع قدماً بهجمات في الضفة الغربية، وإطلاق صواريخ على إسرائيل من 3 جبهات في عيد الفصح، واشتباك شبان مسلحين مع الجيش الإسرائيلي في كل مرة يدخل الجيش ويقوم باعتقالات في جنين ونابلس؛ وحزب الله يُظهر ثقة بنفسه وجرأةً واستعداداً للمضي على حافة الحرب، وإيران التي تسلّح الجميع، تتقدم في برنامجها النووي، وتبادر إلى هجمات "إرهابية" في شتى أنحاء العالم.
  • يبرز التآكل في الردع بصورة خاصة في مواجهة حزب الله. نصر الله هدد، علناً، بحرب خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وأطلق مسيّرة نحو منصة الغاز، وأعلن مسؤوليته، وبادر بصورة غير مسبوقة إلى شن هجوم في عمق إسرائيل، بواسطة "مخرب" جاء من لبنان، ويهدد إسرائيل بالرد على هجماتها في سورية، ويعزز وجوده العسكري العلني، ويقيم استعراضات قوة استفزازية على طول الحدود، خارقاً قرار مجلس الأمن، ويشكل تهديداً لحرية تحليق الجيش الإسرائيلي في لبنان وغيره.
  • استعداد أعداء إسرائيل لزيادة المخاطرة في ساحات مختلفة، والتي يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى سوء حسابات، وتجرّ كل الأطراف إلى حرب لم يرغبوا فيها. هذه هي تماماً خلفية تقدير أمان الذي نُشر في نيسان/أبريل، والذي تحدث عن ارتفاع معقولية حدوث تصعيد واسع في السنة المقبلة. هذا الأسبوع، قدّر رئيس أمان أن الهجوم الذي شنّه حزب الله من لبنان في مجيدو "قد يتكرر... ونصر الله يوشك على ارتكاب خطأ يمكن أن يدهور المنطقة إلى حرب واسعة." كما قال رئيس الأركان هرتسي هليفي إن حزب الله "يعتقد أنه يفهمنا، وهو يتجرأ على تحدّينا، على الرغم من ثقته بأن هذا سيؤدي إلى حرب." مغزى هذا الكلام أن الجيش الإسرائيلي يرى شهية نصر الله المتزايدة لتحدّي إسرائيل من خلال هجمات إضافية في منطقة هي، في تقديره، على حافة حرب. تدل التجربة على أنه عندما يكون الطرفان غير معنيين بالحرب، فإن الاستعداد للمخاطرة بعمليات محدودة، أو بـ"أيام قتال" محدود، وهو بمثابة اختبار مفتوح لتصعيد سريع، نهايته الحرب. تصريحات كبار المسؤولين هي تحذير لنصر الله، وهي أيضاً تذكير للجمهور بمدى حساسية الوضع الأمني وخطورة التهديدات الخارجية لإسرائيل. 

سيناريو تعدُّد الساحات

  • خلال عملية "حارس الأسوار" قبل عامين، نشب في غزة تصعيد واسع، رداً على الأحداث في القدس، وهو ما أشعل، لاحقاً، اضطرابات غير مسبوقة في المدن المختلطة داخل تخوم الخط الأخضر. ومنذ ذلك الحين، تحول سيناريو توحيد الساحات المختلفة-الذي برز في أحداث رمضان الأخيرة والمواجهات في حرم المسجد الأقصى، والتي أدت إلى إطلاق صواريخ من غزة ولبنان وسورية-إلى جزء لا يتجزأ من سيناريو استعداد الجيش الإسرائيلي والقوى الأمنية والمستوى السياسي.
  • هذا الواقع يفرض نشر قوات كبيرة في القدس و"المناطق" ويقظة عالية ومستمرة في منظومات الدفاع الجوية وقوات الجيش والشاباك. رفع درجة التأهب والجهوزية، والذي سُجّل في يوم القدس الأخير، والتصعيد في ساحات مختلفة بوتيرة متزايدة، يأتي على حساب قدرة المؤسسة الأمنية على توظيف الوقت والاهتمام لمواجهة التهديدات الأكثر خطراً والأبعد، وفي طليعتها النووي الإيراني وتعاظُم القوة العسكرية لحزب الله، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة.
  • على الرغم من ذلك، فإنه من المهم أن نرى أن لا أحد من أعداء إسرائيل يريد تجربتها والدخول في مواجهة واسعة النطاق معها، أو في حرب. وكلٌّ منهم يريد إثارة تصعيد في ساحات بعيدة عن أراضيه؛ "حماس" في غزة تريد إشعال الضفة الغربية. وعندما خاض الجهاد الإسلامي قتالاً في مواجهة إسرائيل في عملية "درع وسهم"، توحّد شركاؤه في الساحات المختلفة في التصريحات والدعاية، وامتنعوا من استخدام القوة، في آن معاً، ضد إسرائيل من ساحاتهم.

السلطة الفلسطينية-الحاضر الغائب

  • الأزمات الأخيرة في الساحة الفلسطينية أظهرت الغياب الكامل للسلطة الفلسطينية كعامل مؤثر بأي صورة من الصور في الأحداث. السلطة تتلاشى، كمنظومة حُكم شرعية وعاملة وفعالة، بمرور الزمن، وتخسر السيطرة والحوكمة في شمال الضفة، وخصوصاً في مخيمات اللاجئين في نابلس وجنين. كما تضررت فعالية وشرعية أجهزتها، ولا سيما المسعى لإضعاف "حماس" وكبح تحركاتها للسيطرة على الضفة الغربية-الأمر الذي يشكل مصلحة مشتركة بين السلطة وبين إسرائيل.
  • يشكل تفكُّك السلطة الفلسطينية تهديداً استراتيجياً متعدد الأبعاد لإسرائيل. وبالإضافة إلى الحاجة إلى ملء الفراغ الأمني بواسطة نشر واستخدام واسع لقوات الجيش الإسرائيلي، فعملياً، كلما تبددت السلطة، فإن المسؤولية عن جميع نواحي الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين ستنتقل إلى إسرائيل بالتدريج. وتُقدَّر تكلفة هذا العبء بالكثير من المليارات، وهذا سيقع على كاهل دافع الضرائب الإسرائيلي، بعد التقليص المتوقع في المساعدة الدولية للسلطة. وهذا التوجه يترسخ مع ضغوط أعضاء الصهيونية الدينية في الحكومة الذين يسعون لإسقاط السلطة وضم معظم مناطق الضفة إلى إسرائيل.

ما الذي ينبغي على إسرائيل فعله؟

  • في البيئة الاستراتيجية الصعبة والمعقدة لإسرائيل، تحدث عمليات تغيير تتطلب زعامة وسياسة ملائمتين من أجل التصدي للتهديدات وخلق الفرص.
  • الخطوة الفورية المطلوبة هي تعزيز الردع الإسرائيلي. وأول خطوة من أجل ذلك، هي الوقف الفوري للانقلاب القضائي، الأمر الذي سيوحي للخارج والداخل بعودة وحدة المجتمع والجيش. تجدُّد مساعي التشريع القضائي، بعد تمرير الميزانية سيزيد في الأزمة الداخلية، وسيقوض ردع إسرائيل في كل الجبهات، ويشجع على خطوات استفزازية أُخرى من جانب أعداء إسرائيل في الإقليم.
  • في المقابل، يتعين على إسرائيل إعادة الاستقرار إلى الساحة الفلسطينية، والامتناع من المواجهات المتكررة التي تهدد بالتمدد إلى ساحات أُخرى، وتعرقل التركيز على لجم التهديد الإيراني وإيجاد فرص في مجال التطبيع. والمطلوب من إسرائيل تهدئة الوضع في القدس، وخصوصاً في حرم المسجد الأقصى والضفة الغربية، والعمل على تعزيز قوة السلطة الفلسطينية، لا إضعافها. ثمة إجماع بين صنّاع القرار في إسرائيل على أن السبيل الأفضل لاستقرار الميدان هو عودة الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى القيام بعملياتها الأمنية بصورة فعالة في المدن. القدس وحرم المسجد الأقصى والأسرى والقتلى الفلسطينيون هي مشكلات حساسة يمكن أن تفجّر تصعيداً من الصعب السيطرة عليه.
  • إن التغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط تشكل فرصة لإسرائيل، كما ثبت ذلك من خلال عودة الحرارة إلى العلاقات بين تركيا وإسرائيل. جوهرة التاج في هذا السياق هي السعودية التي من المتوقع أن يؤدي التطبيع معها إلى تسوية العلاقات مع دول أُخرى في العالمين العربي والإسلامي. وإسرائيل بحاجة إلى سياسة مركّبة للقيام بهذه العملية. ويجب أن تتأكد مسبقاً من الثمن الذي ستحصل عليه من السعودية، ومن الولايات المتحدة، وضمان ذلك من خلال طاقم عمل منظّم من المؤسسة الأمنية بأنها ستحافظ، في المقابل، على مصالح عميقة أُخرى، وعلى رأسها منع السباق على التسلح النووي في الشرق الأوسط، والمحافظة على التفوق العسكري والنوعي في المنطقة.
  • في مواجهة إيران، المطلوب تهديد عسكري ذو صدقية، بالأساس أميركي، وضغط اقتصادي دولي يثني إيران عن التخصيب على درجة 90%، وعن الاستمرار في توسيع برنامجها النووي، ويدفع قدماً نحو اتفاق "أطول وأقوى" كما طالبت الولايات المتحدة منذ البداية. التدريب العسكري المشترك الذي أجرته إسرائيل والولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير الماضي، كان غير مسبوق من حيث حجمه، وخطوة في الاتجاه الصحيح في كل ما له علاقة بوضع تهديد عسكري ذي صدقية في مواجهة إيران.