"شهر العسل" مع مصر يمكن أن يتضرر
تاريخ المقال
المصدر
- بعد مرور 44 عاماً على اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، يعود الهجوم القاتل على الحدود الذي حصد حياة ثلاثة جنود إسرائيليين ليُثبت مجدداً مدى تعقيد العلاقات بين الدولتَين.
- وقع الحادث المأساوي في الأمس على الحدود بين الدولتَين، وتحديداً في ذروة "شهر عسل" في العلاقات، فالتعاون الأمني والاستخباراتي بين الأجهزة الأمنية ازداد عمقاً في السنوات الأخيرة، وأدت مصر دوراً محورياً في التوصل إلى تفاهمات وترتيبات لإنهاء جولات القتال بين إسرائيل والتنظيمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، كما تعزز وتوسع التعاون في مجال الطاقة، وازداد بصورة كبيرة عدد السياح الإسرائيليين الذين يزورون مصر.
- هناك عاملان أساسيان وراء هذا التوجه: الأول، هو تأييد إسرائيل، من دون أي تحفظ، الانقلاب الذي قام به السيسي وأدى إلى تنحية الرئيس محمد مرسي ووضع تنظيم الإخوان المسلمين خارج القانون. الثاني، هو وجود عدو مشترك شرس في شبة جزيرة سيناء، حيث تنشط خلايا مسلحة من تنظيم داعش، الذي على الرغم من أنه ضعُف مؤخراً، فإنه لا يزال صامداً، ويهاجم قوات الجيش المصري المنتشرة في سيناء بصورة غير مسبوقة.
- وفي ضوء الحرب الضارية لاقتلاع خلايا داعش، وافقت إسرائيل على دخول قوات من الجيش المصري بأعداد وتسليح أكبر مما نص عليه الملحق العسكري في اتفاق السلام، ومن الممكن أن الخلافات في هذا الشأن ستُطرح مجدداً في اليوم الذي يجري فيه القضاء على وجود داعش.
- وجاء الحادث المأساوي على الحدود في وقت تقوم فيه دول عربية مركزية، وفي طليعتها مصر والسعودية، بخطوات يمكن أن تؤدي إلى توترات أو أزمة مع إسرائيل. تقوم هذه الدول بفحص هذه العلاقات ضمن سياق سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه إيران، والتغييرات في سياسة الولايات المتحدة تجاه هذه الحكومة. وفي الرياض والقاهرة، يتابعون عن كثب البرودة التي تبديها إدارة بايدن تجاه حكومة نتنياهو، وتفضيل الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.
- على هذه الخلفية، بدأت بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، إعادة فحص علاقاتها مع إيران. وعُلم مؤخراً أن مصر أيضاً تجري اتصالات مع إيران لرفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى السفارات.
- هذه التوجهات الإقليمية تشكّل تحدياً لصنّاع القرار في القدس، فالعلاقات بين إسرائيل ومصر، وبصورة أساسية التعاون الأمني، يشكّلان إحدى ركائز الأمن القومي لكِلا البلدَين. ومع ذلك، من المبكر تحديد كيف، وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر التوجهات التي برزت مؤخراً في الشرق الأوسط في العلاقات المصرية - الإسرائيلية؟ وعندما جرى الكشف عن الحادثة على الحدود، أجرت مصر وإسرائيل اتصالات مكثفة على مختلف المستويات، واعتُبرت الحادثة استثنائية، وجرى الاتفاق على إجراء تحقيق مشترك، وأن يبذل كل طرف كل ما في وسعه لمنع تكرار حوادث مشابهة مستقبلاً.
- يدل هذا التفاهم على "شهر عسل" في العلاقات الأمنية بين إسرائيل ومصر. لكن من جهة أُخرى، فإن هذا لا يمنع المناقشة المطلوبة لتأثير التوجهات الجديدة الناشئة في الشرق الأوسط، والتي يمكن أن تؤثر في السلام المصري- الإسرائيلي.