اتفاق السلام مع مصر هو اتفاق وهمي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • بسرعة كبيرة، سارعت إسرائيل إلى إخفاء الهجوم على جنود الجيش الإسرائيلي على الحدود المصرية في الأسبوع الماضي تحت البساط. مقاتلان ومقاتلة من الجيش قُتلوا في تبادُل إطلاق النار. "المخرب" هو من القوى الأمنية المصرية. ووفقاً لتقرير قناة "العربية"، كان التنسيق الأمني بين الدولتين طوال مدة الحادثة كاملاً.
  • يوجد اتفاق سلام بين إسرائيل ومصر، والعمل العدائي الذي قام به أحد عناصر الأمن يجب أن يكون له معنى يتعدى مسألة الساعات التي يمضيها الجنود في الحراسة، ولماذا لم تُقلع الطوافة في الوقت المحدد.
  • لو كان مُطلق النار يتعاطى الحشيش، كنّا فهمنا، لكنه لم يكن كذلك، فالكراهية لإسرائيل في مصر، من الانتقادات الموجهة إلى الاحتلال وإلى الكراهية الخالصة المعادية للسامية، لا يجب أن تميز دولة وقّعنا معها اتفاق سلام. والحقيقة أن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر هو اتفاق وهمي. أو بالأحرى هو اتفاق وقفٍ للقتال، يخدم مصالح النخبة الأمنية المصرية والإسرائيلية. ولا يوجد سلام بين الشعبين. لقد زرت مصر في الماضي كسائح وكصحافي. الإسرائيليون غير مرغوب فيهم هناك، والمصريون لا يزورون إسرائيل. والعلاقات التجارية بين البلدين تجري في الخفاء.
  • كلّ حكومات إسرائيل، من أيام مناحم بيغن حتى أيامنا، أهملت المطالبة الأساسية التي يجب أن تكون قائمة بين دولتين بينهما اتفاق سلام: العمل ضد العداء للسامية والعداء لإسرائيل. وهذه المطالبة يجب أن تأتي أيضاً من جانب الولايات المتحدة التي كانت وسيطة في محادثات السلام. طبعاً، لا يمكن الوصول إلى كل المصريين، لكن يمكن أن نسأل عن الإجراءات التي يتخذها الجيش المصري والشرطة من أجل تثقيف العناصر بثقافة السلام؟ الحجة المباشرة هي "الاحتلال". هذه حجة جيدة، لكن يمكن التفريق بين الانتقاد المحقّ لإسرائيل، وبين الكراهية البغيضة والعداء للسامية اللذين يدفعان إلى أعمال قتل و"إرهاب".
  • مصر مسموح لها كل شيء. انظروا مثلاً إلى قطر. لا يوجد سلام بين إسرائيل وقطر، ولا توجد علاقات رسمية، ولا اجتماعات في القصر. لكنها استضافت آلاف الإسرائيليين، وأبدت لهم كل الاحترام والود والحرص على أمنهم في المونديال الأخير. يجري تصوير مصر دائماً كعامل استقرار بسبب نشاطها في غزة. لكن مَن يحوّل الأموال إلى غزة هي قطر. لكن على الرغم من ذلك، فإن قطر تحظى بصورة سلبية، بينما مصر، لسبب ما، هي البقرة المقدسة التي يجب عدم المسّ بها.
  • لنتخيل شرطياً إسرائيلياً من أتباع مئير كهانا، يستغل موقعه في حراسة الحدود مع مصر، ويعبر إلى الأراضي المصرية، ويقتل 3 جنود مصريين. حينها، لا يكفي الإعلان أن ما جرى "حادث محدود". ثمة حاجة إلى نقد ذاتي عميق بشأن ماهية السلام، ونمو الكراهية في داخلنا، وعن الخطوات التي اتخذتها الشرطة والجيش الإسرائيلي لاقتلاع مظاهر العنصرية. وماذا كان الرد المصري؟ كلام لا معنى له، ربما يأتي في نهايته اعتذار ضعيف، وتعود الحياة إلى مجراها.
  • في الولايات المتحدة الكبيرة، الدولة التي يشكل اليهود فيها جزءاً لا يتجزأ منها، هناك مسؤول عن محاربة العداء للسامية. والموضوع يُطرح دائماً على طاولة الرئيس. حان الوقت لنتوقف عن تقديم تنازلات لمصر. فهي دولة كبيرة وقوية، لديها مؤسسات وسلطة مركزية مستقرة، وتستفيد من ثمار السلام البارد بصورة لا تقلّ عنا، ويجب أن تكون مطالبتنا لها أساسية ومعقولة وعادلة: يجب عليكم استخدام كل وسائلكم التعليمية والجنائية من أجل تثقيف عناصركم بثقافة السلام.

 

 

المزيد ضمن العدد