يهود الولايات المتحدة يشعرون بالحرج
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

 

  • سبعة وزراء في الحكومة الإسرائيلية على الأقل كانوا في نيويورك الأسبوع الماضي، وذلك بمناسبة "مسيرة إسرائيل" التي جرى الاحتفال بها على الجادة الخامسة في المدينة. عدد الوزراء كان مبالغاً فيه لدرجة أن سكرتير الحكومة يوسي فوكس طلب من بعضهم عدم المشاركة في المسيرة، وذلك للتقليل من إحراج الحكومة. فما هو الشيء الذي استقطب هذا الكمّ من الوزراء إلى حدث، هدفه الاحتفال بعلاقات إسرائيل والولايات المتحدة؟ سنعود إلى هذا السؤال في الختام.
  • على بُعد عدة مربعات من المسيرة، وفي مسرح كبير في برودواي، يتم في كل ليلة تقديم مسرحية "المسيرة" التي تصف واحداً من أكثر حوادث اللاسامية شهرةً واستفزازاً في تاريخ الولايات المتحدة: ليو فرانك، يهودي كان يعمل في مصنع في أتلانتا، اتُّهم في سنة 1913 بالقتل وهو بريء، وحُكم عليه بالإعدام شنقاً. وتعرض المسرحية الرواية التي تتفق عليها أغلبية المؤرخين: فرانك كان بريئاً، وكان ضحية مؤامرة لا سامية تتماشى مع روحية تلك الفترة.
  • وليست مصادفة أن يجري إحياء المسرحية الموسيقية من جديد، والتي كُتبت في سنة 1998، في إنتاج يتلاءم مع أيامنا. في السنوات الأخيرة، شهد العداء للسامية في الولايات المتحدة صعوداً دراماتيكياً ومقلقاً، بدأ مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. الرسوم البيانية التي تُصدرها رابطة مكافحة التشهير تشير إلى اتجاهات واضحة: في سنة 2015، تم تسجيل 942 حادثة معادية للسامية، وفي سنة 2017، تم تسجيل 1986 حادثة، ومنذ ذلك الوقت، الأرقام ترتفع بنسبة عشرات بالمئة كل عام-حتى وصلت إلى الذروة التاريخية في سنة 2022-حين تم تسجيل 3697 حادثة.
  • في جميع فئات الحوادث المعادية للسامية التي تفحصها رابطة مكافحة التشهير، مثل الاعتداء على الأملاك، التهديدات، المضايقة، الاعتداء الجسدي، وغيرها-هناك ارتفاع. وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدد المجموعات المنظمة التي تدعم تفوُّق البيض والنازيين الجدد. وراء هذه الأرقام تقف جالية يهودية كبيرة خائفة، تتغير مكانتها وصورتها داخل الولايات المتحدة أمام أعينها.
  • قبل نصف عام، انشغلت الجالية اليهودية بالأقوال المعادية للسامية التي قالها المغني المعروف كانييه ويست-وفي الأسبوع الذي سبق "مسيرة إسرائيل"، انشغل يهود نيويورك، حصراً، بخطاب نهاية العام التقليدي الذي ألقته طالبة جامعية في "كوني"، الجامعة الحكومية لتعليم الحقوق، وهاجمت خلاله إسرائيل، وأنهت الخطاب بالجملة التالية: "ليتنا نملك الوقود للنضال ضد الرأسمالية والعنصرية والإمبريالية والصهيونية حول العالم." كانييه ليس الوحيد. العداء للسامية أصبح رائجاً.
  • حالياً، في الدولة القومية للشعب اليهودي، يتنافس الوزراء فيما بينهم على مَن يبعد الجالية اليهودية والإدارة والرأي العام الأميركي عنا أكثر. بدلاً من أن يتابعوا، بقلق، الهجوم على مكانة يهود الولايات المتحدة، وأن يتجندوا لمصلحتهم، تفتح الحكومة جبهة إضافية ضدهم. وبدلاً من أن يجد يهود الولايات المتحدة الدعم والمواساة والملجأ في إسرائيل، فإنهم يجدون أنفسهم بين المطرقة والسندان: بين بلدهم الذي تغيّر وجهه؛ ووطنهم الذي لا يعترف بالكثيرين منهم.
  • من جهة، ترفض حكومة اليمين الكاملة الاعتراف بأكثر من نصف يهود الولايات المتحدة لأنهم ينتمون إلى تيارات إصلاحية ومحافظة، وتدفع قدماً بتشريعات تُلحق الضرر بحقوقهم في إسرائيل، كبند الحفيد والمعركة على ساحة حائط المبكى. ومن جهة أُخرى، تقوم بإحراج الجالية اليهودية يومياً، من خلال مهاجمتها الإدارة الأميركية، وتحرج نفسها بالتهجم على مسؤولين في البيت الأبيض، وضمنهم نائبة الرئيس كاميلا هاريس والرئيس جو بايدن نفسه.
  • وهناك جانب ثالث: في الوقت الذي تتألف حكومة إسرائيل من مسؤولين كبار، كسموتريتش وبن غفير وآفي ماعوز، الذين يُعتبرون في الولايات المتحدة عنصريين ومعادين للمثليين وشوفينيين-فإن قدرة يهود الولايات المتحدة على التضامن مع إسرائيل تتراجع، ومعها الدافع والقدرة على محاربة كراهية إسرائيل الآخذة بالتصاعد.
  • وهذا من دون الحديث عن الهجرة. اليمين الأيديولوجي يعتقد أنه سيغيّر الصورة الديموغرافية في إسرائيل، عبر تعزيز الهجرة، لكنه يقوم بكل شيء ممكن لإبعاد المهاجرين الجدد من الولايات المتحدة.

ربما تتساءلون: ما الذي بحث عنه وزراء الحكومة في "مسيرة إسرائيل"؟ يبدو أن السبب هو فقط بطاقة سفر مجانية إلى نيويورك على حساب دافع الضرائب الإسرائيلي، وأيضاً احتمال صورة علاقات عامة على الطريق.