من أجل ماذا تناضلون؟ من أجل منظومة قضائية تخدم الأبارتهايد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • كان من الصعب بالنسبة إليّ الاهتمام بما يجري بشأن انتخابات لجنة اختيار القضاة. وفي نظري، فإن انتخاب عضو الكنيست كارين إلهرار-التي تمثل حزباً لا أعتبره ديمقراطياً أبداً [حزب "يوجد مستقبل"] بالإضافة إلى أنه لا يهمه أبداً نظام الأبارتهايد الإسرائيلي - عضواً في اللجنة، أو عدم انتخابها، هو أمرٌ لم يكن مهماً، وبالتأكيد ليس أمراً مصيرياً. في الحقيقة، لم يكن يهمني إذا انتُخبت أم لم تُنتخب. في المقابل، إن الاهتمام العام بانتخابات لجنة اختيار القضاة جرى تصويره كمسألة مصيرية، وأن المطروح هو مستقبل الديمقراطية؛ فإذا أصبحت إلهرار داخل اللجنة، حققنا الديمقراطية، وإذا بقيت خارجها، فهذه ديكتاتورية. بينما الواضح اليوم أن عدم انتخابها كان معناه تفجير المحادثات [التي تجري في بيت الرئيس] والخروج إلى الشوارع. في الأمس، كتبت "هآرتس" في افتتاحيتها "لا توجد طريق وسط بين الديمقراطية والديكتاتورية."
  • وفي الوقت الذي تدور فيه الأحداث الدراماتيكية في الكنيست، جلس على بُعد عدة كيلومترات زوجان متقدمان في السن ومريضان، وهما من سكان المدينة القديمة في القدس، وقد كان الزوج شرطياً في الشرطة الإسرائيلية، وكان الاثنان ينتظران قوات الشرطة التي ستصل لإجلائهما من المنزل الذي كان بيتهما منذ سنة 1949.
  • والمرأة هي نورا، ولدت في هذا المنزل وكبرت وربّت أولادها، وتريد أن تموت فيه. طوال 47 عاماً، حارب الزوجان عن طريق المنظومة القضائية دفاعاً عن حقهما في البقاء في منزلهما كمستأجرَين يحيمهما قانون المستأجر. وعلى الرغم من آلاف الساعات من النقاشات، وعشرات القضاة في كل أنواع المحاكم وصولاً إلى المحكمة العليا، حان هذا الأسبوع موعد إخراجهما من منزلهما بموافقة المحكمة العليا. لم تحصل نورا ومصطفى على أي مساعدة أو حماية، ولا على أي عدالة. قريباً، سيسكن منزلهما مستوطنون تحت اسم "وقف المرحوم شموئيل موشيه بن دافيد شلومو جنجل" المخصص من أجل "فقراء الجالية اليهودية في غاليسيا". لو لم يكن الأمر محزناً جداً، فإنه مثير للضحك.
  • لم يسأل قاضٍ واحد من القضاة الذين بحثوا المسألة، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا، "لماذا تُعاد ممتلكات يهودية تعود إلى ما قبل 1948 إلى أصحابها اليهود، بينما هناك ممتلكات فلسطينية تعود إلى ما قبل 1948 نُهبت خلال الحرب في تلك المدينة، وفي نفس الأوضاع، ومع ذلك فهي لا تعاد إلى أصحابها؟" و"أي نوع من المنظومات القضائية يحمي ذلك؟"
  • من أجل هذه المنظومة القضائية، يناضل الجمهور الليبرالي منذ أسابيع طويلة، فالخطر الذي تتعرض له كبير وحقيقي؛ وهو خسارة استقلاليتها. علينا دعم هذا النضال، ونتمنى نجاحه، لكن في الوقت عينه، لا يمكن تجاهل أو طمس قضية من أجل "أي منظومة قضائية نناضل هنا؟"
  • إنه نضال دفاعاً عن منظومة قضائية سمحت بإخراج زوجَين من منزلهما لأنهما فقط غير يهوديَين، ونضال دفاعاً عن منظومة قضائية تخدم بصورة مخزية نظام الأبارتهايد الإسرائيلي والمستوطنين ومن هم في خدمتهم، وتبصم على كل نزوة تقوم بها المؤسسة الأمنية، وتشرعن تقريباً كل جرائم الاحتلال. طبعاً، لهذه المنظومة القضائية إنجازات كثيرة ومهمة في مجالات أُخرى تستحق الإعجاب؛ كالسماح بالبث التلفزيوني في ليالي السبت، ومنع خصصة السجون، والسماح بترشح القوائم العربية للانتخابات في الكنيست بعد أن أبطلتها لجنة الانتخابات، والمكافحة الحازمة والمستقلة للفساد، بما في ذلك إرسال يهود إلى السجن...
  • هذا النضال هو نضال صحيح لو أن الاحتجاج تجند أيضاً للنضال من أجل تحويل المنظومة القضائية من منظومة قومية ومنظومة فصل عنصري إلى منظومة ديمقراطية وعادلة. لماذا كتبت "هآرتس" في افتتاحيتها "لا يوجد طريق وسط بين الديمقراطية والديكتاتورية"؟ لأن انتخاب إلهرار، للأسف الشديد، لا يغير شيئاً.
 

المزيد ضمن العدد