الحكومة قررت: دولة ثنائية القومية
تاريخ المقال
المصدر
- قبل أيام معدودة، أجريتُ حديثاً مع مصدر سياسي رفيع المستوى، أخبرني، بزهو ظاهر، أن منتدى النقب سيُعقد في وقت قريب في المغرب. بالتأكيد، هذا مدعاة إلى الفخر. صحيح أن المقصود مبادرة قام بها يائير لبيد عندما كان وزيراً للخارجية، لكن كل حكومات إسرائيل، من دون استثناء، تواصل دعمها لاتفاقيات ومبادرات الحكومات السابقة. ففي النهاية، الليكود لم يُلغِ حتى اليوم اتفاقات أوسلو، لأنه يعلم أن البديل عنها أسوأ بكثير. وعلى الرغم من تملمُل اليسار حيال اتفاقات أبراهام، فإنه لم يجرؤ على الهجوم عليها، والذين تحدثوا ضدها بذلوا جهدهم كي ينسى الناس ما قالوه.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن قمة المغرب لن تُعقَد. لأنه يوجد ثمن لحماقة الحكومة الإسرائيلية. لا يمكن إعلان إقامة 4500 وحدة سكنية جديدة، أو المزيد من البؤر الاستيطانية، والحصول على الابتسامات العريضة. لقد سبق أن أجّل المغرب عقد المنتدى عدة مرات. هذه المرة، الولايات المتحدة نفسها هي التي وجّهت صفعة مدوية إلى إسرائيل وقررت تأجيل القمة. جرى هذا بعد قرار الحكومة نقل المسؤولية عن البناء في المناطق من "وزير الدفاع إلى وزير آخر في الوزارة". والمقصود هو تعديل لقرار الحكومة رقم 150، العائد إلى سنة 2016. كما يشمل التعديل تسهيلات في منح الموافقة على البناء.
- حظيَ قرار الحكومة في مختلف وسائل الإعلام باهتمام قليل. فالمقصود في نهاية الأمر تطبيق البند 121 في الاتفاق الائتلافي بين الليكود وبين حزب الصهيونية الدينية. وزير الدفاع أُخذت منه صلاحياته، وبتسلئيل سموتريش حلّ محله. وبعد أكبر تظاهرات شهدتها إسرائيل في تاريخها، لم تتم إقالة غالانت من منصبه، بل تقلصت صلاحياته. لكن كيف يمكن تحمُّل المسؤولية عن الأمن في المناطق عندما يكون الوزير المعيّن ليس مسؤولاً مباشرةً عن البناء في المناطق؟
- هذه مشكلة صغيرة، لأن المقصود مشكلتان أكبر بكثير. الأولى، أن مَن يريد دولة ثنائية القومية سيحصل عليها. حتى في داخل الليكود، لا يوجد موقف موحد. هناك مؤيّدو الدولة اليهودية، وفي مقابلهم، هناك مؤيّدو الدولة الثنائية القومية. وزير الدفاع غالانت ينتمي إلى الفريق الأول، وهو ليس وحده. لكن حكومة اليمين تخلت عن المجال الأكثر أهمية سياسياً، وتركته بين يدي اليمين الذي يقف على يمين اليمين، اليمين المعادي للصهيونية، الذي يحقق رؤيا حركة الـ BDS في الدولة الكبيرة الواحدة.
- ثانياً؛ وجود الولايات المتحدة في الخلفية. إنها العماد الاستراتيجي لإسرائيل. فالهجوم على المشروع النووي الإيراني غير ممكن من دون دعم أميركي. والدفع قدماً بالعلاقات مع السعودية؟ لا يمكن أن يحدث إلا بواسطة الإدارة في واشنطن. وتطوير وسائل قتال متطورة؟ ممكن فقط بالتعاون مع الصناعات في الولايات المتحدة، وبموافقة الإدارة الأميركية. هذا من دون ذِكر المساعدة الأميركية طوال عقد كامل، أي قرابة 4 مليارات دولار سنوياً تعهدت إدارة باراك أوباما تقديمها. ويمكن مواصلة التعداد، فالقائمة طويلة.
- إن قائمة المصالح القومية التي تعتمد على الولايات المتحدة كبيرة وطويلة، لكن ماذا تساوي كل هذه المصالح مقارنةً ببند في الاتفاق الائتلافي ينقل المسؤولية عن البناء في المناطق إلى وزير في الحكومة يرفض أي مندوب أميركي الاجتماع به؟ هذا وضع غير مسبوق. وضع مهين، كأننا نوجّه هدفاً ضد أنفسنا. حكومة إسرائيل ضد دولة إسرائيل. وقبل أن يجفّ حبر قرار الحكومة، رفعت الولايات المتحدة الثمن. قمة منتدى النقب تم تأجيلها إلى موعد غير محدد.
- في القناة الـ14 اشتكوا من أنه حتى الآن كان هناك حاجة إلى الحصول على موافقة أمنية للانتقال من مرحلة إلى مرحلة في البناء في المستوطنات. هم فرحوا لأنه لم يعد هذا مطلوباً الآن. أي بكلام بسيط، ليذهب الأمن إلى الجحيم. قواتنا الأمنية تخضع لضغط أمني كبير. فقط في الأمس، أصيب 7 مقاتلين جرّاء عملية ضد وكر "الإرهاب" في جنين. اليمين المعادي للصهيونية لا يهمه الأمر، لأنه إذا تحققت الخطة الكبرى وأقيم المزيد من البؤر الاستيطانية – وحينها، كل عشرة من شبان التلال بحاجة إلى عشرات من الجنود لحماية الشبان المتهورين. وبهذه الطريقة، نهمل أمن الدولة لأن هناك حاجة إلى تحقيق رؤيا الـBDS. هل فقدنا عقولنا؟ نعم.
- ضمن إطار محاربة الدعاية المعادية لإسرائيل مع قليل من الإرادة والمعرفة، يمكن أن نهزم الدعاية التي تسعى لشيطنة إسرائيل. لكن اسمحوا لي بالاعتراف بأن هناك أمراً واحداً يقف أمامه الناطق بلسان إسرائيل عاجزاً حتى أمام جمهور مؤيد للصهيونية، هو: الاستيطان في المناطق، أو للمزيد من الدقة، الإصرار على توسيع المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية وانتهاك التعهدات التي قدمتها إسرائيل إلى الإدارة الأميركية بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية. ما يجري ليس أننا لا نقوم بالإخلاء فحسب، بل نوسع ونرسخ. الإدارة الأميركية، سواء أكانت ديمقراطية أو جمهوريةـ وأيضاً أنصار إسرائيل والأعضاء والنشطاء في الجمعيات اليهودية، يريدون الدفاع عنا. لكن نحن، من جانبنا، نتمسك بهؤلاء [اليمين المعادي للصهيونية] الذين يقفون ضدنا.
- إن النضال من أجل دولة يهودية ديمقراطية أمر مهم، ومهم جداً. لكن في الوقت الذي يدور الصراع على الجبهة القضائية، تدفع الحكومة قدماً بواقع الدولة الثنائية القومية. يجب أن نستيقظ لأنه إذا نجحت المؤامرة المعادية للصهيونية، لا سمح الله، فإن إسرائيل لن تبقى يهودية، ولا ديمقراطية.
الكلمات المفتاحية