الاتفاقات التي وقّعتها إسرائيل مع لبنان تشجع حزب الله على مواصلة استفزازاته
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • إن إقامة حزب الله خيمة داخل أراضي دولة إسرائيل على بُعد عشرات الأمتار من خط الحدود هو مؤشر آخر على التراجع المستمر في قدرة الردع لدى الجيش الإسرائيلي، وفي إطار استفزازاته المتزايدة، لا يقوم حزب الله بتوتير الأجواء على الحدود إلى الحد الأقصى وحسب، بل أيضاً يطبق سياسة أمر واقع للردع خاصة به في مواجهة إسرائيل، ويسمح لنفسه تحت غطائها بالتحرك بحرّية وجرأة متزايدتَين على الأرض.
  • إن الجيش الإسرائيلي الذي كان ينبغي له معالجة الحادثة بصورة تكتيكية، كما يُعالج أي انتهاك لأراضي دولة إسرائيل وسيادتها، مضطر الآن إلى مواجهة الحادثة التي أصبحت لها أبعاد استراتيجية وطنية. كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ لقد حدث هذا عبر الانزلاق المستمر إلى المنحدر الزلق الذي أنشأه حزب الله.
  • يمكن على سبيل المثال رؤية الاختلافات في نهج الجيش الإسرائيلي في التعامل مع حوادث كهذه مع مرور الزمن. في حزيران/يونيو 2005، وقعت قوة خاصة من حزب الله في كمائن نصبتها قوات من أغوز وماغلان، وذلك بعد أن عبرت تلك القوة إلى الأراضي الإسرائيلية في مهمة استطلاع متقدمة في منطقة مزارع شبعا، ولقد فتحت القوات النار، وقتلت ناشطاً رفيع المستوى من حزب الله. لاحقاً، وفي السنة نفسها، قتلت قوة من المظليين 4 مقاتلين تابعين لقوة خاصة للحزب كانوا يحاولون القيام بعملية خطف. وفي شباط/فبراير 2006، قتلت قوة من أغوز عنصراً مسلحاً من حزب الله حاول التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية.
  • بعد حرب لبنان الثانية، تعوّد الجيش الإسرائيلي بالتدريج على الانتهاكات المتكررة من جانب حزب الله للاتفاقات المتعددة، وردّ بصورة مدروسة على محاولات الحزب القيام بهجمات. سنة 2015، ضبطت إسرائيل نفسَها بصورة كبيرة في الرد على مقتل اثنَين من مقاتليها في كمين مضاد للدبابات، كان قد نصبه حزب الله رداً على هجوم تعرض له أحد كبار مسؤوليه.
  • سنة 2019، وبعد اغتيال أحد عناصر حزب الله في سورية، توعد نصر الله بأن حزبه سينتقم ويرد على الدم بالدم، وفي ذلك اليوم، أعلن الجيش حالة التعبئة العامة على طول الحدود الشمالية. في المقابل، تجاهل الجيش الإسرائيلي إقامة حزب الله مواقع للمراقبة على السياج الحدودي تماماً، وبعد ذلك، قرر الاكتفاء بإطلاق نيران تحذيرية على خلية تابعة لقوة خاصة للحزب اجتازت الحدود، ولم يرد تقريباً على إطلاق قناصة الحزب النار بالقرب من موقع للأمم المتحدة في تلك السنة. ومن هناك، استمر الانحدار الحاد والمتسارع إلى أسفل المنحدر. لقد جرى الهجوم الذي نفّذه حزب الله في تقاطع مجدو في آذار/مارس الماضي ضمن إطار عملية سرّية، وجرى العثور على المسؤول عن الحادثة، وقُتل في عملية مطاردة داخل الأراضي الإسرائيلية، وعندما جرى الكشف عن ذلك، لم تردّ إسرائيل.
  • يجب ألاّ ننظر إلى الاستفزاز الأخير لحزب الله كمجرد خيمة لا أهمية لها، بل كرسالة من جانب كل من يريد السوء لدولة إسرائيل، ونظراً إلى كلام ناشط من حزب الله: "الدولة المذهلة التي تعرف كيف تهاجم مفاعلَين نوويَين من دون أن يرّف لها جفن لا تستطيع الآن تحريك خيمة..."، إسرائيل مجبرة على الرد على هذا الاستفزاز. ويجب عليها أن تتذكر أمرَين؛ الأول، يدرك نصر الله أنه في المعركة المقبلة يمكن أن يواجَه بقوة هائلة من الصعب أن يتعافى منها، لذلك يتصرف بحذر. إذا قامت إسرائيل بضربة استباقية حادة وواضحة، فإن الكرة ستنتقل إلى حزب الله، الذي ثمة معقولية كبيرة في أن يخفض ألسنة اللهب، وبذلك تتحول المعادلة لمصلحة إسرائيل.
  • تختلف النوايا الأخيرة لإيران وحزب الله عن النوايا الإسرائيلية؛ فأعداء إسرائيل يستعدون في الليل والنهار لتدمير الكيان الصهيوني، بينما تسعى إسرائيل لتحقيق الازدهار والهدوء. إن العملية التي جرت في جنين هي خطوة أولى في الاتجاه الصحيح منذ سنوات عديدة؛ إن الاستعداد للقتال ودفع الأثمان المطلوبة من أجل حرّية إسرائيل يثيران فوراً تغييراً في الوعي لمصلحة وضع الأمن القومي الإسرائيلي، ويردع أعداءها، ويقرب أصدقاءها.
  • من ناحية أُخرى، فإن استمرار تدحرج إسرائيل على المنحدر الزلق يمكن أن يضع إسرائيل في مرتبة أدنى. وكما أثبت التاريخ القريب، فإن اتفاقات كاتفاق الغاز الذي توصلت إليه إسرائيل مع لبنان في ظل تهديدات حزب الله ليست مؤهلة لتطبيع العلاقات مع تنظيم ديني يتطلع إلى القضاء على إسرائيل، بل تشجعه على الاستمرار في استفزازاته.
 

المزيد ضمن العدد