جنود الاحتياط في سلاح الجو مترددون بشأن موعد اتخاذ خطوات احتجاجية بعيدة المدى
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في الوقت الذي تشلّ منظمات الاحتجاجات الدولة يوم الثلاثاء بسبب استئناف عملية تشريع الانقلاب القضائي، اجتمع في تل أبيب نحو 350 جندي احتياط في سلاح الجو، كي يستمعوا إلى محاضرات من خبراء قانونيين ومسؤولين سابقين في سلاح الجو. من شأن هذه المحاضرات مساعدتهم على اتخاذ القرار: هل يعلنون وقف التطوع في جيش الاحتياط مرة أُخرى، احتجاجاً على قانون إلغاء حجة المعقولية بالقراءة الأولى في الكنيست؟ وهل هذا هو الوقت الملائم للعمل؟
  • في الجولة السابقة والحادة من المواجهة في أواخر آذار/مارس، لعب الطيارون والملاحون في الاحتياط دوراً مركزياً في وقف التشريع. التنظيم الجماعي لهم هو الذي دفع بقيادة المنظومة الأمنية إلى النهوض - قائد سلاح الجو، ورئيس هيئة الأركان، وفي النهاية وزير الدفاع يوآف غالانت. عندما أقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وزير الدفاع غالانت بسبب مطالبته بتجميد المسار التشريعي موقتاً، خرج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع. نتنياهو أصيب بالذهول، وتراجع عن إقالة غالانت، ولاحقاً، جمّد المسار التشريعي. الآن، يعود إلى المسار ذاته، ولو كان بنمط تشريع ضبابي وأكثر ذكاءً.
  • ومع ذلك، يبدو أن الشيء الوحيد الذي يخيف رئيس الحكومة وداعمي الانقلاب هو خطوة جماعية من طواقم سلاح الجو في الاحتياط. السلاح يستند بصورة كبيرة إلى مساهمتهم. وانسحاب المئات منهم من الخدمة يعني ضرراً عملياتياً حقيقياً سيلحق بسلاح الجو، وبالتالي بأمن الدولة، في فترة متوترة وعاصفة ومحفوفة بالمخاطر. الادعاءات في معسكر اليمين بشأن تغيير الطواقم بين الطيارين في الجيش النظامي والطيارين في الاحتياط، أو تبديل الطيارين أصحاب الامتيازات من الذين ينتمون إلى إسرائيل الأولى بضباط أكثر طاعةً وملتزمين أكثر - هي أقوال فارغة بالمطلق.
  • في الجولة الماضية، شدد سلاح الجو على أنه لن يقبل حالات تنظيم في صفوف جنود الاحتياط، تشجع قياداتها على رفض الامتثال للخدمة. هذه المرة، أضاف السلاح أنه سيتعامل مع كل حالة بصورة منفصلة. ولن يتطرق إلى الرسائل العامة، وتصريحات نظرية، إنما فقط عندما يتصل جندي في الاحتياط بالسرب، أو بالقيادة التي يخدم فيها، ويبلّغهما أنه لن يلتحق بالخدمة.
  • يبدو أن نتنياهو وغالانت يعتقدان هذه المرة، وعلى عكس آذار/مارس، أنه سيكون من الممكن احتواء الأزمة، وأن أعداد جنود الاحتياط الذين سيوقفون تطوّعهم ستكون قليلة جداً. حتى أن جنود الاحتياط أنفسهم مترددون أكثر. الجولة الأولى خلّفت تراكمات كبيرة حيال القيادة العليا في سلاح الجو، في الوقت الذي بذل داعمو نتنياهو جهوداً كبيرة لبثّ الفرقة ما بين الطيارين والميكانيكيين داخل أسراب الطيران، وذلك عبر تصوير الميكانيكيين على أنهم جنود مهمشون ومواطنون من الدرجة "ب".
  • يرى جنود الاحتياط في سلاح الجو أنهم خط الدفاع الأخير عن "الديمقراطية". عند الحاجة، سينسحب الكثيرون منهم من الخدمة، لكنهم يريدون ضمان أن تكون هذه الخطوة المتطرفة هي الحل الوحيد أمامهم. وفي هذا السياق، يعتقدون أن لديهم رصاصة واحدة في المخزن الرمزي: يجب استعمالها في الوقت الملائم، بفاعلية قصوى، لأنه من الممكن ألا يكون هناك فرصة أُخرى. وفي المقابل، يعتقد جنود الاحتياط في الوحدات الأُخرى أنهم يخطئون بقرارهم الانتظار، وأنهم يمكن أن يضيعوا الموعد الصالح للتأثير فعلاً.
  • إلى جانب الطيارين، تجددت خلال الأسابيع الأخيرة تنظيمات كثيرة في صفوف جنود الاحتياط من وحدات أُخرى. الخريجون من طاقم العمليات الخاصة في وحدة الاستخبارات العسكرية، بالإضافة إلى وحدات خاصة أُخرى في الاستخبارات، يُعتبرون الأكثر حدةً في الاحتجاجات. وفي الآونة الأخيرة، تم نشر عدة عرائض ورسائل صادرة عن جنود الوحدة 8200، والكوماندوس البحري، ووحدة "إيغوز"، وغيرها. نشاط منظمة "أخوة السلاح" - التي تبدو أنها الجهة الأكثر تأثيراً في الاحتجاجات - يشجع جنود احتياط آخرين على الانضمام. هيئة الأركان تعي ذلك، وتتابع ما يجري عن قُرب. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم قرروا تقليل الإعلانات العلنية المسبقة. رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي قال في خطابه أول أمس: "لا نستطيع السماح لأنفسنا بعدم الامتثال." وباستثناء ذلك، لا تصرّح القيادة الرفيعة المستوى بالكثير علناً.

فخ مقصود

  • تم تخطيط جلسة الحكومة التي نُشر منها، وبصورة مخجلة، تسجيلات كثيرة قام بها المشاركون، لتكون فخاً مرسوماً جيداً للمستشارة القانونية للحكومة المحامية غالي - بهراف ميارة. هجوم الوزراء البشع على المستشارة في الوقت الذي كان نتنياهو بمثابة المايسترو من وراء الكواليس، جاء لبثّ رسالة ردع إلى جميع حراس الدولة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الانشغال الواسع بسلوك الشرطة والادعاء أنها تضبط القانون بشكل انتقائي، مقارنةً باحتجاجات سابقة.
  • هذه لعبة قديمة من صناعة نتنياهو. حتى عندما بدأت محاكمته، ادّعى رئيس الحكومة أنه سمع أن القضاة مشتبه فيهم باليسارية، وأنه يتمنى أن تكون الأمور مختلفة. التأثير البعيد المدى لطريقة عمله اتضح طوال المحاكمة، وبالأساس الشهر الماضي - بعد أن اقترح القضاة شطب تهمة الرشوة من لائحة الاتهام. الضغوط التي قام بها الوزراء على الشرطة، بهدف القيام باعتقالات أكثر، وتوقعاتهم بالمزيد من القوة، يمكن أن تؤدي إلى سلوك عنيف من الشرطة ضد كل مَن يغلق الطريق. هذه الخطوات التي تهدف إلى بث الخوف، والتي يحرص نتنياهو على البقاء على مسافة منها في الوقت الذي يطالب بضبط النفس، تتضمن حملات ضد المستشارة القانونية، والنيابة العامة، وقيادات الشرطة، بالإضافة إلى المتظاهرين أنفسهم. كلاب الحراسة في الشبكة سمعوا الصافرة وبدأوا هجومهم.
  • يبدو أن الائتلاف الحالي ينطلق بسرعة 180 كلم في الساعة في اتجاه الحائط، وهذه الخطوات غير خافية عن أصدقاء إسرائيل في الخارج. الرئيس الأميركي جو بايدن عاد وأكد قبل أيام خلال مقابلة مع الـCNN أنه لن تتم دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض. زيارة رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ إلى واشنطن بعد أسبوع لا يمكن أن تكون بديلاً. الغضب الأميركي على الحكومة جاء بسبب سلوك نتنياهو والشركاء في الضفة بصورة لا تقل عن الغضب إزاء قوانين الانقلاب. بايدن يعلم جيداً ما هو تأثير الكتل اليمينية المتطرفة في الائتلاف في سياسة الاستيطان في الضفة.
  • وفي ظل مطالب أميركا، اتخذ "الكابينيت" قراراً معتدلاً بالنسبة إلى الحكومة الحالية، حين أعلن قبل أيام أن إسرائيل ستعمل على منع انهيار السلطة الفلسطينية. عملياً، الخطة التي يبحثها "الكابينيت" تتضمن تسهيلات محدودة فقط. وأشك فيما إذا كان لديها القدرة على تهدئة الميدان. تصاعُد العنف الفلسطيني في الضفة الغربية تتم تغذيته عبر إقامة المزيد من البؤر الاستيطانية الجديدة، والسياسات الشديدة العدوانية في مجال هدم المنازل الفلسطينية "غير القانونية"، والتي يقودها الوزير بتسلئيل سموتريتش، بالإضافة إلى البوغروم الذي يقوم به المستوطنون في القرى الفلسطينية، انتقاماً من العمليات.
  • هذه الأحداث ندفع ثمنها في العلاقات الحساسة والضرورية مع الولايات المتحدة. مسؤولون إسرائيليون كبار تحدثوا في الآونة الأخيرة مع نظرائهم الأميركيين، وحين طلبوا الحديث عن الدفع بصفقة طائرات التزود بالوقود في الجو التي سيشتريها سلاح الجو، فضّل الأميركيون التركيز على اعتداءات المستوطنين في الضفة وطرح الأسئلة عن قوانين الانقلاب.