الضم العكسي: الضفة تفرض سيادتها على إسرائيل
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- لم يخفِ بنيامين نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف أهداف الانقلاب الذي يدفعون به بتصميم عالٍ منذ انتصارهم في الانتخابات؛ تفكيك إسرائيل، وتركيبها من جديد كدولة قومية دينية تقوم على "كامل مناطق أرض إسرائيل"، ونظام تفوّق يهودي تكون فيه قيمة العرب أقل، وكدولة لديها قوة داخلياً بلا حدود، تستطيع تأبيد السلطة حتى لو تم إجراء الانتخابات. إن اللغة السائدة القانونية التي تغلف خطوات الحكومة وتعابيرها كـ"الحد من حجة المعقولية"، والوعود بأن مؤيدي نتنياهو سيحصلون على الموارد الماديّة والرمزية التي ستتم مصادرتها من "النخب"، ليست سوى عمليّات تضليل لمبادرة بنيامين نتنياهو الحديثة لإقامة ديكتاتورية تقوم على القوة.
- إن نموذج الـ"دولة اليهودية والديكتاتورية"، الذي يقوم نتنياهو بصناعته، لا يحتاج إلى البحث عنه في هنغاريا ولا بولندا ولا تركيا ولا أميركا اللاتينية، على الرغم من تزايد أوجه الشبه بين إسرائيل والأرجنتين على سبيل المثال. لا حاجة إلى الذهاب بعيداً عندما يكون النموذج هنا بجانبنا، في نظام الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
- إن الخطوط الأساسيّة للحكومة الحالية، والاتفاقات الائتلافية بين الأحزاب تلتزم الدفع قدماً بـ"فرض السيادة على الضفة"، استناداً إلى "الحق الطبيعي لشعب إسرائيل على أرض إسرائيل". هذا الالتزام مرتبط باختيار التوقيت الملائم وباعتبار "المصالح القومية والدولية" للدولة، بحسب ما يراه بنيامين نتنياهو. كان الأفضل أن يُكتب أن الضفة ستفرض سيادتها على إسرائيل، وليس العكس. بدلاً من أن يقال إن تل أبيب ستضم يتسهار، يجب القول إن يتسهار ستضم تل أبيب.
- في مناطق السيطرة الإسرائيلية في الضفة وشرق القدس، يتحقق منذ اليوم النظام الذي كان يحلم به نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وآرييه درعي. أولاً وقبل أي شيء، إن المواطنة الإسرائيلية والحق في التصويت في الكنيست وجواز السفر كلّها أمور حصرية لليهود فقط (وحفنة من الفلسطينيين المقدسيين). لا توجد حتى صورة مسعى ظاهري للوصول إلى المساواة. من الواضح هُناك "من الذين يعيشون فوق ومن الذين يعيشون تحت"، و"من هم المواطنون ومن هم الرعايا"، و"من يقف على الحاجز ومن يضغط على دواسة الوقود".
- في دولة الاحتلال، المحاكم هي جزء من منظومة السيطرة، والمحكمة العليا تعمل كلجنة للزينة، وظيفتها إعادة إنتاج القمع بكلمات جميلة. المحكمة العليا نجحت كثيراً في وظيفتها كمكتب "هاسبراه" لـ"السيطرة الحربية"، الاسم الذي يُطلق على الاحتلال في القرارات الصادرة عن المحكمة، حتّى جاءت حكومة اليمين التي تُطالب بنسخ الطريقة إلى داخل الخط الأخضر أيضاً. ياريف ليفين وسيمحا روتمان يريدان أن يكون القضاة جنوداً لدى الحكومة، يعيدون إنتاج الأوامر والبنود التي يمكن تلخيصها بـ"نعم، سيدي رئيس الحكومة"، أو "كما تُريد، وزير الأمن القومي". وإن كان ممكناً من دون المحكمة العليا، فإنه ممكن أيضاً من دون "بتسيلم": في "الاحتلالستان" يتم التعامل مع مؤسسات حقوق الإنسان من قِبل النظام كمؤسسات "إرهابية"، تتم ملاحقتها على هذا الأساس. إن أوامر الاعتقال الإداري من دون محاكمة هي أسلوب سائد وليست استثناء، ويمكن هدم المنازل أيضاً، ومنع العمل وفرض قيود على الحركة للمشتبه بهم وأبناء عائلاتهم الموسّعة. وطبعاً، كل تظاهرة هي إخلال بالنظام العام، وتُقمع بالقوة. هذا هو حلم بنيامين نتنياهو للتعامل مع الفوضويين في شارع كبلان، ومع وزارة العدل وأيضاً أسراب الطيران الحربي.
- وبالنسبة إلى نتنياهو، فإن الضم العكسي لإسرائيل إلى الضفة فيه امتياز مهم؛ صمت "العالم". إدارة بايدن، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، و"أمنستي الدولية" لن يسارعوا في الدفاع عن تل أبيب كما فعلوا في خان الأحمر. إن القانون الدولي لا يمنع الانتحار القومي أو تفكيك البنية الديمقراطية في دولة ما لمصلحة ديكتاتورية دينية. هذه "قضايا داخلية" بين الدولة والمواطنين، وليست قضية "مصالح دولية". وعلى الأرجح، فإن العواصم الغربية ستتذمر قليلاً، لكنها لن توقف قاطرة الانقلاب البيبي.