قالت وكالة "موديز" العالمية للتصنيف الائتماني أمس (الثلاثاء) إن إقرار الكنيست مشروع القانون الذي يلغي حجة المعقولية ويؤدي إلى الحدّ من سلطات المحكمة الإسرائيلية العليا، يشير إلى أن التوترات السياسية سوف تستمر، وستكون لها على الأرجح عواقب سلبية على الوضعَين الاقتصادي والأمني في إسرائيل.
وأضافت الوكالة في تقرير استثنائي صادر عنها بشأن الاقتصاد الإسرائيلي: "إننا نعتقد أن طبيعة المقترحات الحكومية واسعة النطاق يمكن أن تضعف استقلال الجهاز القضائي بصورة جوهرية، وأن تعطل الضوابط والتوازنات الفاعلة بين مختلف فروع السلطة، وهي جوانب مهمة للمؤسسات القوية في الدول الديمقراطية."
ولم يعلن البيان اتخاذ الوكالة أي إجراءات تصنيفية تتعلق بإسرائيل، علماً بأنها كانت قد خفضت التصنيف الائتماني لإسرائيل في نيسان/أبريل الماضي من "إيجابي إلى مستقر" على خلفية تشريعات خطة إصلاح الجهاز القضائي وبعد عام واحد من رفع تدريجها الائتماني إلى إيجابي.
من ناحية أُخرى، أشارت الوكالة في بيانها إلى أن التصعيد الخطر للتوتر مع الفلسطينيين في المناطق [المحتلة] يمكن أن يهدّد العلاقات الآخذة في التطوّر مع دول "اتفاقيات أبراهام" التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربيّة المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، وأن يجعل تحسين العلاقات مع قوى إقليمية أُخرى أكثر صعوبة، في إشارة إلى السعودية.
وأضاف البيان أن بعض مخاوف الوكالة السابقة، فيما يتعلق بتأثير الإصلاحات المقترحة على الاقتصاد الإسرائيلي، بدأ يظهر فعلاً، وكشف عن انخفاض ملموس في الاستثمار الأجنبي في قطاع الهايتك الإسرائيلي، إذ إن هذا القطاع جمع 3.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وهو أدنى رقم منذ سنة 2019.
وأشار البيان إلى أن هناك دلائل تثبت أن إسرائيل آخذة في الانفصال عن اتجاهات الاقتصادات المتطورة في العالم، إذ إن أكثر من 80% من الشركات الناشئة الإسرائيلية الجديدة اختارت التسجيل في الخارج بدلاً من إسرائيل منذ بداية هذا العام مقارنة بـ20% فقط في سنة 2022، وهو تطوّر يعكس حالة عدم اليقين الكبيرة التي أوجدتها خطة إصلاح الجهاز القضائي.
وقال البيان: "إن هذا التطور مثير للقلق بصورة خاصة نظراً إلى أن قطاع الهايتك أصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الإسرائيلي، إذ يمثل نصف إجمالي الصادرات، ونحو 15% من إجمالي الناتج المحلي في سنة 2022. حتى وفقاً لبنك إسرائيل المركزي، يمكن أن تؤدي فترة طويلة من عدم اليقين السياسي المحلي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 0.8% و2.8% سنوياً على مدى ثلاثة أعوام بسبب ارتفاع نسبة المخاطر وضعف الصادرات والاستثمار والاستهلاك الخاص."
وجاء تقرير "موديز" هذا في إثر إعلان بنك "مورغان ستانلي" في وقت سابق أمس خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وبعد تحذيرات وجهها "سيتي بنك" إلى المستثمرين بعد المصادقة على قانون إلغاء حجة المعقولية، وأكد فيها أن الوضع في إسرائيل أصبح أكثر خطورة وتعقيداً.
من جانبه، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في سياق بيان مشترك صدر عنه وعن وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إن اقتصاد إسرائيل قوي وسيواصل النمو. وأضاف أنه عندما يزول الغبار عن خطة الإصلاح الاقتصادي، سيتضح أن اقتصاد إسرائيل قوي جداً.
في المقابل، اعتبر الاتحاد العام لنقابات العمال في إسرائيل [الهستدروت] في بيان صادر عنه أن تقرير "موديز" هو دليل آخر على الثمن الذي تتكبده إسرائيل بسبب أزمتها الداخلية، ليس في الجانب الاجتماعي فقط، بل أيضاً في الجانب الاقتصادي.
وشدد البيان على أن استمرار التشريعات من دون إجماع سيؤدي إلى زيادة التضخم وإضعاف الشيكل، والنتيجة هي أن عدة إسرائيليين سيجدون صعوبة في مواصلة الصرف على معيشتهم حتى نهاية الشهر، ودعا رئيس الحكومة ووزير المال إلى العودة إلى رشدهما وإظهار المسؤولية والوقف الفوري للأضرار التي تلحق بالاقتصاد.
وسبق لشركات التصنيف الائتماني أن حذّرت إسرائيل من أن حالة عدم اليقين وتراجع الاستقرار يمكن أن تدفع كبار المستثمرين إلى الإحجام عن الاستثمار في إسرائيل، ودعت هذه الشركات الحكومة الإسرائيلية إلى العمل على التوصل إلى توافق واسع على التشريعات التي تسعى عن طريقها لإحداث تغييرات واسعة في الجهاز القضائي.