ثلاث ملاحظات لنتنياهو قبل أن يتوصل إلى تسوية مع قبرص

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • من المنتظر أن يقوم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بزيارة إلى قبرص قريباً، وأحد الموضوعات التي سيجري الاتفاق عليها هو حل الخلاف بشأن حقل الغاز "أفروديت" (الصحف تحدثت عن أن شركة "نيو - مد إنيرجي" بدأت أعمال حفر تحضيرية في الحقل، بعد سنوات من الجمود)، العامل الذي أخّر تطوير الحقل حتى الآن هو حجمه المقدّر بـ130 مليار متر مكعب من الغاز (BCM)، ولأن 10% من الحقل موجود في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، في داخل الحقل الذي يسمّى "يشاي" الذي تملك حقوقه إسرائيل. الخلافات بين الدولتين تركزت على مسألة مَن يطور الحقل وكيف. والحل الذي يجري التوصل إليه هو أن تقوم الشركة القبرصية باستخراج الغاز من حقل "يشاي"، وتدفع لإسرائيل حقوقها. في المقابل، أعلنت شركة نيو مد أن الغاز الذي ستستخرجه من الحقل تنوي نقله عبر أنبوب يتوجه من الحقل إلى مصر.
  • ظاهرياً، يبدو أن المقصود إنجاز مهم للطرفين: في إمكان القبارصة استخراج الغاز والحصول على عائدات مالية منه، وستحصل إسرائيل على تعويض مالي عن حصتها من الحقل، كما ستحصل مصر على حصتها مقابل معالجة الغاز. لكن الصورة أكثر تعقيداً، لأن ما يجري الحديث عنه ليس مورداً اقتصادياً فقط. فقد تحولت حقول الغاز إلى مورد استراتيجي تستخدمه الدول كأدوات في سياساتها الخارجية، بدءاً من قطر التي تصدّر الغاز السائل إلى أوروبا، وتحظى باستقبال حار، وصولاً إلى روسيا التي تستخدم غازها الطبيعي لمعاقبة الدول التي تساعد أوكرانيا. من هنا فإن التنازل الطوعي عن السيطرة على حقول الغاز ليس بالأمر الهيّن.
  • حقول الغاز في المياه الاقتصادية الخالصة للدولة تكون خاضعة لسيادتها فيما يتعلق بالتنقيب والتطوير والحماية. هذه الموارد هي أرصدة استراتيجية ويجب استغلالها بأفضل الطرق. حتى عندما ينتقل الامتياز إلى الشركات الخاصة بالطاقة، فإن المقصود عملياً ذراع طويلة للدولة التي تقرر استراتيجية استخدام هذه الحقول. على سبيل المثال، في الحالة اللبنانية، كان الشرط الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق بشأن تطوير حقل "قانا" هو ترسيم نهائي ومتفق عليه للحدود البحرية بين الدولتين. في هذه الحالة، استفادت حكومة لبيد من مواردها في الطاقة، وحققت إنجازاً سياسياً مهماً أمام المجتمع الدولي.
  • بالنسبة إلى حقل "أفروديت"، يبدو أن إسرائيل تستسلم وتتنازل طوعاً عن سيادتها على حصتها من الحقل، من دون مقابل سياسي مهم، إلى جانب الربح المالي الأساسي والمباشر. يجب على إسرائيل استغلال الفرصة وإنهاء الخلاف مع قبرص من خلال الاستفادة من ثلاثة موضوعات.
  • أولاً، الاتفاق الناشىء يمكن أن يتعرض للطعن على المستوى الاستراتيجي من تركيا التي تسيطر على الجزء الشمالي من قبرص، وتعتبر أن "أفروديت" يعود إليها. ومن دون حل الموضوع، يمكن أن تلجأ تركيا في حالات معنية إلى استخدام القوة العسكرية ضد الأعمال القبرصية، وستجد إسرائيل نفسها متورطة في ذلك، لأن الحقل يتسلل إلى أراضيها. يجب تسوية الخلاف مع تركيا وخلق جبهة موحدة لمواجهة التهديدات من جانبها.
  • ثانياً، يجب على إسرائيل استغلال الفرصة من أجل ضم لبنان إلى منتدى غاز شرق المتوسط وتقييده باتفاقات إقليمية. المنتدى الذي أقيم في سنة 2019، هدفه الدفع قدماً بالتعاون الإقليمي في تطوير الغاز الطبيعي، وهو يضم إسرائيل ومصر وقبرص واليونان وإيطاليا وفرنسا والأردن والسلطة الفلسطينية، مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمراقبين. انضمام لبنان إلى المنتدى سيشكل ركيزة أُخرى للاتفاق بينه وبين إسرائيل، وهو لن يقدم له تسهيلات اقتصادية فحسب، بل سيشكل عامل لجم لحزب الله وإيران عندما يريدان تصعيد المواجهة البحرية مع إسرائيل (لأن ذلك سيؤدي إلى خرق الاتفاق الإقليمي مع سائر الدول في المنتدى).
  • ثالثاً، يتعين على إسرائيل المطالبة بأن يشمل الاتفاق تفاهمات مع قبرص ومصر فيما يتعلق بتطوير حقل "غزة - مارين"، الواقع غربي شواطىء غزة. تقع هذه الدول الثلاث على حدود منطقة المياه الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، وحتى الآن، لم ترَ أنه من المناسب الدفع قدماً بالموضوع لأسباب مختلفة. لإسرائيل مصلحة من الدرجة الأولى في خلق أفق اقتصادي - سياسي للقطاع، ومؤخراً، أعلنت قرارها الدفع قدماً بتطوير الحقل. التفاهمات ستخلق حافزاً مهماً للسلطة و"حماس" على التوصل إلى تسوية طويلة الأجل، وإلى هدوء نسبي في المنطقة. يجب استغلال الاتفاق مع قبرص من أجل اتفاقات أساسية، بحيث لا يجري تأجيلها إلى موعد آخر، كالعادة.

لقد كرّر نتنياهو أكثر من مرة أن الحكومة السابقة أعطت لبنان موارد وحقل غاز، وعملياً، أعطتها لحزب الله. حالياً، الحكومة التي يرأسها تسعى لاتفاق يتنازل عن موارد للدولة من دون مقابل مناسب. إن محاولة اعتبار "أفروديت" مسألة اقتصادية فقط بين شركات طاقة هو جهل في المجال البحري الإسرائيلي ومساهمته في أمنها وحصانتها. يجب استغلال التقدم في المفاوضات من أجل الدفع قدماً بمصالح استراتيجية وإقليمية مهمة.