نصر الله يظن أنه محصّن، لكن للجيش الإسرائيلي خطط أُخرى له
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • لدى الإيرانيين وحزب الله رغبة قوية لا يستطيعون السيطرة عليها في إذلال إسرائيل، من دون أن يدفعوا الثمن. يعتقد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنه يعرف إسرائيل جيداً، ولذلك يستطيع أكثر من الآخرين استغلال الأزمة الداخلية من أجل استفزازها وإذلالها، مع المخاطرة بنشوب عدة أيام من القتال لا أكثر.
  • لقد طوّر نصر الله عادة تمكّنه من إعلان انتصاره وانتصار عناصره في نهاية عدة أيام من القتال لأنها تسببت بدمار وخسائر للطرف الإسرائيلي، وربما سيتكبد هو ورجاله ولبنان عدداً من القتلى والجرحى، وسيُدمَّر عدد من المنازل في الجنوب، وهذا ثمن يمكن تحمّله بالنسبة إليه. وعلى عكس ردات الفعل الإسرائيلية التي تضخم الدمار عندنا، نصر الله يعزز صورته بصفته "درع لبنان".
  • ليس من مصلحة إسرائيل أن تكون ألعوبة بين يدي نصر الله في الوقت الراهن، ولا مصلحة للجيش في تكبّد خسائر وتضييع عتاد وشرعية دولية من أجل أيام من القتال لا قيمة لها، لأن الوضع سيعود إلى ما كان عليه. يريد الجيش استكمال بناء العائق الهندسي الذي يقيمه على الحدود مع لبنان من أجل عرقلة هجوم بري تشنه قوة الرضوان، الوحدة البرية الخاصة في حزب الله.
  • يوجد آلاف العناصر من قوة الرضوان على الحدود، وهم يتدربون على احتلال مستوطنات وتقاطُع طرق مهمة في الجانب الإسرائيلي لدى نشوب مواجهة كبيرة. إسرائيل ليست معنية بنشوب حرب شاملة في الصيف، بينما الأولاد في عطلة، والناس يخيمون في الطبيعة، والعديد من عناصر الاحتياط موجود خارج إسرائيل. سبب آخر مهم لعدم رغبة إسرائيل في التورط في أيام من القتال مع حزب الله، هو أن الكثيرين من عناصر الاحتياط فقدوا الثقة بقرارات المستوى السياسي في موضوعات أمنية بسبب الأزمة السياسية الناشئة جرّاء انقلاب الائتلاف على النظام، وتركيبة المجلس الوزاري الأمني المصغر، إذ إن معظم أعضائه من دون أي خبرة في شؤون الجيش والأمن.
  • يريد الجيش الإسرائيلي اختيار التوقيت الذي سيوجه فيه ضربة قوية إلى حزب الله في كل الأراضي اللبنانية، تلحق ضرراً كبيراً، ليس في قوته العسكرية وقدرته على إيذاء إسرائيل بواسطة ترسانته الصاروخية وقوة الرضوان فقط، بل أيضاً تحرم إيران ذراعها في لبنان، أو إمكانية توجيه "ضربة ثانية"، إذا هاجمت إسرائيل منشآتها النووية. وهذا ما عناه البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة أمس، بعد نقاش أمني قرر خلاله رئيس الحكومة تبنّي اقتراحات الجيش الإسرائيلي بشأن كيفية معالجة استفزازات حزب الله على الحدود مع إسرائيل.
  • لكن يجب علينا أن نفهم الرواية الاستراتيجية وراء التوترات الحالية المتزايدة على الحدود الشمالية. يوجد بين لبنان وإسرائيل ردع متبادل. وهذا ليس جديداً، لكن نصر الله يقدّر أنه نجح مؤخراً في زيادة تهديده لإسرائيل، وبالتالي تعزيز ردعه حيالها وزيادة "مجال الحصانة" الذي يتمتع به. لذلك، ازدادت ثقة نصر الله بنفسه. وهذا يعود إلى عدد الراجمات والصواريخ والمسيّرات التي راكمها، وخصوصاً أن المئات منها دقيقة، ويمكن أن تتسبب بضرر كبير لمنشآت البنى التحتية العسكرية والمدنية في إسرائيل، إذا نشبت الحرب.
  • سبب آخر لثقة نصر الله بنفسه هو وجود قوة الرضوان على الحدود مع إسرائيل. يبرز من خلال تفاخُر نصر الله في خطاباته الأخيرة اعتقاده أنه قادر على تحقيق إنجاز على صعيد الوعي، إذا نشبت معركة كبيرة مع إسرائيل، عبر احتلال مستوطنة على الحدود الإسرائيلية، أو موقع عسكري، أو الاحتفاظ بمدنيين كرهائن. السبب الثالث لازدياد جرأة نصر الله اعتقاده أن إسرائيل ضعيفة، وقد ترتكب أخطاء بسبب الانقلاب القضائي وردات فعل الاحتياطيين ستضر، في رأيه، بكفاءة الجيش وتماسُكه.
  • يجب ألّا نخطىء. نصر الله لا يريد حرباً، والإيرانيون منعوه من التورط في حرب شاملة سيخسر فيها أرصدته العسكرية والمدنية، بدلاً من مساعدة إيران عندما تهاجم إسرائيل منشآتها النووية، وعندما تكون إيران بحاجة إلى هذه المساعدة. نصر الله أيضاً يضع مصلحة الدولة اللبنانية في مرتبة عالية كما يدّعي أنه لبناني ولا يخدم إيران، وهو يعلم بأن الوضع في لبنان لا يسمح له حالياً بالتعرض للدمار والخسائر نتيجة مواجهة كبيرة مع إسرائيل. وهو يعلم أيضاً بأنه إذا نفّذ الجيش الإسرائيلي خططه العملانية في معركة شاملة في لبنان، فإن الطائفة الشيعية المؤيدة له هي التي ستتضرر كثيراً.
  • لكن نصر الله يعتقد أن ازدياد قوة حزب الله والأزمة في إسرائيل يمنحانه "مجالاً من الحصانة" كبيراً، وضمن هذا المجال، يستطيع القيام باستفزازات كما يشاء، والمخاطرة بأيام من القتال لا أكثر، في تقديره، ويعزز مكانة حزب الله بصفته "درع لبنان". نصر الله بحاجة إلى هذا الدعم السياسي لأن أغلبية المواطنين اللبنانيين يتهمون حزب الله بالمسؤولية عن الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي فككت أوصال الدولة اللبنانية.
  • الهدف الثاني للاستفزازات اللبنانية هو عرقلة أعمال الجيش والدولة في بناء العائق الهندسي على طول الحدود. هذا المشروع يقلق كثيراً عناصر قوة الرضوان التي تريد عرقلة الأعمال.
  • في مواجهة هذا كله، يقترح الجيش على المستوى السياسي عدم الانجرار وراء الاستفزازات على الحدود التي لا تمس جسدياً الأمن أو سيادة دولة إسرائيل. لقد ارتكب الجيش عدة أخطاء عندما لم يرد بالسرعة المطلوبة على نصب الخيام على مسافة عشرات الأمتار داخل الأراضي الإسرائيلية في مزارع شبعا، وعلى سرقة كاميرات السياج الحدودي بالقرب من المطلة.  تأجيل الرد واللجوء إلى القناة الدبلوماسية في الحالتين كان خطأ. كان من الممكن حل المسألتين بواسطة رد رادع سريع وحازم منذ البداية.
  • ليس لدى الطرفين مصلحة في تصعيد كبير، لكن هذا التصعيد يمكن أن يحدث نتيجة تعقّد الاستفزازات من طرف حزب الله وردّ الجيش عليها، أو نتيجة تقدير غير صحيح لنيات الخصم. لذلك، على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً، وأن يحرص، إذا حدثت مواجهة كبيرة مع حزب الله، على ألاّ ينتهي القتال إلاّ بعد تعرّض حزب الله ولبنان كله لأضرار جسيمة تشلّه لفترة طويلة. وهذا يخدم أيضاً المواجهة الكبيرة مع إيران التي ستخسر ورقة عسكرية مهمة. الآن، وبينما تشجع إيران نصر الله على إذلال إسرائيل وإضعافها، لأنها تريد، من بين أمور أُخرى، التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، لكنها لا تريد أن توقف أنشطتها ضد إسرائيل من أجل هذا الغرض.